يمنحنا الحب قيمتنا كبشر. فأن نكون محبوبين يعني أننا لسنا وحدنا في هذا العالم. ثم إن الافتنان بالآخر هو أفضل من يرسم مسار الحياة. لكن الحب بناء يبقى. بحسب آلان باديو، إنه بناء، حياة تُصنع، لم تعد من منظور واحد منذ تلك اللحظة، بل من منظور اثنين.
ما الذي يمكن أن نقوله عن الحب؟ أو كيف نتحدث عن الحبّ، حبنا الذي نعيش أو الذي نتمنى؟ من الأفضل أن نلجأ للشعر، فليس ثمة من ينافسه في هذا الباب، لا سيما في يوم الحب والعشّاق.
أنسي الحاج: قَتَلَ حبيبُهَا التِّنِّينَ
قالتْ للتّنّين
- ارمِ الجبل
فرمى التّنّين الجبل.
وقالتْ للتّنّين.
- ابلع المدينة
فبلع التّنّين المدينة.
وقالتْ للتّنّين
- ليقْتلْك حبيبي
فقتل حبيبها التّنّين.
وما زلت أنسى أنّي
قتلْت التّنّين
لأنّ حبيبتي أوصتْه
أنْ يُقتل..
محمود درويش: من شتاء ريتا
تَنامُ ريتا في حَديقَة جِسْمِها
توتُ السَّياجِ على أَظافِرها يضيءُ
المِلْحَ في جَسَدي. أُحبّك
نامَ عُصْفورانِ تحت يَدَيّ..
نامَتْ مَوْجةُ القَمْحِ النبيل على تَنَفُّسها البطيءِ
وَوَرْدَةٌ حَمْراءُ نامَتْ في المَمَرِّ
ونامَ لَيْلٌ لا يَطولُ
والبَحْرُ نامَ أمامَ نافِذَتي على إيقاعِ ريتا
يَعْلو ويَهْبِطْ في أَشِعَّة صدْرِها العاري
فَنامي بَيْني وبَيْنَكِ
لا تُغَطِّي عَتْمَةَ الذَّهَبِ العَميقَةَ بَيْنَنَا
نامي يَدًا حَوْلَ الصِّدى
ويَدًا تُبَعْثِرُ عُزْلَة الغابات
نامي بين القميص الفُسْتُقيِّ ومَقْعَدِ اللَّيْمون
نامي فَرَسًا على رايات ليلة عُرْسِها..
هَدَأ الصَّهيلُ
هَدَأت خَلايا النَّحْلِ في دَمنا
فَهَلْ كانَتْ هُنا ريتا
وهَلْ كُنَّا مَعا؟
.. ريتا سَتَرْحَلُ بَعْدَ ساعاتٍ وتَتْرُكُ ظِلَّها
زَنْزَانَةٌ بَيْضاءَ. أين سَنَلْتقي؟
سَألَتْ يَدَيْها، فالْتفتّ إلى البَعيد
البَحْرُ خَلْفَ البابِ، والصَّحراءُ خَلْفَ البَحْرِ
قَبِّلْني على شَفَتَيَّ قالتْ
قُلْتُ: يا ريتا أأرْحَلْ من جَديد
مادامَ لي عِنبٌ وذاكِرَةٌ، وتَتْرُكُني الفُصولُ
بينَ الإشارَة والعِبارَة هاجِسًا؟
ماذا تَقولُ؟
لا شَيْءَ يا ريتا، أَقلِّدُ فارِسًا في أغنية
عن لَعْنَةِ الحُبِّ المُحاصَرِ بالمَرايا..
عَنّي؟
وعن حُلُمَيْن فَوْق وسادَةٍ يَتَقاطعانِ ويهربان
فَواحِدٌ يستل سكينًا وآخرُ يودِعُ النَّاي الوَصايا
لا أَدْركُ المَعْنى، تقولُ
ولا أنا، لُغتي شظايا
كغيابِ امْرَأةٍ عن المَعْنى،
وتَنْتحِرُ الخْيولُ في آخِر المَيْدان..
أمجد ناصر: من معراجُ العاشق
ولدْتِ بهذا الاسمِ لتكون لكِ ذكرى
تُرَدّدُها أمطارٌ
طويلةٌ
صامتة،
بهذا الاسمِ ليأتي إليكِ عابرونَ
سيماهمُ من لَيْلَكٍ على وجوههم
مستوحشينَ
خاسرين.
نعودُ إلى يديكِ لنروي اطلاعَهما على الحطام
وغلبتهُما على الحبِّ
الذي تلمسينَ جُرحه فيندُّ
جرحُ
الحبِّ
الطويلُ
بظلال ٍ
خضراءَ
من
فرط
الندم.
لتتلطفِ الأكُفُّ وهي تدفعنُا بين الأعمدة
قانطينَ من الوصول إلى الثمرة المضاءةِ
بوهجِ الأعماق.
أعينُنا بيضاءُ من الفرح
كأننا عُميٌ نراكِ بالرائحةِ
ونتقراكِ بالأنفاس.