شهدت الأسابيع الماضية ذروة التصريحات التركية التي تتحدث عن إمكانية التطبيع مع نظام الأسد، وفي الوقت الذي كانت تقتصر هذه التصريحات على مستويات سياسية متوسطة، ويدور مجملها حول علاقات أمنية مع النظام السوري. جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تحدثت عن إمكانية تطبيع العلاقات واللقاء مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.
شهدت الأسابيع الماضية ذروة التصريحات التركية التي تتحدث عن إمكانية التطبيع مع نظام الأسد
ورغم أن تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، لم يكن ملفًا للنقاش خلال السنوات الماضية، إلا أن تحولات طرأت على الموقف التركي في الفترة الأخيرة، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التركية منتصف العام المقبل، مما جعل حزب العدالة والتنمية يعمل على مراجعة شاملة للسياسة الخارجية والتوجه نحو التقليل من الخلافات الخارجية. ويظهر ذلك نظرًا لترحيب المعارضة التركية، بتصريحات حزب العدالة والتنمية التي تحدثت عن إمكانية تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
واعترف مسؤولون أتراك مؤخرًا بوجود اتصالات واجتماعات ذات طابع استخباراتي مع النظام السوري، وهو ما يعد تحولًا كبيرًا في الموقف التركي تجاه النظام، والذي كانت أنقرة تقاطعه منذ أكثر من 10 أعوام بشكلٍ كامل.
وبدأت أولى الإشارات العلنية حول التطبيع مع نظام الأسد، من جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي، حيث لم يستبعد اللقاء مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، "عندما يكون الوقت مناسبًا"، بحسب قوله. وقبل أيام كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عرض قدمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإجراء لقاء ثلاثي بينه وبين الأسد، بحضور بوتين.
ونقلت مصادر إعلامية تركية عن أردوغان قوله "يمكن أن تجتمع وكالات استخباراتنا أولًا، ثم وزراء دفاعنا، ثم وزراء خارجية الدول الثلاث، وبعد ذلك يمكن أن نلتقي كقادة، وهو ما يمكن أن يفتح الباب لسلسلة من المفاوضات"، مشيرًا إلى أن بوتين رأى المقترح إيجابيًا، كما أوضح أردوغان بأنه "لا يوجد خصومة أبدية في السياسة".
مساعي الرئيس التركي لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعلانه الاستعداد للقاء بشار الأسد، تأتي نتيجة عوامل سياسية داخلية أولًا، وهي الانصياع للمعارضة التركية ومحاولة التفوق عليها، من خلال ورقة اللاجئين السوريين في تركيا. فقد أصبحت قضية اللاجئين ملفًا للاستقطاب السياسي من قبل المعارضة التركية، التي تحملهم مسؤولية الوضع الاقتصادي في تركيا. أمّا أردوغان، فهو يسعى إلى تحقيق مكسب من هذه الورقة، من خلال التقارب مع نظام الأسد والتنسيق معه لإعادة العدد الأكبر من اللاجئين.
ويسعى أردوغان، من خلال هذا التقارب والعمل على ملف اللاجئين إظهار أن العودة أصبحت "آمنة". مع إدخال روسيا إلى الملف، بهدف التأكيد على وجود ضمانة أساسًا، وللضغط على النظام السوري الذي قد يناور في هذا الملف.
يترافق مع هذا الملف، النشاط التركي في شمال سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" ووحدات حماية الشعب الكردية، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، التي انطلقت ضدها عملية عسكرية تركية إثر تفجير إسطنبول، والترابط في الملف، هو السعي التركي للسيطرة على مناطق واسعة في شمال سوريا، بهدف توطين اللاجئين فيها.
ومع انطلاقة العملية التركية "المخلب- السيف" في شمال سوريا، تحدثت مصادر تركية عن إمكانية التنسيق مع النظام السوري من أجل مواجهة قوات "قسد". والعملية الجوية حتى الآن استهدفت الوحدات الكردية شمالي سوريا والعراق. مع حديث رسمي، عن سعي أنقرة إلى تأمين حدودها مع الشمال السوري.
مع انطلاقة العملية التركية "المخلب- السيف" في شمال سوريا، تحدثت مصادر تركية عن إمكانية التنسيق مع النظام السوري
وترفض موسكو وواشنطن قيام تركيا في عملية برية حتى الآن، وسط مفاوضات طويلة مع كافة الأطراف، ويمكن أن يصبح النظام السوري لاعبًا فيها. وترى بعض القوى المقربة من الحكومة التركية، كزعيم حزب الوطن دوغو برينجك، وزعيم حزب حركة القومية دولت بهتشلي، أن الحل في شمال سوريا، يكمن في فتح قناة اتصال مع النظام السوري.