الترا صوت – فريق التحرير
خيّم القلق على مدينة درعا صباح اليوم الأحد، مع استعداد النظام السوري لتهجير آلاف المدنيين، بعد فشل اتفاق التهدئة ووصول الوساطة الروسية إلى طريق مسدود، في مشهد لخصه، كما يقول شهود عيان، وصول الباصات الخضراء، التي شهدت على سنوات من التهجير المنظم للسوريين بعد تسويات مجحفة.
خيّم القلق على مدينة درعا صباح اليوم الأحد، مع استعداد النظام لتهجير آلاف المدنيين، بعد فشل اتفاق التهدئة ووصول الوساطة الروسية إلى طريق مسدود، في مشهد لخصه وصول الباصات الخضراء
وكشف الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديثٍ مع صحيفة "العربي الجديد"، أن القلق يسود أحياء درعا البلد، بعد أن انهارت الآمال بتطبيق الاتفاق الذي تم الحديث عنه قبل أيام، فيما أشار إلى أن "الباصات الخضراء التي اعتاد النظام على تهجير السوريين بها، وصلت صباح أمس السبت إلى مدينة درعا، في خطوة تؤكد نيّته تهجير عدد كبير من سكان درعا البلد". وحسب الصحيفة عينها، فقد توقع المسالمة "خروج الآلاف من المدنيين من منازلهم، خشية من قيام مليشيات النظام بعمليات تصفية ميدانية وانتهاكات واسعة، في حال دخولها أحياء درعا البلد".
اقرأ/ي أيضًا: تعزيزات جديدة يدفع بها النظام نحو درعا وعمليات خاطفة في دير الزور وريف إدلب
وكان أهالي وفعاليات مدينة درعا، قد ناشدوا في بيان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش والمبعوث الخاص لها غير بيدرسون ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سوريا، من أجل التدخل السريع لإنقاذ حياة أكثر من 50 ألف من سكان الأحياء المحاصرة بعد تهديدات أطلقتها قوات النظام بشن عمليات انتقام تطالهم وتطال أسرهم، وذاك بعد الحصار القاسي الذي فرضه النظام على درعا منذ أكثر من شهرين مع قصف مدفعي عشوائي طال منازل وأحياء المدنيين بمشاركة المليشيات الإيرانية. ولفت الأهالي في بيانهم أن النظام السوري لا يزال يصر على إخضاع مواطني الأحياء المحاصرة بالقوة والعنف، وتهديدهم بالتهجير القسري.
وأعلن مسؤول في لجنة التفاوض عن أحياء درعا قبول المسؤولين الروس بخيار تهجير الأحياء المحاصرة بعد وصول مسار تنفيذ بنود التهدئة الأخيرة إلى طريق مسدود. وقال الناطق باسم اللجنة المركزية عدنان المسالمة لموقع تجمع "أحرار حوران": "اتخذنا قرار التهجير بسبب انحسار الخيارات أمامنا، ولم يبق أمامنا إلا القبول بالعيش في ثكنة عسكرية أو خوض حرب تُدمّر فيها بيوتنا ويُقتّل أبناؤنا، لذا اخترنا أن نهجر بيوتنا للحفاظ على أرواح أهلنا". وأضاف "حددنا للروسي أن تكون وجهة التهجير حصرًا إلى داخل الأراضي الأردنية أو التركية، لكن النظام انقلب على الاتفاق المبرم برعاية روسية، وقد أخبرنا مكتب المبعوث الأممي بذلك".
وكانت مصادر إعلامية داخل درعا قد تحدثت أنّ النظام تراجع على الاتفاق الذي نص على تسوية أوضاع نحو 40 مطلوبًا وتسليم أسلحتهم وإنشاء 4 نقاط عسكرية يتبع عناصرها لأحد الأفرع الأمنية دون دخول أي قوات من الجيش أو آليات عسكرية ثقيلة، وتحدثت نفس تلك المصادر عن تسريبات عن دور للجنرال الروسي أسد الله مسؤول ملف التفاوض في الشرطة العسكرية الروسية في زعزعة الثقة بين وجهاء العشائر ولجنة التفاوض بدرعا، بتحميل لجنة التفاوض مسؤولية سقوط ضحايا وتدهور الأوضاع في المدينة، خلال اجتماع عُقد بين الجنرال الروسي ووجهاء عشائر المحافظة من دون حضور ممثلي لجنة التفاوض قبل نحو أسبوع. حدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه قوات النظام والمليشيات الإيرانية تحاول اقتحام أحياء درعا البلد، وبحسب نفس المصادر فإنّ الجنرال أسد الله أفصح خلال اجتماعه مع وجهاء من المحافظة، عن قرار روسي لتمكين النظام من السيطرة على جميع المناطق في المحافظة وليس فقط درعا البلد.
وفي رده على تلك التسريبات قال الناطق باسم لجنة التفاوض، المحامي عدنان المسالمة، إن "اللجنة أظهرت صلابة في الموقف وثباتًا قلّ نظيره، ولعدم تمكن المفاوض الروسي من فرض شروطه على اللجنة حاول إيجاد شرخ بين الوجهاء واللجنة في محاولة منه لفك لحمة أهالي المحافظة وفزعتهم والثقة باللجنة المفاوضة". وحول تحميل الجنرال الروسي لجنة التفاوض مسؤولية التصعيد، أشار المسالمة إلى أن الجانب الروسي سعى إلى التنصّل من مسؤولياته التي كان قد تحملها كطرف ضامن لاتفاق الجنوب من خلال إلقاء التهم جزافًا على اللجنة وإعفاء النظام من قتله للأبرياء وتدميره عشرات المنازل والمباني السكنية. وأضاف المسالمة أن "الروس يبحثون عن استقرار الأوضاع من خلال فرض السيطرة المطلقة للنظام على المحافظة لذلك يظهر في كل مرة بصفة مختلفة كوسيط أو ضامن أو ضاغط".
أعلن مسؤول في لجنة التفاوض عن أحياء درعا قبول المسؤولين الروس بخيار تهجير الأحياء المحاصرة بعد وصول مسار تنفيذ بنود التهدئة الأخيرة إلى طريق مسدود
وكانت لجنة التفاوض قد أعلنت بداية الشهر الحالي التوصل لاتفاق مع النظام والجانب الروسي يقضي بدخول دوريات تابعة للشرطة الروسية إلى درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر 4 نقاط أمنية، ومعاينة هويات الموجودين في المنطقة، وإعادة مخفر الشرطة إليها، وذلك مقابل الوقف الفوري لإطلاق النار وفك الحصار عن درعا ومحيطها، وإدخال الخدمات إليها، وإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين، لكن النظام تنصل من كل بنود هذا الاتفاق.