14-نوفمبر-2017

احتفت الحكومة البولندية بمسيرة اليمين المتطرف في ذكرى استقلال البلاد (جانيك سكارزينسكي/ أ.ف.ب)

بشكل أو بآخر أصبحت الشعارات العنصرية شديدة التطرف، أمرًا مُرحبًا به في أوروبا، بل بين بعض حكوماتها كذلك، وهكذا كان الحال في بولندا خلال احتفالات الذكرى 99 لاستقلال البلاد من الحكم الإمبراطوري. ونشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا عن تبرير الحكومة البولندية لما حدث في مسيرة لليمين المتطرف، ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.


مرّت ذكرى استقلال بولندا الـ99، بالاحتفالات المعتادة في العاصمة، بدون وقوع أية أضرار. وشهدت الاحتفالات زيارة من الرئيس الدولي للمجلس الأوروبي، الذي قال في تصريح لصحيفة بوليتيكو، إن "الاحتفالات ستبدأ بابتسامة على وجوهنا، وبفرح في قلوبنا".

شهدت بولندا في احتفالات ذكرى الاستقلال، تجمعًا لعشرات الآلاف من المتطرفين الذين رفعوا لافتات تحث على محرقة ضد المسلمين

ولكن، وعلى بعد مبان خارج الأبراج المركزية للعاصمة وارسو، تجمع حشد كبير تحت سحابة من الدخان الأحمر، إذ اجتمع عشرات الآلاف من جميع أنحاد بولندا. وقد وثق الصحفيون اللافتات التي كانوا يرفعونها، وكانت على النحو التالي: "الدم النقي" و"صلّوا من أجل محرقة إسلامية"، وذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس، أن لافتات أُخرى حملت عبارة "أوروبا البيضاء".

اقرأ/ي أيضًا: هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟

وتجمع حوالي 60 ألف شخص، وانطلقوا في مسيرة ضخمة تعلوها الهتافات واللافتات العنصرية، وذلك في مدينة وارسوا في التجمع السنوي لحركات اليمين المتطرف في أوروبا، الذي نما كثيرًا حتى بات بمثابة الاحتفال الرسمي لذكرى استقلال بولندا.

وبحلول نهاية عطلة نهاية الأسبوع، وطبقًا لما ذكرته وكالة أنباء أسوشيتد برس، فإن على ما يبدو قد اندمجت واختلطت الاحتفالات الرسمية وغير الرسمية معًا.

وفي المقابل، اعتقلت الشرطة 45 متظاهرًا مناهضًا للمسيرة، رغم أنّ أيًا من هؤلاء المتظاهرين لم يكن يحمل إشارات أو لافتات عنصرية، أو تشير إلى سادية البيض، كما لم يردد أي منهم التحية النازية، في بلد ذاق فظائع النازيين.

مسيرة اليمين المتطرف في بولندا، تحت سحابة من الدخان الأحمر (أ.ف.ب)
مسيرة اليمين المتطرف في بولندا، تحت سحابة من الدخان الأحمر (أ.ف.ب)

ولم تستنكر وزارة الخارجية البولندية ما حدث، بل قالت، إن "اليوم شهد احتفالًا كبيرًا للبولنديين، الذين حملوا اختلافًا في وجهات نظرهم، ولكنهم اتحدوا حول القيم المشتركة للحرية والولاء لوطنٍ مستقل"!

وتحتفل بولندا في 11 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام بذكرى تحررها من الحكم الإمبراطوري في عام 1918. وهي الحرية التي أعترضت مرتين من قبل الاستعمار الوحشي، مرة من النازيين ثم من الشيوعيين.

وفي القرن الحادي والعشرين، بدأت مجموعة أطلقت على نفسها "الشباب البولندي"، وهو الاسم الذي تقول وكالة أنباء أسوشيتد برس أنه يرجع لمجموعة متطرفة معادية للسامية نشأت في ثلاثينات القرن الماضي؛ في استضافة احتفالات منافسة لاحتفالات الـ11 من تشرين الثاني/نوفمبر في وارسو.

في البداية كانت أعداد مسيرة اليمين المتطرف لا تذكر ثم بدأت في الازدياد بمرور الوقت حتى دخلت المسيرة تحت اعتراف الحكومة البولندية

وطبقًا لما جاء في تقرير بوليتيكو، فقد بدأت هذه المجموعة كشيء صغير. ولم يظهر أكثر من بضع مئات من الناس في المسيرة التي انطلقت في عام 2010، ولكن سرعان ما زادت ونمت تلك الأرقام لتصبح بالآلاف.

اقرأ/ي أيضًا: "أكثر من لاجئ".. حملة في مواجهة التطرف

ولكن تحول تلك المشهد إلى آخر دموي في بعض السنوات، وذلك عندما ألقت مجموعة من الأشخاص الملثمين في إحدى المسيرات، الصخور والمشاعل وبلاط الرصيف على الشرطة في عام 2014، وفقًا لـ"بي بي سي".

وفي عام 2015، تولّى حزب القانون والعدالة المحافظ السلطة في بولندا، مدفوعًا جزئيًا بسياساته المناهضة للهجرة والمهاجرين، وهو الأمر الذي ساعد الأحزاب السياسية اليمينية الأخرى في جميع أنحاء أوروبا في الوصول إلى السلطة. ومنذ ذلك الحين ومسيرات 11 تشرين الثاني/نوفمبر، قد أصبحت سلمية إلى حد ما ولكن كبيرة جدًا.

وذكرت أسوشيتد برس أن بعض الذين ساروا تحت مشاعل النيران والدخان الأحمر يوم السبت، هم من الأسر والأطفال. ولكن الطائفة الأكثر وضوحًا كانت من الشبان، إضافة لبعض الملثمين، الذين كانوا  يرددون هتاف: "الموت لأعداء الوطن". كما أشارت الوكالة إلى وقوع بعض أعمال العنف يوم السبت الماضي، عندما هاجم أولئك المتطرفون واعتدوا على مجموعة من النساء كن يحملن لافتة تقول "أوقفوا الفاشية".

ولكن هذا هو التقرير الوحيد الذي يشير لأحداث من هذا القبيل. وأبقت قوة كبيرة من الشرطة تجمع صغير معارض لمسيرة اليمين المتطرف بمعزلٍ عن المسيرة.

وقد رحب الحشد بقيادات اليمين المتطرف من بريطانيا وإيطاليا، في حين اعتبر الزعيم اليميني الأمريكي ريتشارد سبنسر متطرفًا للغاية من قبل الحكومة البولندية، مما دفعه لإلغاء خططه للحضور.

من جانبها، لم تُلقِ وزارة الخارجية البولندية بالًا بالتقارير التي حذّرت من تنامي هذا المشهد الاحتفالي لليمين المتطرف، ووصفته بأنه أمرٌ "عارض"، ووصفت التقارير بـ"المتشائمة".

دافعت وزارة الخارجية البولندية عن مسيرات اليمين المتطرف، ووصفها وزير الخارجية بـ"المشهد الجميل"!

وعقب انتهاء المظاهرات مساء يوم السبت، سأل أحد المراسلين وزير الداخلية البولندي، وهو عضو بالحكومة اليمينية، عن رأيه باللافتات والهتافات التي ظهرت في المسيرة مثل "أوروبا البيضاء" و"الدم النقي"، ليجيب الوزير: "إنها مجرد تعبير عن الرأي، لأن أصحابها يتصرفون على أنهم ناشطون سياسيون"، ووفقًا لأسوشيتد برس، فقد وصف الوزير المسيرة الضخمة التي جابت أنحاء وارسو، لأنها "كانت مشهدًا جميلًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تنامي الحركات اليمينية مع مجيء ترامب.. راعي التطرف في الولايات المتحدة

جاءكم اليمين العنصري حاملًا سيفه