03-مايو-2024
تتواصل مفاوضات صفقة التبادل، التي تسعى الولايات المتحدة إلى إنجازها بأسرع وقت ممكن، بحيث تتمكن من تحقيق تبادل للأسرى، وأخذ مهلة جديدة من "التهديد" الإسرائيلي بالهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

(Getty) نتنياهو يبحث عن صفقة تبادل بشروطه فقط

تتواصل مفاوضات صفقة التبادل، التي تسعى الولايات المتحدة إلى إنجازها بأسرع وقت ممكن، بحيث تتمكن من تحقيق تبادل للأسرى، وأخذ مهلة جديدة من "التهديد" الإسرائيلي بالهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

في الوقت نفسه، أكدت حركة حماس أن وفدها سيزور مصر لإجراء مزيد من محادثات وقف إطلاق النار في حرب غزة. 

وأجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، حيث بحثا آخر تطورات المفاوضات بشأن وقف العدوان على غزة. مؤكدًا على "الروح الإيجابية عند الحركة في دراسة مقترح وقف إطلاق النار الذي تسلمته مؤخرًا".

تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذ صفقة تبادل، تساهم في التقليل من الضغوط الداخلية والخارجية عليها

وفي سياق آخر، أجرى رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، اتصالًا هاتفيًا، مع وزير المخابرات المصرية عباس كامل بشأن مفاوضات وقف العدوان على غزة. وأكد على قدوم وفد الحركة للمفاوضات لمصر في أقرب وقت، وذلك لاستكمال المباحثات الجارية بهدف "إنضاج اتفاق يحقق مطالب شعبنا ويوقف العدوان".

وفي سياق متصل، أكد مصدر مصري مطلع على الوساطة لـ"العربي الجديد"، حدوث ما وصفها بـ"تطورات" في المفاوضات غير المباشرة الجارية في الوقت الراهن بشأن الورقة الجديدة المطروحة، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وصفقة تبادل أسرى.

وقال المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الساعات الماضية شهدت نشاطًا مكثفًا على صعيد الاتصالات بين المسؤولين المصريين وقيادة حركة حماس من جهة، والمسؤولين في حكومة الاحتلال من جهة أخرى، حيث جرى حسم بعض النقاط الخلافية".

وأشار المصدر إلى أنّ "الجهود لا تزال متواصلة لحسم القضية الرئيسية المتعلقة بإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، والتي لا يزال هناك تباين بشأنها في وقت تتمسك الحكومة الإسرائيلية بشن عملية عسكرية موسعة في مدينة رفح الفلسطينية". 

وشدد المصدر على أنّ "الاتصالات خلال الساعات الماضية، مع طرفي الأزمة، أسفرت عن التوصل لصياغات مرضية في ما يتعلّق بمسألة الانسحاب التدريجي من غزة، وعودة النازحين إلى مناطق شمال القطاع".

وكشف المصدر عن "طرح عدة بدائل في الوقت الحالي أمام الحكومة الإسرائيلية، يمكن من خلالها تهدئة المخاوف المتعلقة بقوات حماس جنوبي قطاع غزة ورفح، وكذلك تضمن للجانب الإسرائيلي تأمين المنطقة الحدودية بما يمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع".

من جانبه، أكد مصدر قيادي في حركة حماس أنّ الحركة "متمسّكة بموقفها الخاص بوقف إطلاق النار"، موضحًا أنه "حتى لو كانت الورقة الحالية تحمل تراجعًا ولو شكليًا من جانب الاحتلال بشأن بعض القضايا الخلافية، إلا أنّ المبدأ الرئيسي المتمثل في إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، لم يتم التوصل لاتفاق بشأنه".

وشدد على أنّ "عدم حسم هذا الأمر لن يقود لاتفاق". وأوضح القيادي في حماس أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال، القبول باتفاق لا ينهي الحرب أو يسمح بمواصلة الاحتلال في سفك الدماء الفلسطينية".

مجددًا حذرت الولايات المتحدة إسرائيل من القيام بأي عملية في رفح لا تحمي المدنيين الفلسطينيين، مشددة على أنها قد تغير سياستها في غزة ردًا على مثل هذه الخطوة.

وقال جون كيربي، مستشار اتصالات الأمن القومي الأمريكي، للصحفيين يوم الخميس: "أعتقد أن القادة الإسرائيليين يفهمون جيدًا وجهة نظر الرئيس [جو] بايدن بشأن عملية رفح".

وأوضح كيربي: "أعتقد أنهم يفهمون جيدًا صدق الرئيس بايدن عندما يتحدث عن إمكانية إجراء تغييرات على سياستنا تجاه غزة، إذا مضوا قدمًا في نوع من العملية البرية في رفح، والتي مرة أخرى، لا تأخذ اللاجئين في الاعتبار". 

وقد أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هذه النقاط خلال زيارته للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع عندما توقف في المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل.

وقال بلينكن للصحفيين في أسدود إن الولايات المتحدة لم تر بعد خطة قابلة للتطبيق لعملية رفح من شأنها حماية المدنيين الفلسطينيين.

وكرر هذه النقاط في مقابلة مع شبكة إن بي سي، مشيرًا إلى أن موقف إدارة بايدن "كان واضحًا – لم يتغير؛ لن يتغير". مضيفًا: "لا يمكننا ولن ندعم عملية عسكرية كبيرة في رفح في غياب خطة واضحة وذات مصداقية لحماية المدنيين". وأوضح بلينكن: "لم نر مثل هذه الخطة. هناك أيضًا طرق أفضل للقيام بما يتعين على إسرائيل القيام به فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلة حماس المتبقية. لقد تحدثنا عن ذلك معهم. لقد اتفقنا على أن تلك المحادثات ستستمر".

ولم يبدُ نتنياهو يوم الخميس قلقًا من تحذيرات إدارة بايدن. وتعهد بتنفيذ عملية عسكرية في رفح، وقال نتنياهو خلال خطاب عام: "كانت هناك اختلافات في الرأي بيننا حول العمليات في الساحات القريبة والبعيدة".

وأضاف: "لكن في نهاية المناقشة اتخذت قرارًا وتم قبول القرار. لقد اتخذنا إجراءات هناك واتخذنا إجراءات هنا أيضًا".

وقال نتنياهو قبل اجتماع مجلس الوزراء الحربي والمجلس الوزاري المصغر: "سنفعل كل ما هو ضروري للفوز والتغلب على أعدائنا، بما في ذلك في رفح".

نتنياهو لا يكترث

وقال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "بينما يطول انتظار رد صانع القرار الحقيقي يحيى السنوار، فمن الأفضل عدم تطوير توقعات مضخمة هذه المرة أيضًا"، ورغم عدم صدور أي رد رسمي من حركة حماس، إلّا أن عدة قادة من الحركة لمحوا إلى أنه "وراء الاقتراح الأخير مخطط إسرائيلي". مضيفًا: "فقط خطوة مفاجئة من السنوار، أي رد فعل إيجابي تمامًا وليس رفضه كليًا أو جزئيًا، يمكن أن يحقق اختراقًا في هذا الوقت. وبدون ذلك ستستمر الحرب ولن تنجح الولايات المتحدة في فرض صفقة عليه وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يبدو غير مهتم بالصفقة في ظل الشروط المطروحة".

وأشار إلى أن اقتراح صفقة التبادل "يحتوي على العديد من الصيغ المقعدة والفرعية"، موضحًا: "الانتقال بين المرحلة الأولى، وهي ذات طبيعة إنسانية، والتي سيتم فيها إطلاق سراح بعض الرهائن (كبار السن والنساء والمرضى والجرحى)، والمرحلة الثانية، حيث سيتم إطلاق سراح الباقين جميعًا، هو على ما يبدو ليس مضمونا بما فيه الكفاية ليناسب السنوار".

وأوضح هارئيل أن الوصول إلى وقف إطلاق نار "أمر لا يستطيع نتنياهو تقديمه، على الأقل الآن، لأن الموافقة عليها يعني التخلي عن أهدافه المعلنة في الحرب وخلق خطر سياسي كبير من اليمين".

وأشار هارئيل إلى أن "نتنياهو يريد التوصل إلى اتفاق، ولكن بشروطه. كما في النكتة القديمة، رئيس الوزراء يبحث عن قرض بدون فوائد، بدون دفعات وبدون إعادة الأموال. ومع ذلك، في الوقت الراهن لا يوجد مثل هذه الصفقة المتاحة". واستمر في القول: "لقد حقق السنوار إنجازين كبيرين: السيطرة مستوطنات النقب الغربي ليوم كامل تقريبًا، وتغيير الأجندة الإقليمية بوضع القضية الفلسطينية على رأسها (وفي هذه الأثناء ينعم بتوهج إنجاز ثالث: الاحتجاجات في الجامعات الأميركية)".

وأوضح هارئيل: "بالنسبة للسنوار، الأسرى الإسرائيليون هم الأداة الأكثر فعالية للحصول على ما يريد. وعليه، لا ينبغي توقع أي لفتات سخية في المستقبل، دون أن يحصل السنوار على ما يعتبره ثمنًا مناسبًا".

رفح.. أزمة دائمة

وذكر المعلق العسكري في "هآرتس" بتصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذا الأسبوع عن الاقتراح المصري ووصفه بأنه "سخي للغاية" بالنسبة لحماس، و"حاول وضع الكرة في ملعب السنوار". مشيرًا إلى أنه في الوقت نفسه قال إن "الولايات المتحدة لن تمد يد المساعدة لعملية إسرائيلية واسعة في رفح".

وأضاف هارئيل: "يدرك الجناح اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو أيضًا الواقع الذي نشأ، ولذا فهو يضغط على رئيس الوزراء من أجل احتلال رفح بالفعل الآن. صفقة التبادل على مرحلتين ستضع الاتصالات على المسار الصحيح وتجعل من الصعب على إسرائيل تغيير المسار مرة أخرى والدخول إلى رفح بكل قوتها. لم يعد الرئيس الأمريكي جو بايدن صبورًا كما كان في كانون الأول/ديسمبر".

واستمر في القول: "في هذه الأثناء، يتضخم وضع رفح إلى حد ستالينغراد الفلسطينية. الصعوبة الأساسية لا تكمن في قوة حماس في المدينة. ولا تزال هناك أربع كتائب، وهي ليست الأقوى في التنظيم. المشكلة الكبرى تكمن في المدنيين الذين يزيد عددهم على مليون نسمة والذين ما زالوا مكتظين في رفح. وهذا ما يقلق واشنطن، إذ تريد الولايات المتحدة ضمان إجلاء منظم لهؤلاء السكان. نتنياهو ملتزم بالفعل بالدخول نتيجة وعوده العلنية والضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير".

متابعًا القول: "الجيش الإسرائيلي قادر على احتلال رفح. والسؤال هو ما الذي سيحققه بهذا. قال غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي لنتنياهو إن اجتياح رفح سيؤدي إلى تفكيك الكتائب والبنية التحتية للمنظمة، لكنه لن يحقق ’النصر الكامل’ على حماس الذي وعد الجمهور به".

وتابع هارئيل شارحًا موقفه من العدوان على رفح، قائلًا: "في غضون ذلك، ستعمل حماس على إعادة تأهيل قدراتها العسكرية والحكومية في أجزاء أخرى من القطاع. وفي غضون بضعة أشهر، بعد احتلال رفح، سنعود إلى المربع الأول: حماس محطمة ولكنها نشطة، مع عدم وجود بديل آخر للحكم في غزة. وبناء على ذلك، يقترح الجيش محاولة عقد صفقة تبادل ومن ثم طرح إمكانية الدخول إلى رفح. وكل الجهود التي بذلها الجيش الإسرائيلي لبدء مناقشة استراتيجية حول هذا الموضوع في مجلس الوزراء الحربي ومجلس الوزراء الأمني ​​قد تم إعاقتها من أعلى".

وواصل القول: "في غياب التوصل إلى اتفاق، وفي ضوء المعارضة الأميركية، فإن العملية في رفح قد تكون محدودة أكثر مما يتصور الناس".

وفي مقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت في "هآرتس": "لا يجوز جعل مسار الحرب وأولوياتها خاضعة لاحتياجات نتنياهو الشخصية"، مضيفًا: "في بداية المناورة البرية في غزة، وضع رئيس الوزراء هدفًا غير واقعي، لا سبيل لتحقيقه ولا سبيل إلى قياسه. لقد فعل بنيامين نتنياهو ذلك، حسب فهمي، لأسباب تآمرية دنيئة لا يمكن إخفاؤها. كان يعلم أن الحديث عن ’النصر الكامل’ على حماس كان شعارًا فارغًا. لن يكون هناك مثل هذا النصر. وفي غيابه، يمكنه دائماً إلقاء اللوم على الجيش لعدم إنجازه".

وأضاف: "هناك هدف واحد لم نحققه بعد، وهو إطلاق سراح الرهائن. ولم يكن هذا الهدف في مركز اهتمام نتنياهو منذ البداية، ويبدو أنه أحبط عدة فرص لتوسيع التفاهمات التي تم التوصل إليها بين إسرائيل وحماس والمضي قدمًا نحو صفقة شاملة من شأنها إطلاق سراح جميع الرهائن. إن رفح ليس هدفًا حاسمًا من شأنه أن يقرر نتيجة الحرب".

وتابع قائلًا: "على الرغم من صعوبة قبول ذلك عاطفيًا، بل ويكاد يكون من المستحيل قبوله، فمن المهم أن نفهم أن إسرائيل لن تخرج منتصرة من هذه المواجهة. إن الحديث المتبجح عن ’النصر الكامل’ يعكس الغباء والغطرسة".

واستمر في القول: "لقد توقف نتنياهو منذ فترة طويلة عن التفكير فيما هو الأفضل لإسرائيل ومستقبلها ومصالحها الاستراتيجية". مضيفًا: "نتنياهو يعيش في فقاعة معزولة عن الواقع".

أوضح هارئيل أن الوصول إلى وقف إطلاق نار "أمر لا يستطيع نتنياهو تقديمه، على الأقل الآن، لأن الموافقة عليها يعني التخلي عن أهدافه المعلنة في الحرب وخلق خطر سياسي كبير من اليمين"

وتابع أولمرت: "لقد وصلنا إلى مرحلة الحسم: هل نتجه نحو صفقة إنقاذ الرهائن أم نندفع بسرعة جنونية نحو الارتطام في أطراف رفح؟"، متابعًا القول: "إن الاستيلاء على رفح ليس له أي أهمية استراتيجية فيما يتعلق بالمصالح الحيوية لإسرائيل. نتنياهو يفهم ذلك، كما يفهمه بعض كبار ضباط الجيش والضباط المتقاعدين. وربما كان تدمير أربع كتائب إضافية تابعة لحماس هو التحرك الصحيح لو تم فصله عن السياق الأوسع للأحداث. لكن مثل هذه المناورة ستستغرق أشهرًا وستؤدي إلى سقوط العديد من القتلى بين جنودنا، وتقتل الآلاف من الفلسطينيين غير المتورطين وتسحق ما تبقى من سمعة إسرائيل الدولية".

وتابع بالحديث عن انعكاس الهجوم على رفح، قائلًا إن من "شأنه أن يكثف المظاهرات في كل حرم جامعي في أميركا وفي جميع أنحاء العالم ويؤدي إلى إصدار مذكرات اعتقال ضد القادة الإسرائيليين والجنود المقاتلين. والأهم من ذلك كله، أنه سيعرض الرهائن لخطر داهم. إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تشكل تهورًا إجراميًا من قبل مجموعة من الأشخاص، بقيادة نتنياهو، المستعدين لتحطيم أسس وجودنا لمجرد الاستمرار في التمسك بالسلطة".

وختم في القول: "الإجماع بين الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين هو أن الدافع الوحيد لتوسيع الحملة العسكرية وغزو رفح ليس ما هو مناسب لإسرائيل، بل جزء من قرار مخطط له للتضحية بحياة الرهائن من أجل الحفاظ على الحياة السياسية للرجل الذي يواصل دفع إسرائيل إلى الهاوية. لقد حان الوقت لوقف نتنياهو وحكومة بن غفير وسموتريتش. لقد حان الوقت لإغراق الشوارع بملايين المعارضين الحازمين لمحاصرة مجموعة الخارجين عن القانون التي تقود إسرائيل إلى الانهيار وإيقافهم، قبل فوات الأوان".