عانيت كثيرًا في مُشاهدات هذا العام، الكثير من الأفلام تأخر صدورها وإلى الآن هُناك العديد من الأفلام المُهمة لم تصدر، ولم أشاهد الكثير من الأفلام الجيدة إلا قرب نهاية العام الماضي، لكن في المُجمل كان عامًا سينمائيًا ممتازًا، تملؤه أفلام ستعيش في الذاكرة.
أفلام كادت أن تكون في القائمة Your Name - Jackie - The Salesman - Hell or High Water.
الفيلم الثاني في مسيرة مخرجه كليبر ميندونثا فيليو، يحكي قصّة امرأة تُدعى كلارا تعيش في منزل منذ سنوات طويلة، تأتي شركة عقارات وتحاول إخراجها من المبنى، لكنها تقف صامدة في وجه الزمن.
فيلم Aquarius يحكي قصّة امرأة تعيش في منزل منذ سنوات طويلة، لتأتي شركة عقارات وتحاول إخراجها منه، لكنها تقف صامدة في وجه الزمن
في الظاهر هذه قصّة الفيلم، لكن في العُمق هناك الكثير من الحديث عن أزمة الإنسان حين يتقدّم في العُمر ويتغيّر الزمن حوله، وعن الصراع بين الأجيال والثقافات. كلارا - بطلة الفيلم - حاربت السرطان في شبابها وانتصرت، وحين امتدّ بها العُمر حاربت سرطان السلطة الذي يريد رحيلها من المنزل وتقويض معالم حياتها. هذا واحد من أفضل أفلام العام، أحببت دراسته لشخصيّة كلارا وجمال صورته، مع أنّني لم أشعر بارتياح في مشهد النهاية، وشعرت في أحيان كثيرة أن كلارا تعاند بشكل عبثي، لكن آداء الممثلة سونيا براغا تجاوز الكثير وحمل الفيلم إلى بر الأمان.
أحب الموجة الرومانية الجديدة في السينما، إلى الدرجة التي تجعلني أترقب سنويًا فيلمًا رومانيًا جديدًا. قصّة الفيلم بسيطة جدًا؛ أب يحاول جاهدًا أن يجعل ابنته تجتاز امتحان الثانوية بالدرجة التي تحتاجها لتحصل على منحة جامعة "كامبريدج"، لكن كالعادة في أفلام كريستيان مونجيو هنالك الكثير من رومانيا في الفيلم، والكثير من صراع الأجيال. أولئك الكبار الذين عانوا وعاشوا حقبة صعبة ومروا بخيبات الأمل، والآن يريدون لأبنائهم شيئًا أفضل. في هذا الفيلم الكثير من التفاعل بين الخلفية السياسية والاجتماعية في رومانيا، وبين إثارة الحكاية على رغم هدوء الإيقاع، وهو فيلم ممتاز يتصدره آداء عظيم من أدريان تيتيني.
اقرأ/ي أيضًا: 7 أفلام عليك مشاهدتها في السينمات خلال نيسان/أبريل
بعد مُشاهدتي الثانية لهذا الفيلم أدركت أن إعجابي الكبير به سيقل لو وقف وراءه مخرج آخر غير مارتن سكورسيزي، شخصيًا أحب التعامل مع السينما على أنها كائن حي يتطور مع الزمن ويحمل هموم وشكوك صناعه، وماذا لو كان هذا الهم يحمله مُخرج بحجم سكورسيزي؟
اقرأ/ي أيضًا: أفضل 11 فيلمًا لمارتن سكورسيزي على الإطلاق
في كل مرة أشاهد فيها فيلمًا لمارتن سكورسيزي اتأكد من قناعتي بأن هذا الرجل هو أعظم مخرج على قيد الحياة، وأمر عظيم بالنسبة لي أن أشاهد مشروعه الذي طارده لأكثر من ربع قرن. مارتن سكورسيزي في هذا الفيلم لا يخاطب جمهوره، هو في المقام الأول يخاطب نفسه؛ الرجل الذي يطارده الشك دومًا. هذا الفيلم ليس عن الإيمان أو ماهية الايمان أو كيف نؤمن والطريق إلى ذلك، هذا الفيلم عن كبرياء المؤمن، وعن الصراع الدائم بين مادية الإيمان ولاماديته. مارتن سكورسيزي في هذا الفيلم يتجاوز الأسئلة التي قدمها الأساتذة كارل تيودور درايير، وبيرجمان قبله، ويقدم فيلمه الأقل (سكورسيزيّة) في مسيرته. وفي هذا الفيلم تجربة ذاتيّة جدًا عن الفارق بين حقيقيِّة الإيمان وادعائه. لم أحب خاتمته بالقدر الكافي، لكني اعتقد أنه سينال التقدير المناسب مع الوقت.
تجربتي مع هذا الفيلم غريبة جدًا، شاهدت معظم أفلام العام ولم تكتمل قائمتي للأفضل منها. ثم شاهدت هذا الفيلم ولم أشعر قبل مشاهدتي له باحتمال أن يصبح ضمن مفضلاتي، وفي منتصف الطريق تغيرت قناعتي!
الفيلم هو ثاني فيلم في مسيرة مخرجته لوسيل هاجيهاليلوفيتش، زوجة الأرجنتيني الشهيرغاسبر نوي، وأول فيلم أشاهده لها. هذا هو أكثر أفلام القائمة غرابة على الإطلاق، وإن كنت لا تحب الغرابة تجاوز هذا الفيلم وتجاوز هذه السطور. شاهدته مرتين متتاليتين ولم تتغير قناعتي لوهلة، فهذا واحد من أجمل التجارب السينمائية التي عايشتها هذا العام؛ مزيج مدروس بين الشاعرية والسيريالية، مع الكثير من الأسئلة عن العالم الآخر وعن الخلق والتجارب، شعرت وأنا أشاهده بروح جان كوكتو وديفيد كرونينبرج . أحببته جدًا
تدور أحداث هذا الفيلم حول "كوبو" الذي يعيش مع أمه المريضة في أحد الكهوف. كل يوم يذهب إلى القرية ليحكي لقاطنيها أساطير وقصصًا بواسطة ألعابه الورقية وآلته الموسيقية. لكن قوانين أمه تحتم عليه أن يعود إلى المنزل قبل الغروب. إلا أنه وفي ليلة ما يتأخر وتبدأ مغامرته في مواجهة قوى الشر.
تدهشني أفلام الرسوم المتحركة حين تمزج الحكايات التراثية بالأجواء الخاصة بأفلام الرسوم، تصبح النتيجة فيلم مُمتع وملهم وملحمي
بعيدًا عن التطور والنضج في أفلام الـStop-Motion، والذي وصل إلى قمته في هذا الفيلم، فإن هذا الفيلم يعد إنجازًا حقيقيًا. تدهشني أفلام الرسوم المتحركة حين تمزج الحكايات التراثية بالأجواء الغريبة الخاصة بأفلام الرسوم، بحيث تصبح النتيجة النهائيّة فيلمًا مُمتعًا وملهمًا وملحميًا وينتصر لفكرة الحكاية والمعايشة. هذا واحد من أفضل أفلام العام وأمتعها بلا شك.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "روّحي" وحلم العودة الكئيب
قصة الفيلم - المأخوذ من فيلم لارنست لوبيتش بعنوان Broken Lullaby - تدور حول جندي فرنسي سابق، يقرر زيارة عائلة جندي ألماني مات أمامه في الحرب. لكن وجوده لم يكن مرحبًا به في البلدة، وتتطور أحداثه بعد ذلك.
تجربتي مع هذا الفيلم مثال واضح وحقيقي على الحب غير المبرر لبعض الأفلام. لم أقتنع بخطه الرئيسي حتى بعد انتهائي من المشاهدة، لكن أجواء الفيلم وتفاصيل حكايته وانعطافات النص البسيطة كانت ساحرة ومؤثرة وضاربة في العمق. ولا أجد مبررًا مناسبًا لعدم تقديره وسط محبي السينما.
فرانسوا أوزون يجعل من فيلمه هذا قصيدةً عن الجروح التي نالت من أوروبا بعد الحرب، وعن المرارات التي انتابت شعوبها فجعلتهم عالقين بين مأساة الفقدان والتناسي والتصالح مع ما حدث. إنّه فيلم ساحر ومؤثر، مع أداء عظيم من بطلته باولا بيير.
شاهدت هذا الفيلم قبل فوزه بجائزة أفضل فيلم في حفل الأوسكار الماضي، كانت تجربة ممتعة ومؤثرة. انطباعي الأول عنه كان إعجابًا شديدًا، لكن بعد ذلك لم يفارقني، وهذه ميزة الأفلام العظيمة، ننتهي منها ولا تنتهي منا. أعدت مشاهدته بعد ذلك بأيام قبل أن أشاهده للمرة الثالثة بعد فوزه بالجائزة، هذا فيلم عظيم ولا يخالطني أدنى شك في ذلك، وبالنسبة لي هو أعظم فيلم فائز بأوسكار أفضل فيلم منذ 2011. لقد أسيء فهم هذا الفيلم وتقديره للأسف، فهو ليس فيلمًا عن العبودية الكلاسيكية، وليس عن المثلية الجنسية، وليس حتى مقتصرًا على أصحاب البشرة السمراء. هذا الفيلم يحكي قصة نضوج بطله وتعامله مع ما يحدث حوله بحساسية شديدة.
اقرأ/ي أيضًا: جُمل سينمائية من أفلام مصرية لا يسعنا نسيانها
خلال مشاهداتي العديدة للفيلم له لم يساورني الشك للحظة أن جينكينز يريد التعاطف أو يتصنع أو يبتذل. جينكينز فنان قدير تظهر بصمته في شريطي الصوت والصورة. فاستخدامه للكاميرات بشكل يراقب الشخصيات، وتنويعه بين اللقطات وتدرج الألوان، وتأثره بالعديد من الأفلام والمخرجين مثل وونج كار واي، ترك أثرًا في غاية التأثير والإتقان في الفيلم.
ذكر جيمس لاكستون مدير التصوير - الذي كان يحمل الكاميرا بنفسه في أكثر من 90 % من مشاهد الفيلم - أنه تأثر بوونج كار واي وأحيانًا بالتايواني هاو تشو شن والفرنسية كلير دوني. ولا يقف الأمر عند ذلك، فهناك أداءات ممتازة من الثلاثي الذين مثلوا شخصية شايرون في مراحله الثلاثة. إنه فيلم ممتاز وقطعة فنية بالغة الجمال.
استيقظ ميخائيل دودوك دي فيت يومًا ما ووجد في بريده الإلكتروني رسالة من (ايساو تاكاهاتا) وهو مخرج وشريك في استوديوهات "جيبلي" يطلب منه أن يمنحهم حقوق توزيع فيلمه Father and Daughter الذي فاز بأوسكار أفضل رسوم متحركة قصير قبل 16 عامًا. يعرض إيساو تاكاها عليه أن يبدأ عمله في فيلمه الرسومي الطويل تحت إنتاج ستوديوهات "جيبلي". لم يصدق الرجل نفسه وظن الأمر خدعة، لكن الأمر كان حقيقيًا وأصبح دي فيت أول مخرج غير ياباني يقدم فيلمًا تحت إنتاج "جيبلي".
تحكي قصة الفيلم عن رجل جرفته الأمواج إلى جزيرة استوائية منعزلة، تستوطنها السلاحف والسرطانات والطيور، وكلما حاول الهرب من الجزيرة بحرًا، يمنعه شيء غير مرئي يتضح فيما بعد أنه سلحفاة حمراء كبيرة، يحاول مهاجمتها والقضاء عليها ولكنها تتحول إلى امرأة جميلة!
هذا الفيلم رسالة حب للجمال وللطبيعة وللسينما. إنه قصيدة بصريّة / سمعية ساحرة، ورحلة روحية تتدفق على الشاشة في إيقاع وسلاسة غاية في التناغم يبتعد كثيرًا عن محاولات التفسير ويقفز على الرمزيات. فهذا الفيلم ليس فقط فيلم الرسوم المفضل خلال العام، بل هو فيلم الرسوم الأفضل ربما منذ العام 2009.
شاهدت لـ كينيث لونيرغان فيلمًا واحدًا قبل أن أشاهد هذا الفيلم، وانتظرت مشاهدته كثيرًا، وثمار الانتظار كانت شهية بالفعل. هذا الفيلم الثالث في مسيرة المخرج المهموم بدراما الحياة العادية هو فيلم عظيم، وواحد من أجمل وأرق أفلام الدراما التي قدمتها الشاشة، ومن أكثرها حزنًا وثقلًا على المُشاهد على الإطلاق. وإن كان هذا الفيلم في الظاهر يبدو باردًا لكنه على مستوى أعمق يمثل انفجارًا ضخمًا.
"لي تشاندلر" يحمل في داخله بركانًا من الحسرة والغضب والألم، لكن "لونيرغان لا يريد إظهار ذلك على الشاشة. إنه هو يعلم الكثير عن المأساة وعن القلوب المكسورة، ويعلم أن الألم الخفي مؤلم أكثر من الظاهر، فيخفي لونيرغان انفعالات "لي" ويبدو في معظم مشاهد الفيلم كالأموات، لا يتذمر ولا ينفعل. إنه فيلم عن الموت حينما يكون خوفًا وسخطًا وخيبة كبيرة موجعة ويتحول إلى رغبة! ففي الفيلم تكثيف صادق وحقيقي عن الموتى الذين لا يبارحون الذاكرة، وعن الشعور بالذنب حين يكبر ويكبر ويبتلعنا. إنه فيلم عن الماضي حين ننتهي منه ولا ينتهي منَّا، وفيلم عن الفارق بين أن تشاهد شيئًا على الشاشة وأن تعيشه. Manchester by the Sear لوحة سينمائية عظيمة عن رجل لا يستطيع لملمة روحه. صفقت بحماسه عند انتهائه.
أقرب أفلام العام إلى قلبي، وواحد من أكثر الأفلام التي أحببتها على الإطلاق. لا أعلم سببًا لذلك، ربما لأن مشاهدته كانت واحدة من تلك الأشياء الصغيرة المختلسة التي لا تعني شيئًا لأحد، لكننا نحتاجها من حينٍ لآخر. شاهدته ثلاث مرات في السينما، ومرتين منفردًا، وفي كل مرة يزداد إعجابي وارتباطي به. فيلم عن الذكرى والأشياء التي تبقى رغم أن من صنعوها لم يبقوا معنا، عن ثنائية الحب/الطموح، وعن التأثير العظيم للحب بمعناه البسيط. عن الاختيارات التي تحدد مصائرنا وعن الحب وما يجب أن نقدمه من أجله.
فيلم La La Land عنَّا بكل ما فينا وكل ما عايشنا من لحظات سعادة أو خيبات الأمل، عن تجارب الماضي التي تعيش معنا مهما مرت السنوات
هذا فيلم عنَّا بكل ما فينا وكل ما عايشنا من لحظات سعادة أو خيبات الأمل؛ عن تجارب الماضي التي تعيش معنا مهما مرت السنوات، وتأبى مبارحة النفوس، عن الصورة الأكثر نقاءًا وصدقًا وحقيقية للحب، صورة عظيمة ومبهرة عن استنطاق اللحظات الحرجة في الحياة، حيث لا طقوس ولا أنانية في المشاعر، فيلم عن تحول الحب من رغبة وغاية مجردة إلى وسيلة لتكريم كل المعاني العظيمة، فيلم عن اللحظة التي تتحول فيها الذكريات إلى ألم قاسٍ جدًا ثم إلى خلاص أبدي قد لا يأتي إلا بمساعدة من نحب.
اقرأ/ي أيضًا:
الطريق إلى الذهب.. هؤلاء ينتظرهم قطار الأوسكار
فيلم "Life".. هل يستحق المشاهدة؟