بوسعنا أن نقول إن فيلم Celine and Julie Go Boating عظيم جدًا، بل ربما يكون واحداً من أعظم التجارب السينمائية التي ستمر عليك. لكنه في الوقت ذاته فيلم تافه وهزيل. هو فيلم عبقري وفي الوقت ذاته فيلم مجنون. فيلم ستخرج منه بكل شيء وفي نفس الوقت سيسلب منك كل شيء. هو فيلم سيفكك ويعريك ويتركك هكذا في "حيص بيص" لا تعرف رأسك من رجليك!
جاك ريفيت، مخرج فيلم Celine and Julie Go Boating، هو مخرج فرنسي كبير، كان من ضمن المجموعة التي بدأت الموجة الفرنسية الجديدة في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات
جاك ريفيت –مخرج فيلم Celine and Julie Go Boating - مخرج فرنسي كبير، كان من ضمن المجموعة التي بدأت الموجة الفرنسية الجديدة في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات. وبرغم أن المجموعة بدأت مع بعضها تكتب وتخرج وتمثل الأفلام معًا إلا أن كل واحد منها أخذ طريقًا مختلفًا بعد ذلك، لكنهم اشتركوا جميعًا في عنصر مهم ألا وهو التجريب.
فمثلًا جان لوك جودار كان يجرب في كل شيء، في طريقة السرد، في الإخراج، في التصوير، في متن القصة أصلًا، أما جاك ريفيت فكان تجريبه مختلفًا، كان تجريبه "غريبًا" بمعنى أدق. لقد كان جاك ريفيت من أرض مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: دارين أرنوفسكي: كنت أتمنى أن أكون أكثر تحكمًا
كتبت مقالًا سابقًا عن فيلم جاك ريفيت العظيم "The Beautiful Troublemaker" وكيف ناقش قضية استعباد الفن للفنان وسيطرته عليه. فكان الفيلم واقعيًا تمامًا ولكن في نفس الوقت يحمل لمحة ضبابية كأنك تشاهد أسطورة خيالية.
يبدأ فيلم Celine and Julie Go Boating بداية غريبة ستجعلك تقول: ما هذا العبث؟ جولي جالسة في حديقة تقرأ كتابًا عن السحر بينما سيلين تسقط بعض الأشياء وترحل. تلاحق جولي سيلين لمدة عشر دقائق تقريبًا في مشاهد كاريكاتورية حتى تختفي سيلين، وبعد ذلك نجد سيلين تلاحق جولي ثم تصبح الفتاتين أصدقاء، هكذا!
جولي تعمل في مكتبة وتهتم بالسحر، وقراءة ورق التاروت، أما سيلين فتعمل ساحرة في ناد ليلي وطوال الوقت تلهو وتلعب –لعبت دورها الجميلة جوليت بيرتو- فلا يمكنك أن تأخذها على محمل الجد –مثلما لا يمكنك أن تأخذ جوليت بيرتو نفسها على محمل الجد!- وهذه نقطة مهمة في الفيلم.
طوال الساعة الأولى من فيلم Celine and Julie Go Boating (الذي يبلغ 3 ساعات) ستجد الحوار بين الشخصيات بلا معنى، وغريبًا "كأنك في حلم". طوال الساعة الأولى أنت لا تفهم أي شيء ولن ألومك إذا اتهمت المخرج بأنه "يمزح".
على مدار الساعة الأولى هناك شذرات لمشاهد ليس لها علاقة بسيلين وجولي مترامية في عدة مواضع. لقطات قصيرة جدًا تظهر وتختفي، لا معنى أو تفسير لها، إلى أن تصل سيلين وجولي إلى "البيت"، بيت كلاسيكي قديم، تدخله إحداهما فترى مشاهد غير مرتبة وغير مفهومة في البداية لرجل وامرأتين وطفلة صغيرة، كأنها أحلام مبتورة غير مفهومة لا بداية أو نهاية لها. والباب إلى الوصول لهذا العالم الغريب هو قطعة حلوى، منتهى العبث!
اقرأ/ي أيضًا: كيف عبّر فيلم "موكب جنازة الورد" عن مثليي الجنس في اليابان؟
في البداية تخاف سيلين وجولي من البيت ومن دخوله ومن هذه الأحلام والرؤى الغريبة، لكن مع الوقت تحبان اللعبة ويصبح الوصول لهذا العالم مغامرة جميلة "كأنه فيلم"، فالمخرج يضع لنا الشخصيات في كادر يشبه الجلوس في السينما حين يستعدان في مرة لدخول هذا العالم الغريب.
طوال الساعة الأولى من فيلم Celine and Julie Go Boating (الذي يبلغ 3 ساعات) ستجد الحوار بين الشخصيات بلا معنى، وغريبًا "كأنك في حلم"
النقطة المهمة في فيلم Celine and Julie Go Boating أنه لم يكن هناك سيناريو للفيلم، كان المخرج والممثلتان جوليت بيرتو ودومينيك لابوريه يجلسان في الصباح ليكتبا المشاهد ثم يصورانها. كان هناك فكرة أساسية ثم إشراف المخرج على ما يتم كتابته لذلك سنجد في النهاية أن الفيلم متماسك ومحكم جيدًا، وأن الروح الارتجالية موجودة في الحوار والتمثيل ولكن دون مبالغة.
السرد في فيلم Celine and Julie Go Boating صعب وعبقري في نفس الوقت، وتحمله من قبل المشاهد تحدٍ عسير، فالمخرج يقدم لنا لقطات قصيرة ثم بعد فترة يتم تكرارها مع بعض الزيادات، ثم بعد فترة يتم تكرارها وتغير ترتيبها مع بعض الزيادات، وهكذا إلى أن نفهم القصة وراء كل هذا والسر وراء هذا البيت.
اقرأ/ي أيضًا:
5 أفلام ننتظر عرضها قبل نهاية 2017
فيلم "Loving Vincent".. كيف استطاع 100 رسام تخليد ذكرى فان جوخ كأفضل ما يكون؟