21-يونيو-2024
أطفال في مخيم للنازحين الأيزيديين

يُجمع النازحون الأيزيديون على أن سنجار ليست آمنة (الغارديان)

يعيش النازحون الأيزيديون في حالة من الخوف والقلق في ظل توجه الحكومة العراقية لإغلاق مخيماتهم في كردستان العراق، بهدف إعادتهم إلى منازلهم في مدينة سنجار غرب محافظة نينوى، شمال العراق.

وكان هؤلاء قد نزحوا من سنجار عقب هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" عليها في حزيران/يونيو 2014، حيث أجبرتهم جرائم التنظيم المروّعة التي تنوعت بين القتل والأسر وسبي النساء على الفرار من منازلهم.

وحدّدت الحكومة العراقية، في كانون الثاني/يناير الفائت، من نهاية تموز/يوليو القادم موعدًا نهائيًا لإغلاق 23 مخيمًا في كردستان العراق تؤوي ما يقرب من 155 ألف نازح داخليًا معظمهم من الأيزيديين.

يجمع النازحون الأيزيديون على أن سنجار لا تزال غير آمنة، خاصةً في ظل التواجد العسكري للعديد من الميلشيات العراقية والكردية في المدينة، واستخدامها لتهريب الأسلحة

ومع أن وزارة الهجرة والمهجرين وعدت بتقديم 4 ملايين دينار عراقي (3 آلاف دولار أميركي) لكل أسرة لمساعدتها على تغطية تكاليف إعادة التوطين، إضافةً إلى إطلاق برنامج لخلق فرص العمل؛ إلا أن هذه الخطط أثارت مخاوف النازحين والمنظمات الأممية والحقوقية.

وفي تصريح صحفي، الأسبوع الماضي، قال ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق، جان نيكولا بوز، إن الإغلاق الوشيك لهذه المخيمات: "يدفع الكثيرين إلى الشعور بالضغط للعودة إلى ديارهم، بدلا من اتخاذ قرار طوعي".

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن معظم النازحين في مخيمات كردستان العراق هم من مدينة سنجار، التي لا تزال في حالة خراب إلى حد كبير. وقال نازحون للصحيفة إن الأموال المعروضة عليهم ليست كافية، وأن العودة إلى ديارهم ليست آمنة أيضًا.

وقالت ساري رافو مراد بيشو، مواطنة عراقية من الطائفة الأيزيدية تبلغ من العمر 60 عامًا يعيش في مخيم شاريا قرب مدينة دهوك، إنه: "إذا أخرجتنا الحكومة من هذا المكان، فلن يكون لدينا مكان نذهب إليه".

وأضافت بيشو للصحيفة البريطانية: "لا أستطيع العودة إلى المكان الذي قُتل فيه خمسة من أطفالي".

وبحسب الصحيفة، يعيش في مخيم شاريا نحو 12.255 نازحًا يعتبره معظمهم ملاذًا لهم، وبينهم بيشو التي اختطف تنظيم "داعش" ابنها وأحفادها الأربعة في سنجار، عاد واحد منهم فقط: "لا يساعدنا إلا الله ومن يفعل الخير".

وكغيرها من النازحين، تعتمد بيشو وزوجها على المساعدات الغذائية التي تقدّمها وزارة الهجرة والمهجرين، والتي يتم تسليمها لهم كل شهرين أو ثلاثة أشهر، إضافةً إلى المساعدات التي يقدّمها لهم السكان. وتنتظر بيشو الموافقة على طلبها للحصول على تعويض حكومي، وهو متاح لسكان مدينة سنجار المنكوبة الذين تضررت ممتلكاتهم بشكل كبير عقب دخول "داعش" إلى المدينة.

وقال نازح آخر يُدعى تحسين حسين عثمان رشو، ويبلغ من العمر 39 عامًا، إن المبلغ الذي تقدّمه وزارة الهجرة والمهجرين: "لا يكفي لإعادة بناء غرفة واحدة"، مشيرًا إلى أنه: "لا توجد وظائف هناك، ولا كهرباء، وعندما تكون موجودة فهي قليلة. لا يوجد مياه صالحة للشرب. وبدون المال أو المساعدة الاجتماعية، لا يستطيع الناس تربية أسرهم. لن آخذ أطفالي إلى هناك".

ولفت إلى أن أسرته المكونة من 6 أفراد تكافح لتغطية نفقاتها، وتعتمد بشكل كبير على الطرود الغذائية الحكومية. وقد فرت العائلة قبل يوم من وصول "داعش" إلى سنجار، حيث حذّرهم أحد أصدقائهم في الجنوب عبر اتصال هاتفي. وكغيره من الأيزيديين، يرى رشو أن مدينتهم الجبلية الصغيرة لا تزال غير آمنة.

وترتبط مخاوف هؤلاء بالوجود العسكري الكبير في المدينة، حيث تنشط مجموعات مسلحة مختلفة بينها "الحشد الشعبي" المدعوم من إيران، والميليشيات الكردية المتحالفة مع "حزب العمّال" الكردستاني. عدا عن أن المدينة أصبحت طريقًا رئيسيًا لتهريب الأسلحة بين العراق وتركيا ولبنان وسوريا.

وعرضت جوني شيبو علي عامر، 60 عامًا، صورًا لمنزلها المدمر في إحدى قرى سنجار، وقالت لـ"الغارديان" إنه: "إذا أعادت الحكومة بناء المنطقة ووفرت الكهرباء والماء، فسنعود. لكن كل شيء دمر وليس لدينا مكان نذهب إليه".

في المقابل، أعرب بير ديان جعفر، مدير إدارة الهجرة والنزوح والأزمات في كردستان العراق، عن اعتقاده بأن الحكومة العراقية لن تلتزم بالموعد النهائي الذي حددته في 30 تموز/يوليو القادم، وأنه عليها تقديم ما
لا يقل عن 10 ملايين دينار عراقي (أكثر من 7 آلاف ونصف دولار) لكل أسرة لكي تتمكن من إصلاح منزلها والعيش فيه.

وتابع: "لا يوجد إقبال من النازحين لتسجيل أسمائهم للمغادرة"، مضيفًا أنه: "لا يمكننا إغلاق [المخيمات] بالقوة ونطلب من الناس العودة إلى أماكنهم".

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي عباس، إن الحكومة العراقية لا تريد أن يعتمد الناس على المساعدات، موضحًا أن: "الوزارة تواصل عملها لإغلاق المخيمات قبل الموعد المعلن"، لافتًا إلى أن المبلغ المقدّم للنازحين يهدف إلى: "ترميم المنازل الصغيرة وشراء السلع الدائمة".

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإنه لا يزال هناك أكثر من 2700 أيزيدي في عداد المفقودين، ويُعتقد أنهم قُتلوا من قِبل تنظيم "داعش" أو ما زالوا في الأسر ربما.