14-نوفمبر-2024
قواعد عسكرية

استغرقت عملية بناء القاعدة أكثر من عقدين من الزمن (رويترز)

افتتحت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، وبشكلٍ رسمي، قاعدةً جديدة للدفاع الجوي شمال بولندا، ناقلةً بذلك مزيدًا من قدراتها العسكرية إلى المواقع الأكثر قربًا من الحدود الروسية، بهدف احتواء موسكو بشكلٍ أكبر. ولعل ذلك هو ما دفع موسكو إلى المسارعة بالتعليق، قائلةً إن الخطوة الأميركية تعد تهديدًا أمنيًا جديدًا يضاف لقائمة التهديدات الأمنية الأميركية لروسيا.

يشار إلى أن افتتاح القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة يأتي بالتزامن مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة في ولاية رئاسية ثانية قضَت مضاجع الأوروبيين، بسبب مواقفه السلبية من حلف شمال الأطلسي والحماية الأميركية لأوروبا. وبالتالي، تعتبر وارسو، حسب وكالة "رويترز"، أن افتتاح هذه القاعدة يبعث برسالة طمأنة إلى البولنديين بأن حلف شمال الأطلسي مستمرٌ في ضمان أمنهم.

وكانت هذه الرسالة باديةً في تصريحات وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي الذي قال معلقًا: "رغم أن الأمر استغرق وقتًا، فإن هذه القاعدة تثبت التزام الولايات المتحدة الجيوستراتيجي"، مضيفًا أنه يمكن القول إن "التحالف البولندي الأميركي قوي بغض النظر عمن يحكم في وارسو وواشنطن".

اعتبرت موسكو أن افتتاح الولايات المتحدة الأميركية لقاعدة صواريخ جديدة في بولندا هو جزء من محاولتها لاحتواء روسيا

 

ولا تعتبر بولندا نفسها معنيةً بتهديدات ترامب للدول الأوروبية التي يتهمها بأنها لا تستحق الحماية الأميركية لأنها لا تنفق ما يكفي على الدفاع، إذ إن وارسو دائمًا ما تردد أنها "أكبر عاصمة في الحلف من حيث الإنفاق على الدفاع بالنسبة لحجم اقتصادها".

وشهد آذار/مارس الماضي اختيار البنتاغون مدينة بوزنان البولندية لتكون مقرًا دائما لقواته أقصى شرق أوروبا. كل هذه الاعتبارات تجعل بولندا استثناءً في الاستراتيجية الأميركية لاحتواء روسيا، وهي التي كانت من قبل جزءًا من الاتحاد السوفيتي.

وكانت وسائل إعلام أميركية قد سلطت الضوء على مساومة ينوي ترامب طرحها على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مقتضاها تخلي موسكو عن شراكتها الاستراتيجية مع الصين مقابل إنهاء الحرب مع أوكرانيا بشروط موسكو، والحد من التهديدات الأمنية الأميركية الأوروبية على حدود روسيا، وبالتحديد في أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق.

ويشار ههنا إلى أن القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة تقع قرب ساحل البلطيق في بلدة تدعى "ريد جيكوفو"، ومن اللافت للانتباه أن بناء هذه القاعدة استغرق أكثر من عقدين من الزمن، حيث بدأ العمل عليها أثناء رئاسة جورج بوش الابن عام 2000، ولذلك تعتبر وارسو أنها تجسيد قوي لحقيقة أن تحالفها العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية هو تحالف قوي بغض النظر عمن يوجد في السلطة جمهوريًا كان أم ديمقراطيًا.

اختير للقاعدة الأميركية الجديدة اسم "إيجيس أشور". وتعد، حسب إندبندنت، جزءًً من "درع صاروخية أوسع نطاقًا لحلف شمال الأطلسي الذي يقول إنها قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى".

يذكر أن حفل افتتاح القاعدة في العاصمة وارسو شهد حضور الرئيس البولندي أندريه دودا، الرئيس المحافظ الذي يؤكد متانة علاقته بترامب. وإلى جانب دودا، حضر الافتتاح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك.

انتقاد روسي حاد

أصدرت الرئاسة الروسية بيانًا شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن افتتاح الولايات المتحدة الأميركية لقاعدة صواريخ أميركية جديدة في بولندا "هو جزء من محاولةٍ أميركية لاحتواء روسيا بنقل البنية التحتية العسكرية الأميركية لموقع أقرب إلى الحدود الروسية".

وذكر المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "اعترض على خطط بناء القاعدة منذ عام 2000 حين كان جورج بوش الابن رئيسًا للولايات المتحدة، فحينذاك أكد بوتين أن الولايات المتحدة كانت تكذب حين قالت إن الغرض من القاعدة هو اعتراض صواريخ إيرانية محتملة"، مضيفًا "هذا تأكيد على أن الرئيس بوتين كان على حق، تنفيذ هذه الخطط مستمر. وهذا تحريك للبنية التحتية العسكرية الأميركية على الأراضي الأوروبية باتجاه حدودنا".

وتابع بيسكوف قائلًا "هذا ليس إلا محاولةً لاحتواء إمكاناتنا العسكرية، ويؤدي بالطبع إلى اتخاذ التدابير المناسبة لضمان التكافؤ"، مع الإشارة إلى أن بيسكوف لم يحدد التدابير التي ستلجأ موسكو إلى اتخاذها ردًا على الخطوة الأميركية.