أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، عن نتائج المؤشر العربي 2017/ 2018 الذي تم إجراؤه في 11 بلدًا عربيًا، هي: مصر، والكويت، وتونس، وموريتانيا، ولبنان، وفلسطين، والسودان، والأردن، والعراق، والسعودية، والمغرب.
تدل نتائج المؤشر العربي على سخط عام عند اللبنانيين على إقحام الدين في مؤسسات الدولة
شارك في تنفيذ هذا الاستطلاع 865 باحثًا وباحثة، واستغرق تنفيذه نحو 45 ألف ساعة، وقطع الباحثون الميدانيون أكثر من 700 ألف كيلومتر من أجل الوصول إلى المناطق التي ظهرت في العينة في أرجاء الوطن العربي. وقد شمل 18830 مستجيبًا ومستجيبة ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، بهامش خطأ يراوح بين 2 و3%. ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الاستطلاع في نسخته السادسة هو أضخم مسح للرأي العام في المنطقة العربية، سواء كان ذلك من حيث حجم العينة أو عدد البلدان التي يغطيها.
بدا أن نتائج المؤشر تدل على سخط عام عند اللبنانيين على إقحام الدين في مؤسسات الدولة، واستخدام الطائفية والمحاصصة الطائفية في السياسية. وكان هناك شعور عام بعدم وجود الأمان، نتيجة مشاكل كثيرة تتجسد في غياب الدولة وسيطرة ميليشيات عسكرية على مناطق عدة. ورغم أن أغلبية جامعة من اللبنانيين اتفقت على كون إسرائيل عدوًا رئيسيًا، وقد تبنوا آراء مناصرة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية للعرب جميعهم، إلا أن سردية بعض المحاور اللبنانية، في استخدام فلسطين من أجل إدانة الثورات العربية لم تنجح، فقد أيد معظم اللبنانيين الثورات، وكان جزء غير قليل منهم متفائلين رغم كل شيء حول مآلاتها. وكانت طرق تفسير اللبنانيين لنشوء تنظيم مثل داعش، تنم عن إدراك واضح لدور الاستبداد والظروف السياسية والاقتصادية المحلية في خلق مثل هذا النوع من التطرف، وهو ما يقف على النقيض من رواية المؤامرة.
الأمن الغائب
تكررت تخوفات اللبنانيين في المؤشر العربي من ملف الأمن وغياب الدولة، نتيجة سيطرة ميليشيات عدة على مناطق مختلفة من البلاد، فقد بلغت نسبة الذين قيَّموا مستوى الأمان في مناطقهم بجيد وجيد جدًا 57% فقط، أما على صعيد لبنان ككل فقد وصلت نسبة الذين قيّموا مستوى الأمان في البلد من سيئ إلى سيئ جدًا 76%، وهي النسبة الأعلى مقارنة بباقي الدول التي أُجري فيها الاستطلاع.
تكررت تخوفات اللبنانين في المؤشر العربي من ملف الأمن وغياب الدولة
وعلى صعيد الدول التي تشكل خطرًا على البلاد، اعتبر 73% من المستجيبين أن إسرائيل هي الدولة المهددة للأمن في لبنان، و12% اعتبروا أن لأميركا دورًا في تهديد الأمن، فيما اعتبر 6% من العينة البحثية أن إيران من الدول الخطيرة على أمن لبنان أيضًا. أما على صعيد الدول الأكثر تهديدًا للأمن العربي، فاعتبر 65% من المستجيبين اللبنانيين أن إسرائيل هي المهدد الأكبر، واختار 21% أميركا، و1% إيران، و7% دولًا عربية.
لا تناقض بين فلسطين والثورات العربية
على الرغم من كل السرديات التي تضع فلسطين مقابل الثورات العربية، فقد أجمع معظم اللبنانيين على دعم القضيتين معًا، وأيد 59% قيام الثورات التي بدأت في العالم العربي منذ عام 2011، واعتبر 54% أن الربيع العربي سيحقق أهدافه في نهاية المطاف.
ويعتبر 80% من المبحوثين أن القضية الفلسطينية قضية جميع العرب، فيما يعتبر 13% منهم أنها قضية تخص الفلسطينيين وحدهم. ووافق 2% منهم على اعتراف بلدهم بإسرائيل، فيما عارض 97% ذلك.
اتجاهات الرأي العام اللبناني نحو تنظيم الدولة الإسلامية - داعش
كان لدى 96% من المستجيبين الذين سمعوا عن تنظيم "داعش" نظرة سلبية جدًا عنه. وكان بحسب 21% من المبحوثين أهم عنصر قوة للتنظيم بين مؤيديه، بغض النظر عن مدى صحته، هو إعلان الخلافة الإسلامية، وبحسب 14% كان الالتزام بالمبادئ الإسلامية هو الأهم.
فيما يرى 15% من المبحوثين أن الإنجازات العسكرية كانت السبب وراء قوة التنظيم جماهيريًا، أما استعداده لمواجهة الغرب فقد حصل على 13% من الآراء. وبخصوص مقولة دفاعه عن أتباع مذهب أهل السُّنَّة فقد شكلت 10% من قوته بالنسبة للمستجيبين. وكان نصيب قتاله لجماعات مسلحة أخرى 6%، واستعداده لمواجهة إيران 11%، ومعاداته النظام السوري أو العراقي 5%.
اقرأ/ي أيضا: المؤشر العربي: كيف يتفاعل العرب مع الديمقراطية؟
وكانت الأسباب التي دفعت بعدد من المقاتلين، بعضهم عرب، إلى تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب 52% هي لأسباب متعلقة بداخل بلدانهم، توزعت بين أسباب اقتصادية 26%، وسياسات داخلية 15%، وأسباب مجتمعية 11%.
فقدان أمل من تحسين الدولة للاقتصاد
وصف 89% من المبحوثين الوضع الاقتصادي في لبنان بالسيئ والسيئ جدًا، فيما أفاد حوالي ثلث المستجيبين أن الوضع الاقتصادي لأسرهم سيئ وسيئ جدًا، إلا أن هناك العديد من العوامل التي تتداخل في تقييم الوضع الاقتصادي للأسر، لذا فالسؤال عن مدى تأمين دخل الأسرة لنفقاتها واحتياجاتها الأساسية كان دالًا أكثر، فقد وصف 14% من المستجيبين أن دخل أسرتهم لا يغطي نفقات احتياجاتهم.
وبعد أن تصدرت المشكلات الاقتصادية قائمة أهم المشكلات التي يعاني منها لبنان، وفي ظل الوضع الاقتصادي السيئ بات من الصعب تواجد حلول لتأمين احتياجات الأسرة، فضلًا عن أن 16% فقط من المستجيبين اعتبروا أن الدولة جادّة في حل هذه المشاكل. يتضح أن هناك حالة من فقدان الأمل يمكن التماسها لدى اللبنانيين.
تصدرت المشكلات الاقتصادية قائمة أهم المشكلات التي يعاني منها لبنان
أداء الحكومة والأحزاب والرأي العام في مؤسسات الدولة
أجاب 84% من المجتمع البحثي أن لديهم ثقة كبيرة بالجيش اللبناني، بينما 18% من المستجيبين كانت لديهم ثقة بالأمن العام، و63% لديهم ثقة بجهاز القضاء، فيما اعتبر 29% أن مبدأ الحصول على محاكمة عادلة في لبنان مطبق، ما يشير إلى أن الثقة بالقضاء ليست تامة. وكان هناك 5% لديهم ثقة بالأحزاب، و43% يثقون بأداء الحكومة، و84% قيموا أداء الحكومة بالسيئ. ويثق 32% بمجلس التشريع و11% يعتبرون أن القانون يطبَّق على الجميع بالتساوي.
عزوف جماعي عن المشاركة السياسية
كانت نسبة المستجيبين الذين لم يشاركوا على الإطلاق أو لم ينضموا إلى مجموعة ناشطة تعمل على الضغط/الدعم/الحشد من أجل قضية خلال الاثني عشر شهرًا الماضية 90%. ونسبة الذين لم يشاركوا في توقيع عريضة في هذه الفترة أيضًا كانت 98%.
وأفاد 96% من المبحوثين أنهم غير منتسبين إلى أية جمعية أو هيئة مدنية. فيما كان 95% غير منتسبين إلى جمعيات وروابط عائلية أو عشائرية، ونسبة الانتساب إلى الأحزاب السياسية هي 15%.
سخط على الطائفية
وصف 5% من المستجيبين اللبنانيين أنفسهم بالمتدينين جدًا، بينما اعتبر 62% أنفسهم متدينين إلى حد ما، و28% غير متدينين، بينما كان 4% غير مؤمنين. وبعد سؤال الذين أجري عليهم الاستطلاع إذا كانوا يفضلون التعامل مع أشخاص متدينين كانت الأجوبة كالتالي: 5% يفضلون التعامل مع أشخاص متدينين، 9% مع أشخاص غير متدينين، 83% لا فارق لديهم.
اقرأ/ي أيضا: المؤشر العربي: داعش في نظر الرأي العام العربي
ووافق 66% من أفراد العينة على أن على رجال الدين لا يؤثرون في كيفية تصويت الناخبين، ومؤيدي فكرة أن على الحكومة عدم استخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياستها كانت 74%. بينما أيد 17% فكرة أن يستخدم المرشحون الدين من أجل كسب أصوات الناخبين. واعتبر 20% أنه من الأفضل للبنان أن يتولى المتدينون المناصب الهامة في الدولة. بينما أيد 78% فكرة فصل الدين عن الدولة.
وتبدو هذه النتائج على نقيض الآليات التي تعمل من خلالها المؤسسات اللبنانية، بخصوص أنظمة المحاصصة الموزعة على الطوائف، في معظم مؤسسات الدولة، والتي كانت بارزة في الانتخابات النيابية الأخيرة قبل أيام. ويبدو أنهم يعبرون بشكل غير مباشر عن سخطهم ضد هذا النظام.
اتجاهات الرأي العام نحو الديمقراطية
دحض المستجيبون اللبنانيون نظرية "أن تعدد الأحزاب هو ظاهرة تنبئ بوجود الديمقراطية"، بعد أن قيموا مستوى الديمقراطية في لبنان بـ5.8 على مقياس من صفر إلى 10. اعتبر 39% من المستجيبين أن ضمان الحريّات السّياسية والمدنية العامة هو أهم شرط لاعتبار البلد ديمقراطيًا، واختار 19% المساواة والعدل بين المواطنين، و20% إنشاء نظام حكم ديمقراطي، و10% الأمن والاستقرار، و4% تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وكان من اللافت أن 75% اعتبروا أن النظام الديمقراطي قد يكون له سيئاته ألا أنه أفضل من باقي الأنظمة. واعتبر 42% من العينة أن وجود نظام سياسي تعددي تنافسي في جميع الأحزاب مهما كان انتماؤها خلال الانتخابات الدورية هو وجود ملائم، بينما قال 33% إن وجوده ملائم إلى حدٍ ما.
بينما وصف أقل من الثلث وجود نظام سياسي تتنافس فيه الأحزاب غير الدينية خلال انتخابات دورية بملائم وملائم جدًا، وفقط 8% اعتبروا وجود نظام محكوم بالشريعة الإسلامية من دون وجود انتخابات أو أحزاب سياسية ملائمًا.
وقبل 52% باستلام حزب سياسي لا يتفقون معه السلطة في حال حصوله على عدد أصوات يؤهله لذلك في انتخابات حرة ونزيهة. بينما اعتبر 68% أن حرية التعبير مضمونة، و67% أعلنوا أن هناك حرية للتجمع والتنظيم، و74% من المستجيبين اعتبروا أن لدى المواطن القدرة على انتقاد الحكومة دون خوف.
اقرأ/ي أيضا: