ألترا صوت – فريق التحرير
تحت عنوان "ديباجة"، يكتب كاظم جهاد في الصفحة الأولى من ديوانه "معمار البراءة": "إلى أمي أدين بهذه القصائد. فبأسلتها وتداعيات ذكرياتها المديدة أعادتني هي إلى الشعر. ومنذ التقينا في عمان بعد فراق دام ربع قرن، راحت تستنهض في معرفة كنت حسبتها منسية لجغرافية العراق الفعلية والخيالية. وإذ كنتُ تحدثت، في العنوان وفي إحدى قصائد هذه المجموعة، عن معمار البراءة، هذه الصيغة التي يبدو طرفاها للبعض شديدَي التصادم، فلأن البراءة، في عُرفي، ليست بالحالة البسيطة المعطاة للكائن جزافًا. بل هي تفترض بناء مطّردًا، وامام مشاريع العالم، السوداء في الغالب، تنشئ البراءة عمائرها وتمضي باحثة عن نقاوة تريدها هي أكثر فأكثر نقاوة".
في هذه المجموعة الشعرية التي تمثّل عودة إلى زمن الطفولة، بكل ما فيها من منازل ونخيل ووحل وأحلام، والمرسومة بحنين خلّاق يعيد تشكيل كل شيء؛ لن تكون قصيدة "عراقيون"، المختارة هنا، إلا جزءًا من السياق العام للعودة إلى الأشياء الأولى، لكنها ستمثل في الوقت نفسه سعيًا نحو فهم لأعماق أولئك البشر العاثرين الذين بدأوا رحلتهم في الحياة في تلك البقعة من العالم.
كاظم جهاد شاعر وأكاديمي عراقي من مواليد عام 1955. له العديد من الأعمال: "الماء كلّه وافدٌ إليّ" (شعر)، و"أدونيس منتحلًا" (نقد). إضافة إلى ترجماته العديدة للأعمال الكاملة لرامبو وريلكه، والكوميديا الإلهية لدانتي، وغيرها الكثير.
عاثرين وسط فخاخ من الظلام
كذلك كنا
دائرين طويلًا حول العالم
بإزاء هامشه المزنّر بالأحداث.
فكرتنا عن الخطيئة
كانت مبتسرة وغامضة
وليس تحتاج إلى شروح.
عندما يخطو الواحد منا
فطويلًا كان يتحقق
من أنه على حُلمِ جارِه
لا يدوس.
في رطانتنا اليومية
لم يكن التفاهم ضروريًّا
كان ينبغي بأي ثمن
إحداثُ ذلك الصفير
المتموج
الذي يذكّر واحدنا
بوجوده.
فجأة ارتطمنا باليابسة
كان ذلك
كمثل سقوط في الديمومة
عطسةٍ في الزمن، نعاسٍ دون انتهاء.
طويلًا سنحتفظ
ذلك الصفير المتعالي والزمن الرخو
نحتسيه بملاعق رجراجة.
طويلًا سنحتفظ
ذهول المارة
يوم جعلنا ننتشل الهواء
بملاقط
مُحدثِيْن
غرابات كانت ببساطة
شاكلتنا في ألا نكون.
اقرأ/ي أيضًا: