في إطار حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات، تجددت المواجهات بين جيرمي كوربين والأعضاء اليهود داخل حزب العمال البريطاني. كان لهذه الحرب عدة جولات، آخرها ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تحقيق صحفي، ادعى معدوه أن مكتب زعيم حزب العمال المعارض تدخل في عمليات انضباط مستقلة بالحزب تهدف إلى القضاء على معاداة السامية، حسب ما نشرت وكالة رويترز.
بدأت قصة الحرب على كوربين منذ ثلاث سنوات حين شرع حزب العمال البريطاني في تحقيق حول كيفية التعامل مع معاداة السامية بعد تعليق عضوية اثنين من الحزب اُعتبرت تصريحاتهما معادية لإسرائيل
ومع أن حزب العمال وصف الاتهامات بأنها "تحريف متعمد وخبيث يستهدف تضليل المواطنين"، فإن ما حدث يبدو أنه ينطوي على صراع موجود داخل الحزب بالفعل.
اقرأ/ي أيضًا: حرب لوبي إسرائيل ضد جيرمي كوربين.. تهمة معاداة السامية ثمن الانتصار لفلسطين!
بدأت القصة منذ ثلاث سنوات حين شرع حزب العمال البريطاني في تحقيق حول كيفية التعامل مع معاداة السامية بعد تعليق عضوية اثنين من الحزب اُعتبرت تصريحاتهما معادية لإسرائيل، حينئذ، اقترح زعيم حزب العمل البريطاني جيريمي كوربين ما أسماه وقتها "بمدونة سلوك جديدة تمنع صراحة معاداة السامية وغيرها من الأشكال العنصرية". لكن يبدو أن أعضاء داخل الحزب استخدموا هذه القضية وما جاء بعدها من جولات على نحو سياسي ضد كوربين، الذي عرف عنه تأييده للقضية الفلسطينية في عدة مناسبات.
حرب ضد كل صوت يغرد خارج السرب!
في آذار/مارس الماضي تعرض كوربين إلى حملة إعلامية شاملة اتهمته بالتسامح مع معاداة السامية داخل الحزب، خاصة وأنه يُعلن من وقت لآخر أن إسرائيل مشروع عنصري، وهو ما يثير الادعاءات الجاهزة ضده بمعاداة السامية على أساس أن تعريف معاداة السامية يشمل أيضًا أي نقد موجه لإسرائيل. "يتسق ذلك مع معاداة كوربين الرسمية لقانون القومية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في وقت سابق، والذي يجعل اليهود حول العالم مسؤولية إسرائيل المباشرة، وليس الدول ومنظمات المجتمع المدني في البلدان التي يعيشون فيها"، كما أن التاريخ السياسي الذي يحابي إسرائيل على طول الخط لا ينسى لكوربين انضمامه لحركة المقاطعة الدوليةBDS ، حسبما ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في وقت سابق.
الجدير بالذكر أن كوربين زار غزة مرتين في كانون الثاني/يناير 2010 وفي شباط/فبراير 2013، وقد وصف الأوضاع في غزة بأنها" سجن كبير للمعاناة". وفي أيلول/سبتمبر 2016، تعرض لانتقادات شديدة بسبب رفضه دعوة من حزب العمل الإسرائيلي لزيارة نصب تذكاري للهولكوست في القدس المحتلة.
حرب إعلامية
في إطار تجدد هذه الحملة الإعلامية، بعد استقصاء البي بي سي، عن الأعضاء الذين "عانوا" من معاداة السامية داخل الحزب، انعكس هذا النقاش في الإعلام الإسرائيلي والبريطاني. حيث نشرت صحيفة هآرتس مقالًا تنتقد فيه صحيفة الغادريان، لنشرها خطابًا يدافع عن أحد نواب حزب العمال من تهم معاداة السامية، تم إرساله من قبل "أعضاء بارزين في الجالية اليهودية",
تذكر الصحيفة الإسرائيلية أن الرسالة تم توقعيها من 100 شخص لدعم كريس ويليامسون، وهو حليف لزعيم حزب العمل جيريمي كوربين، والذي تم تعليق عضويته بسبب قوله إن سياسيات الحزب تجاه معاداة السامية "اعتذراية للغاية".
مجموعة "صوت اليهود في حزب العمال" وهي مجموعة صغيرة مؤيدة لكوربين داخل الحزب، دافعت عنه ضد الاتهامات المتكررة بمعاداة السامية من قبل الجماعات اليهودية الأكبر، سلطت الضوء على مجموعة من الأسماء البارزة في قائمة الموقعين، من بينهم نعوم تشومسكي، نورمان فنكلستين، ريتشارد فولك وإد أسنر، واثنان من الناشطين من المملكة المتحدة وهما ليا لافين وجيني مانسون.
كانت من بين الموقعين أيضًا الناشطة جاكي ووكر البريطانية اليهودية من أصول أفريقية، والتي كانت النائبة السابقة لجناح مومنتيم المؤيد لجيرمي كوربين. وقد أدلت من قبل بعدة تصريحات يبدو أنها لم تعجب مؤيدي الصهيونية داخل الحزب، حيث أشارت إلى أن "يوم المحرقة (الهولوكوست) مفتوح لكل الشعوب، وأن استعباد أجدادها الأفارقة هو دياسبورا (شتات) وهولوكوست، ورفاقنا السود والمسلمين اليوم أكثر عرضة للاستهداف العنصري من اليهود. حين نقول ذلك فلسنا هنا معادين للسامية". يُذكر أن خطاب ووكر أدى إلى تعرضها هي أيضًا إلى حملة انتقادات موسعة أدت إلى تجميد عضويتها.
ولا زالت الجماعات اليهودية تتهم حزب العمال البريطاني بأنه معادٍ للسامية على نحو مؤسسي، حسب ما تبين رويترز، حيث ظهر في التقرير الذي أنتجته البي بي سي عن القصة أعضاء سابقون بالحزب يدعون أن المناخ داخل الحزب عدائي تجاه اليهود في السنوات القليلة الماضية.
اقرأ/ي أيضًا: مظلة "العمال البريطاني" لا تفتح في القدس
تسعة من النواب قدموا استقالاتهم هذا العام من الحزب بسبب ما ادعو أنه سوء تعامل من قيادته مع معاداة السامية، بالإضافة إلى احتجاجهم على موقفه بشأن خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، حيث يطالب الحزب باستفتاء جديد حول بريكست ويعارض الخروج من الاتحاد.
ذكر المكتب الصحفي لحزب العمال فقد ذكر مرارًا و تكرارًا أن الحزب يعارض معاداة السامية وأن بعض المسؤولين السابقين الذين استشهدت بهم "بي بي سي" لديهم "خلافات شخصية وسياسية" مع كوربين
أما المكتب الصحفي لحزب العمال فقد ذكر مرارًا و تكرارًا أن الحزب يعارض معاداة السامية وأن بعض المسؤولين السابقين الذين استشهدت بهم هيئة الإذاعة البريطانية لديهم "خلافات شخصية وسياسية" مع كوربين، وهو ما يرجح أن القصة برمتها استخدام سياسي وبروباغندا تضمن وقوع جيريمي كوربين في دائرة الانتقادات والاتهامات، من أجل إضعاف حزبه ضمن مواجهة قوية مع بقية الأحزاب في الساحة البريطانية المضطربة بالفعل، في خضم مشروع خروجها المتعثر من الاتحاد الأوروبي.
اقرأ/ي أيضًا.
الرايخ الرابع في تل أبيب.. حرب إسرائيل "النازية" على جيرمي كوربن
موت الفلسطيني "الغامض".. وقفة مع التضليل في الإعلام الأمريكي!