خلق الفنانون التشكيليون اليمنيون من الشارع ساحة لعرض رسوماتهم ومواهبهم، ولنقلِ مأساة الحرب والفقر وانتشار الأوبئة في البلاد، وكون الشارع هو ساحة للثورة والتظاهر والاعتصام والمطالبات المدنية، فهو أيضًا ساحة لعرض المواهب والإبداعات.
لجأ الفنانون اليمنيون إلى فن الشارع بوصفه فنًّا للتعبير عن الإنسان، وعمّا يحيط بهم من الموت والحرب
لجأ الفنانون اليمنيون إلى فن الشارع بوصفه فنًّا للتعبير عن الإنسان، وعمّا يحيط بهم من الموت والحرب، ولأجل المطالبة بالسلام، متخلصين من مشقة من عزلة الفن في الغرف المغلقة، ذاهبين إلى مشاركة الناس همومهم وأحزانهم وقضاياهم، ورافعين رسالتهم السامية المطالبة بإيقاف زحف الحرب والدمار على الأرواح.
اقرأ/ي أيضًا: غرافيتي الجزائر.. لم يتبق إلا الجدران
العشرات من الرسومات الجدارية على جدران العاصمة صنعاء تبنتْ قضايا المعتقلين والمخفيين قسرًا، وكذلك ضحايا القصف وحرية التعبير وانتشار وباء الكوليرا، والعنف ضد المرأة ومعاناة أخرى يكابدها الشارع اليمني.
"فن الشارع " هو كافة الفنون التي تجعل من الشارع ساحتها ومعرضها الدائم، ويكون المجتمع جمهورها، ويضم فيه الغرافيتي، وأيضًا راقصي وفناني الهيب هوب، وعازفي الموسيقى المتجولين.
"إلغاء إحتكار الفن على فئة معينة، حيث نرسم في الشارع ليتلقى هذا الفن كل فئات المجتمع"، هو ما دفع ذو يزن العلوي للتوجه بريشته نحو الجدران في شوارع العاصمة صنعاء.
"يساندك الشارع بأكمله إذا تبنيت قضية سامية وناقشتها مع جميع فئات المجتمع، في مناهضتك للحرب وللوضع المآسوي، وانتقاداتك للمارسات السياسية الخاطئة، فللشارع سياساته وقوانينه"، يقول العلوي لـ "ألترا صوت".
فالرسم على الجدران يتبنى قضايا الناس ومشكلاتهم، وينتقد كل ما هو موجود، لأنه حر غير مرهون بأي قيد أو إكراه، كما يؤكّد محدّثنا.
إذا كان الرسم في اللوحات يعبر عمّا يوجد داخل الإنسان ومكنوناته، فالرسم على جدران المنازل وأسوار المدارس والمباني الحكومية، يختلف جوهريًا عنه.
تصل الرسوم على الجدران إلى قلوب الناس أكثر وتحقق تفاعلًا أكبر، نظرًا لقوة الفن غير العادية حين يقوم بالتعبير عن القضايا المختلفة، ويُسهم عبر الألوان والأفكار في جعل المتضررين من الحرب يجدون وسيلة التعبير الملائمة للحديث عما جرى لهم، بطريقة تواسي خسارتهم الفادحة، وتضيء على معاناتهم، وتخفّف من حزنهم وخوفهم.
مراد سبيع من أوائل فناني الشارع في اليمن. فقد أطلق أول حملة فنية في 2012 اسمها "لوّن جدار شارعك"، وبعدها حملة "الجدران تتذكر وجوههم" التي رسم فيها 102 من وجوه المختفين قسريًّا.
عدة حملات نفّذها الفنانان ذي ين العلوي، إلى جانب هيفاء سبيع وآخرين، للرسم في شوارع صنعاء، بمشاركة آخرين، منها حملة كاريكاتير الشارع التي تبنت عدة قضايا مثل "رفع أسعار المشتقات النفطية"، و"الإرهاب وتمزيق اليمن سياسيًّا وإستراتيجيًا"، وحملة "جرعة فن وحياة" التي نتج عنه رسم 21 وجهًا لفنان يمني من رموز الغناء في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك جدارية حرب في العالم، وجداريات عن سوء التغذية عند الأطفال، وجداريات عن المجاعة وانتشار الأوبئة وضحايا صامتون.
تصل رسومات الجدران إلى قلوب الناس أكثر وتحقق تفاعلًا أكبر، نظرًا لقوة الفن غير العادية
وعن الصعوبات التي يواجهها الفنانون فهم يرون أن الحرب هي أكبر عائق، سواء مما تنتجه من آثار مادية ومعنوية، أو من تضييق لأفق الحياة وتهديد مستقبل الإنسان، والتفاعل السلبي من قبل البعض في الشارع.
اقرأ/ي أيضًا: شارع محمد محمود اليوم.. محاولات طمس الهوية
ثمة حملات عديدة قادمة يسعى الفنانون إلى تحقيقها، ستكون لأجل الإنسان والسلام والتعايش والحب، وطموحهم أن تصل رسائلهم الى صناع القرار كي يعم السلام في اليمن، وأن لا يروا ضحايا أخرى تعاني، ولكي تنتهي الصراعات بمختلف آثارها في هذا العالم.
اقرأ/ي أيضًا: