تملك كامالا هاريس نقاط قوة عديدة يمكن أن تحقق بها الفارق في منافسة ترامب، لكن لديها بعض نقاط الضعف التي تقلل حظوظها في الفوز، لا سيما سجلها في مجال الهجرة، وهو سجل يعمل ترامب على استغلاله لإلحاق أكبر ضرر محتملٍ بالمرشّحة الديمقراطية.
ولنبدأ مع نقطة الضعف هذه، فقد كانت إدارة أزمة الهجرة غير النظامية على الحدود المكسيكية هي المهمة الرئيسية التي أوكلها الرئيس جو بايدن إلى نائبته كامالا هاريس، إلا أنها أخفقت في إدارتها والتعامل معها، بمعايير الرأي العام الأميركي المتخوف من تدفق المهاجرين على بلاد العم سام.
وبحسب المعطيات الإحصائية الأميركية، تعامل وكلاء الجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة - في العام 2022 لوحده - مع أكثر من 2.1 مليون مهاجر، وهو رقمٌ قياسيٌ يتجاوز بكثير الرقم السابق المسجل عام 2021، الذي كان 1.7 مليون مهاجر.
أخفقت كامالا هاريس في إدارة ملف الهجرة الذي أُسند إليها كنائبة للرئيس جو بايدن
وللتعامل مع هذا الإخفاق، تروّج حملة كامالا هاريس لخطة الأولوية فيها هي لمحاولة تحسين ظروف الحياة في بلاد المصدرة للمهاجرين مثل السلفادور وهندوراس وغواتيمالا، وذلك لمنع الهجرة منها، وهي سياسة مشابهة لسياسة الاتحاد الأوروبي في إفريقيا، حسب تشارلز كوبشان، المستشار السابق للرئيس باراك أوباما، الذي قال إن إدارة بايدن كانت ملتزمةً بتحقيق سياسة هجرة أكثر إنسانيةً من سياسة ترامب، مما أدى إلى زيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين.
نقاط قوة وأخرى قابلة للتحويل إلى عناصر قوة
بعيدًا عن الإخفاقات التي ميزت تجربة كامالا هاريس، فإن نجاحات المرأة ذات الأصول الهندوإفريقية في منصب المدعي العام الذي شغلته في سان فرانسيسكو من 2004 إلى 2011، ثم في كاليفورنيا من 2011 إلى 2017، ساعدتها في إثبات جدارتها.
وفضلًا عن ذلك، تبدو هاريس أملًا لعدة شرائح في المجتمع الأميركي، لا سيما الشباب منه والنساء. ولعلّ أكبر انتصارٍ حققه الديمقراطيون على الجمهوريين في هذه الحملة هو تجريد ترامب من ورقة عمر بايدن، بترشيح امرأة سمراء ما تزال في كامل لياقتها العقلية والذهنية.
على الرغم من ذلك، فإنّ أمام هاريس بعض التحديات إذا كسبتها ستكون قد حسمت نتيجة الانتخابات قبل أوانها في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم. إذ تحتاج هاريس إلى جذب الديمقراطيين المعتدلين والجمهوريين الوسطيين إلى صفها، وذلك بالطبع دون فقدان دعم اليساريين. وفي هذا الصدد، سيكون اختيار نائب الرئيس حاسمًا لتحقيق التوازن في حملتها، فلم يتبق أمامها سوى 3 أشهر لإقناع الناخبين.
وفي هذا السياق، ترى الكاتبة الفرنسية شارلوت لالان في مقال نشرته صحيفة "لكسبريس الفرنسية" أنّ هاريس تعمل وفريقها جاهدين لتجنب أخطاء حملة 2019 عندما كانت تتنافس في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لحزبها، وكانت عضوًا في مجلس الشيوخ عن أكبر ولاية بالبلاد (كاليفورنيا) وحلت في مقدمة استطلاعات الرأي بداية حملتها الانتخابية، ثم حدث الانهيار بعد أن اتخذت عدة قرارات خاطئة بالتعامل مع خصومها، وتقييمها للقضايا التي تهم الولايات المتحدة، مثل إصلاح نظام الرعاية الصحي.
ولذلك يتحتم على المرشحة الديمقراطية أن توازن بين التيارات الديمقراطية واليساريين، فالبعض يعتبر أنها تميل نحو اليمين في موقفها من القضايا الأمنية، مما قد يجذب الجمهوريين المعتدلين والوسطيين والديمقراطيين، ولكن مثل هذا الموقف عرضها من قبل لانتقاداتٍ من قبل الجناح اليساري في حزبها.
في المقابل، تعدّ هاريس أيضًا تقدميةً للغاية بالنسبة "للمعتدلين" بسبب مواقفها اليسارية بشأن الضرائب، ويلخص هذا الأمر ألكسيس بويسون، وهو صحفي مستقل مقيم بالولايات المتحدة، بالقول: "مشكلتها أنه يُنظر إليها على أنها حازمة للغاية بالنسبة للتقدميين وتقدمية للغاية بالنسبة للمعتدلين بسبب مواقفها اليسارية بشأن الضرائب". كما أنّ على هاريس أن تجد طرقًا للتواصل مع الناخبين في مناطق الريف على الرغم من خلفيتها الحضرية.
ويشكل اختيار نائب الرئيس إحدى النقاط التي قد ترفع حظوظ هاريس وتقوي من موقفها. وبحسب تقرير "لكسبريس"، فإنّ عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، مارك كيلي، يعد: "خيارًا حكيمًا كنائب للرئيس نظرًا لموقفه الصارم من الهجرة، ولكنه إذا ترك منصبه الحالي فسيفتح المجال لمنافس ديمقراطي أقل شعبيةً، وقد يؤثر ذلك سلبًا على فرص فوز الحزب بانتخابات الكونغرس عام 2026".
كما يعد جوش شابيرو (حاكم ولاية بنسلفانيا) خيارًا محتملًا لقدرته على جذب الناخبين بالولايات المتأرجحة. ولكن، يمكن أن يكون آخرون مثل تيم والز (حاكم ولاية مينيسوتا) أو آندي بشير (حاكم ولاية كنتاكي) أكثر فاعليةً لمقدرتهم على مخاطبة الناخبين الريفيين، وهو جمهور مهم بالنسبة لحملة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.