في الحادي والعشرين من تموز/ يوليو الفائت، طرحت شركة "Lionsgate" فيلمها الجديد "Cobweb" (2023) للمخرج الأمريكي صموئيل بودان، الذي طُرح مع أهم أفلام العام الحالي "باربي" و"أوبنهايمر" اللذان سيطرا على المشهد. لكن الفيلم، رغم ذلك، جاء في وقته ليكون فيلمًا في مواجهة الأفلام الرائجة.
تدور أحداث الفيلم في بلدة صغيرة ومنزل متواضع، حيث يسمع صبي صغير خجول يُدعى "بيتر" (وودي نورمان) صوت نقر غامض من خلف الجدران، ويشك بأن والداه يخفيان عنه سرًا خطيرًا. يبلغ بيتر من العمر 8 سنوات، ولا يخيفه شيء سوى تلك النقرات الغامضة الصادرة من داخل جدران غرفة نومه التي يصرّ والداه على أنها تحدث في خياله ولا وجود لها في الواقع. ومع اشتداد خوف بيتر، يتبيّن لنا أنهما يُخفيان بالفعل سرًا خطيرًا، وهذا ما يجعل الفتى غارقًا في بحر الشكوك إزاء معاملتهما له.
يروي الفيلم قصة صبي خجول أصبح مجرمًا بفعل مخاوفه وتنمر أصدقائه عليه وإهمال عائلته له
وفي أحد الأيام، استيقظ بيتر منتصف الليل على ضربات مدوية مصدرها، كما كل مرة، الجدران، الأمر الذي دفعه لتسلل إلى غرفة والديه، وفي صباح اليوم التالي، تقول له والدته إنه مجرد حلم، وأن عليه أن يصبح أكثر قوة. وبعد أن تكرر الأمر أكثر من مرة، بدأ الانزعاج يظهر على والدته، وتحول عناقها الدافئ إلى توبيخ وعقاب صارم.
وبسبب رفض والديه تصديقه، قام بيتر بالتعبير عن خوفه بطريقة فنية بعد أن رسم نفسه وكتب فوق الرسمة Help me وقدّمها إلى معلمته، التي بدأت تساورها الشكوك والقلق حول سلوكه ورسوماته المظلمة. وحين حاولت التدخل، صدّتها والدة بيتر وحذّرتها من فعل ذلك مجددًا، كما أصرت على أن مخاوفه ترتبط بكون المنزل قديم، ولذلك لا بد من موجود ما يدفعه للخوف.
ومع استمرار تظليل الطفل من قبل الأبوين، بعد تلك التعقيدات وتكرار الشكاوي، تحول هذا الضجيج الغريب إلى خوف مستهلك لا يثير الشك لدى والدي بيتر، وهذا ما يعطي انطباعًا خطيرًا للطفل ويوحي له بأن هناك ما يخفيانه عنه. ومع الوقت، تحول طرق الجدران إلى أحاديث مباشرة مع بيتر، لنكتشف حينها بأن هناك فتاة تكلّمه، وأنه يشعر بالوحدة بسبب اهمال والديه له وعدم وجود أصدقاء في حياته، وهذا هو السبب الذي دفعه للتقرّب من تلك الفتاة التي بدأت تعلّمه كيف يُصبح قاسيًا يردع ويتصدى للتصرفات الخاطئة.
هكذا سيأخذ الفيلم منحىً مختلفًا بعد انقلاب بيتر على والديه، وشروعه في حل الألغاز في حديقة منزلهم بعد أن نجحت الفتاة التي تعيش خلف الجدران بإقناعه بأن عائلته سيئة، وأنه يجب عليه كشف أسرارهم والتخلص منهم. وبالفعل، وضع بيتر سم الفئران في طعام والديه ليتخلص منهما ويحرر الفتاة التي يعتقد بأن أهله هم من قاموا بسجنها.
قام بيتر بقتل أهله بواسطة السم وساعد الفتاة في الخروج لتستكمل جرائهما. وهنا تدخلت المعلمة لتنقذ الطفل من والديه، لكنها تفاجأت بوجود الفتاة، فبدأت تحاول إنقاذه منها وإعادتها إلى مكانها. لكن القصة، من زاوية أخرى، تربط تعرض بيتر للتنمر من زملائه في المدرسة وإهمال عائلته له، بظهور تلك الفتاة واستعداده لفعل ما طلبته منه على اعتبار أنه الطريقة الوحيدة التي ستمكنه من وضع حدٍ للمتنمرين، وتتيح له تجاوز خوفه منهم ومن عائلته.
يجمع الفيلم بين الرعب والإثارة، ويتميز بمؤثراته الصوتية والمرئية وسرعة الأحداث وتماسك الشخصيات ووحدة الموضوع الشيّق. والمشكلة الوحيدة التي واجهته هي نهايته غير المحبوكة التي قادتنا إليها مشاهد لم تمهّد لها. والفيلم من إخراج صامويل بودان، وتأليف كريس توماس، وبطولة أنتوني ستار، وليزي كابلان، وكليوباترا كولمان، وودي نورمان.