خرج مئات الكولومبيين يوم الأربعاء المصادف 21 أيلول/سبتمبر احتفالًا بتوقيع كل من "أومبيرتو دي لا كاجي" المفاوض عن القوات الثورية المسلحة أو ما يعرف بـالفارك، و"إيفان ماركيز" مندوب الحكومة الكولومبية على نص معاهدة تنهي نزاعًا دام 52 عامًا بين الطرفين، وذلك في العاصمة الكوبية هافانا.
"اليوم تبدأ نهاية المأساة والآلام التي سببتها الحرب" هذا ما صرح به الرئيس الكولومبي "خوان سانتوس" عقب توقيع المعاهدة مع متمردي "الفارك"
"اليوم تبدأ نهاية المأساة والآلام التي سببتها الحرب" هذا ما صرح به الرئيس الكولومبي "خوان مانويل سانتوس" عقب توقيع المعاهدة. كما أكد أنه سيترك القرار النهائي بين يدي الشعب حيث سيجرى استفتاء جماهيري في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، ثم سيعرض نص الاتفاقية على الكونغرس ليكتسب شرعيته.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاستفتاء ليس لاستبيان من هم (مع أو ضد) السلام مع تنظيم الفارك، بل هو للتصويت على بنود المعاهدة. وسيناقش بدورهم قادة التنظيم نتائج هذا التصويت في اجتماعهم الوطني العاشر.
لم تحظ المعاهدة بترحيب جميع الفئات والتيارات السياسية في كولومبيا، وعلى رأسهم الرئيس السابق "ألفرو أوليفي" ومؤيدوه فقد كانوا من أشد المعارضين لعملية التفاوض، وقد كان هذا الأخير قد فرض قبضة حديدية على قوات الفارك خلال فترة حكمه التي امتدت بين عامي (2002-2010).
وترجع أسباب معارضة أوليفي ومؤيديه إلى أن المعاهدة تؤمن الحماية لمقاتلي الفارك وتساعدهم على الإفلات من العدالة، وهذا أيضًا ما استنكرته المنظمة العالمية لحقوق الإنسان هيومان رايتس ووتش.
فالمعاهدة تنص على أن المقاتلين أو مايعرفون بـ" الغيريجيروس" سيعرضون على محكمة انتقالية متخصصة في السلام الدولي بغرض محاكمتهم عن الجرائم التي ارتكبوها خلال فترة النزاع، ولكن من المتوقع أن يُبرّأ غالبية المتمردين من التهم الموجهة لهم.
وبموجب هذا الاتفاق ستعطى مهلة أقصاها 180 يومًا للمقاتلين للتخلص من أسلحتهم وتفكيك قواعدهم العسكرية بشكل كامل. وهذا يعني أن قوات التنظيم لن تكون منزوعة السلاح بعد فترة الاستفتاء في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، وهي النقطة الأخرى التي أثارت انتقادات المعارضين للاتفاقية.
اقرأ/ي أيضًا: السيسي في الأمم المتحدة..لقاءات ورسائل وكوميكسات
وبعد انقضاء هذه المهلة سيتم تسليم السلاح بإشراف الأمم المتحدة، وسينقل إلى منطقة سرية وآمنة يحددها كل من تنظيم الفارك والأمم المتحدة. وفي المرحلة الأخيرة بعد تنفيذ بنود المعاهدة من قبل الطرفين ستستخدم هذه الأسحلة لإقامة صروح تذكارية في كل من نيويورك وهافانا وكولومبيا.
أما بشأن الضحايا الذين وقعوا خلال فترة النزاع فقد اتفق الطرفان على إيلائها الأهمية الكبرى وقد اعترف تنظيم الفارك بارتكابه أعمال عنف ضد المدنيين وتعهد قادته بتعويض الضحايا.
ومازالت آراء وتكهنات عدة تدور في الأجواء عن المؤثر الرئيس والقوي الذي ساهم في إنهاء هذا النزاع الذي كانت بدايته عام 1964، وشكل عامل رعب وألم مستمر للشعب الكولومبي طوال عقود، حيث ساهم الدعم الذي تلقته قوات الفارك من قبل الاتحاد السوفيتي (سابقًا) وكوبا (حتى هذا اليوم) في إطالة عمره.
وتطرح تساؤلات عدة في الشارع الكولومبي، مثل: لماذا الآن! وكيف حدث ذلك! ولمصلحة من كان النزاع قائمًا! ولمصلحة من توقف فجأة ليسلم التنظيم أسلحته بهذه البساطة! ثم هل يمكن لهؤلاء المقاتلين الاندماج مجددًا في المجتمع الكولومبي سيما وأن معظمهم قد جندوا في سن صغيرة ولا يتقنون سوى القتال!
وفي انتظار أن تعرف الأجوبة عن هذه الأسئلة يتمسك الكولومبيون بحلمهم الذي بات على وشك أن يتحقق في إمكانية العيش في بلد لا تكون فيه حوادث الاختطاف والموت أخبارًا يومية.
اقرأ/ي أيضًا: