قد لا يستفز النوع الذي ينتمي إليه فيلم "المذنب"(The Guilty)، لمخرجه أنطوان فوكوا، مشاعر المشاهدين في بعض الأحيان. لكن هذا الفيلم تحديدًا استفز مشاعر الكثير من مشاهديه، إذ اختار كاتبه نيك بيزولاتو من غرفة طوارئ إطارًا لحكايته التي تدور حول ضابط شرطة يعمل في مركز اتصالات الطوارئ (911)، حيث يتلقى المكالمات الطارئة عن حالات وأحداث خطيرة مثل الحرائق التي ستكون جزءًا أساسيًا من الحكاية.
تتمحور أحداث الفيلم حول ضابط الشرطة "جو بايلور" (جيك جيلنهال) الذي يتلقى اتصالًا بعد منتصف الليل من امرأة تقول إنها خُطفت، وتطلب منه أن يُساعدها هي وطفليها اللذان بقيا في البيت. وبعد إغلاق الهاتف، بدأ جو بجمع الأدلة المترامية إلى أن توصل من خلال ما جمعه من بيانات أولية عن المرأة، وشهادة ابنتها التي أمدته ببعض المعلومات، إلى هوية الخاطف. فبعد جمعه ما يكفي من المعلومات، وربطه الأحداث ببعضها، توصل جو إلى أن زوج تلك المرأة التي تُدعى "إميلي" (رايلى كيو) هو من خطفها ويحاول قتل طفلهما، خصوصًا أن للزوج سجل إجرامي سابق وجد فيه جو دليلًا قاطعًا لإدانته.
يُقدّم لنا الفيلم العديد من الرسائل المهمة حول ضرورة اعتراف المخطئين بأخطائهم، وعدم التعامل مع الحالات الطارئة بالطريق التقليدية دائمًا
لكننا مع الوصول إلى نهاية الفيلم، نجد أنفسنا في متاهة يصعب الخروج منها، إذ نكتشف بأن المذنب الحقيقي ليس زوج إميلي بعد اعترافها لجو، بطريقة غير مباشرة، بأنها هي من قتلت ابنها في نوبة من نوبات مرضها النفسي، ويتضح من حديثها بأن زوجها أراد إنقاذها من نفسها عبر إعادتها إلى المصحة العقلية، لكنها هربت بعد ضربه على رأسه.
في هذه الأثناء، وبينما تحاول إميلي الانتحار من فوق أحد الجسور، يعترف لها جو بأنه قتل شابًا يبلغ من العمر 19 عامًا وينهار باكيًا حينها. وبعد إنقاذ الشرطة لإميلي، يدخل جو في حالة انهيار على الرضيع الذي كان يعتقد بأنه توفّي، لكنه تلقى حينها اتصالًا من أحد زملائه أخبره فيه بأنه تم إنقاذ الرضيع، وحالته الآن مستقرة. حينها، وتحت تأثير مأساة قصة إميلي، قرر جو الاعتراف بجريمته أمام القضاء.
يُقدّم لنا الفيلم العديد من الرسائل المهمة حول ضرورة اعتراف المخطئين بأخطائهم، وأنه لا يجب التعامل مع الحالات الطارئة بالطريقة التقليدية دائمًا، فقد يكون المتصل هو المذنب والمجرم إذا صح التعبير، فالإبلاغ عن حالة طارئة سياسة تمارسها أحيانًا بعض الشخصيات التي قد تكون مصابة بمرضٍ ما يؤثر على طريقة تفكيرها.
"المذنب" فيلم أمريكي مقتبس من فيلم دنماركي صدر عام 2018 ويحمل العنوان نفسه، لكنه يختلف عنه في بعض الأحداث والتفاصيل، أهمها إنقاذ الرضيع الذي يموت في النسخة الدنماركية من الفيلم الذي تختصر هذه الجملة حكايته: الأشخاص التعساء هم فقط من يستطيعون إنقاذ التعساء مثلهم.
يجمع الفيلم، وبحسب النقّاد، بين الإثارة والجريمة والدراما، وقد حصل على تقييم 6.3 على موقع "imdb"، وأثار اهتمام المشاهدين والعديد من الإعلاميين. كما أنه احتاج إلى عدد قليل فقط من الممثلين، أبرزهم أدريان مارتينيز، وكريستينا فيدال، وبطله جيك جيلنهال.