مؤامرة جديدة يقودها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ضدّ الشرعية في اليمن، حيث كشفت نشرية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية المتخصّصة في شؤون الاستخبارات، بأن شقيق ابن زايد ومستشاره للأمن القومي، طحنون بن زايد، استطاع إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، برفع يده عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتسليم السلطة لنجل المخلوع علي عبدالله صالح، وهو ما يكشف عن طبيعة المخطّط الإماراتي في اليمن لإسقاط الشرعية وما تبقى من استحقاقات الثورة، وذلك بالإضافة لمخططها المكشوف لتقسيم البلاد عبر دعمها لانفصال الجنوب.
كيف تتآمر الإمارات ضد الشرعية؟
وفقًا لإنتلجنس، فقد سافر الجنرال أحمد العسيري رجل ولي العهد السعودي ونائب المخابرات العامة، إلى أبوظبي في 27 حزيران/يونيو الماضي لمقابلة أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، والقائد السابق للحرس الجمهوري وسفير اليمن سابقًا في دولة الإمارات، إذ اختير مؤخرًا من قبل أبوظبي لقيادة المفاوضات لتشكيل حكومة يمنية جديدة، وأُبلغ أن الرياض تُبارك المحادثات في صنعاء.
منذ تعيين ابن سلمان وليًا للعهد في السعودية، وتبدو الرياض أكثر انفتاحًا على فكرة عودة السلطة إلى علي عبدالله صالح
كما أرسل والده علي عبدالله صالح مبعوثه مؤخرًا، يوسف الفيتشي، وهو مرغوب فيه من قبل الرياض، إلى المسؤولين في الظهران شرقي السعودية، وذلك ضمن سلسلة مباحثات لتنفيذ الخطة الإماراتية. ومن المنتظر أن يتولى رئيس الوزراء اليمني السابق خالد بحاح، المقرّب من الإماراتيين والذي أقاله عبدربه منصور هادي السنة الماضية، دورًا في المرحلة المقبلة.
اقرأ/ي أيضًا: حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية
ونقلت إنتلجنس عن مصادرها، أنه منذ تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد في 21 حزيران/يونيو الماضي، تبدو الرياض الآن "أكثر انفتاحًا" على فكرة العودة إلى سلطة الرئيس اليمني المخلوع، وهو ما يكشف عن مدى ارتهان الموقف السعودي للإماراتيين، وهو ما أشار إليه الكاتب والإعلامي اليمني، أحمد الشلفي في تغريدة على حسابه بتويتر قائلًا: "ماذا ستقول العرب عن السعودية؟ دخلت حربًا في اليمن قتل فيه عشرات الآلاف لتمكن من احتلالها دولة كانت تسمى الإمارات؟ تاريخ غير مشرف!".
ولا تستهدف الإمارات عبر مخطّطها الجاري، إلا تصفية ما تبقّى من استحقاقات الثورة التي لا طالما تآمرت عليها مع السعودية منذ اندلاعها، إذ يعمل ابن زايد حاليًا على إعادة الحكم بيد الرئيس المخلوع واستبعاد خصومه، ومنهم تحديدًا عبدربه منصور هادي، وبقية الشخصيات المنضوية ضمن الشرعية، وخاصة نائب الرئيس علي محسن الأحمر، بالإضافة لإقصاء التجمع اليمني للاصلاح الإسلامي من المشهد السياسي، وذلك ضمن المشروع الإماراتي الهادف للقضاء على الإسلاميين وتمكين الثورات المضادة.
كما أنه بينما تدفع الإمارات لتشكيل حكومة موالية لها في صنعاء، فإنها تعمل في نفس الوقت مع الانفصاليين في دعم "استقلال" جنوب البلاد، وذلك ضمن خطتها لتقسيم البلاد.
الإمارات وهدف تقسيم اليمن
لا تقف السياسات الإماراتية عند محاولات إجهاض الشرعية واستحقاقات الثورة في اليمن فقط، بل تنحو لما هو أخطر باتجاه تقسيم البلاد، إذ تدعم الإمارات ما يُسمّى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن، وهو هيكل انفصالي يطالب باستقلال جنوب البلاد. وخلال حشد شعبي مؤخرًا في عدن سمّاه الانفصاليون بـ"ثورة الجنوب"، وصف أحد أنصار الانفصال والإمام الخطيب في الحشد، السلطات الشرعية بأنها "احتلال يمني"، وهو ما يكشف عن بلوغ دعوات الانفصال لأقصاها.
هذا وكان عبدربه منصور هادي، قد أقال، خلال الفترة المنقضية، محافظي ثلاث محافظات جنوبية هي حضرموت وشبوة وقسطري، وهم من أنصار الانفصال، ومن المقرّبين من الإمارات، وقد رفض المحافظون قرارات إعفائهم، فيما لم يخف الإماراتيون بدورهم رفضهم لقرارات الرئيس اليمني.
وتعمل الإمارات على تقسيم اليمن بهدف ضمان نفوذ واسع على جنوب اليمن الساحلي وخليج عدن، إذ لا تخفى المطامع الاقتصادية الإماراتية التي تستهدف ميناء عدن لحساب موانئ دبي، وهدف فرض النفوذ على خليج عدن الاستراتيجي في المنطقة. وتنكشف هذه المطامع برفض الإمارات التي تتولى حق تشغيل ميناء المعلا في العدن، بموجب اتفاقية منذ 2011؛ القيام بالتزاماتها، وهو ما أدى لتآكل معدات الميناء وخروجها عن الخدمة بسبب امتناع شركة "موانئ دبي" عن إجراء الصيانة اللازمة. كما رفضت القوات الإماراتية توجّه حكومة هادي في أيلول/سبتمبر الماضي لتشغيل ميناء الضبة النفطي لنقل كمية النفط المخزنة في منشآت الميناء إلى الأسواق العالمية.
تعمل الإمارات على تقسيم اليمن بهدف ضمان نفوذٍ واسع على جنوب اليمن الساحلي وخليج عدن
وتعتقد الإمارات بأن دعم القوى الانفصالية والنجاح في تقسيم اليمن سيضمن لها نفوذًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا في الجنوب اليمني، ولذلك تغدق حاليًا الأموال ومختلف أشكال الدعم للانفصاليين لضمان المقابل المطلوب بعد الانفصال. ويسعى محمد بن زايد من وراء ذلك لتجسيد هدفه بأن تصبح الإمارات دولة مؤثرة ذات نفوذ واسع لها القدرة على فرض الحكام وإقصاء الخصوم في المنطقة.
ماذا عن السعودية؟
كشفت الأشهر الماضية عن خلافات بين السعودية والإمارات بخصوص إدارة الأزمة في اليمن، خاصة فيما يتعلّق بملفّ انفصال الجنوب، حيث لا يخفى على السعوديين بأن الانفصال هو هدف إماراتي بامتياز بما لا يتقاطع مع مصالحها الاستراتيجية. غير أن صعود ولي العهد محمد بن سلمان بدفع من ولي العهد الإماراتي ابن زايد، كشف عن مدى التنازلات السعودية الممكنة وإمكانية رضوخها لضغوطات جارتها.
اقرأ/ي أيضًا: أبوظبي والرياض في اليمن.. تغطية الفشل والصراع الخفي عبر اتهام الدوحة
بالعودة لإنتلجنس أونلاين، فقد نجحت الإمارات فعلًا في إقناع القيادة السعودية بإزاحة حليفهم الرئيسي عبد ربه منصور هادي، والذي كان يمارس مهامه من الرياض، بل وفي تقبّل عودة خصمهم علي عبد الله صالح للسّلطة ولعبه دور فاعل في المرحلة المقبلة، وهو ما يعني عمليًا إسقاط الشرعية التي اتخذتها السعودية وحلفائها عنوانًا لحملتها العسكرية منذ زهاء سنتين.
ولا يٌستبعد أن يتواصل مسلسل التنازلات السعودية لحساب مطامع محمد بن زايد في ملف الانفصال، وهو ما يعني أن المرحلة القادمة التي تعمل على ضبط تفاصيلها الإمارات، هي في الواقع تمهيد لإعلان انفصال الجنوب بشكل رسمي، وهو ما قد يؤدي لاندلاع مواجهات بين مؤيدي ورافضي الانفصال في المحافظات الجنوبية، بالإضافة للقوى اليمنية المؤثرة المؤيدة للرئيس اليمني، وهو ما يعني استدامة حالة الحرب التي أودت للآن بحياة آلاف الأبرياء، والتي سبّبت في انتشار وباء الكوليرا القاتل الذي يحصد أرواح اليمنيين يومًا تلو الآخر.
اقرأ/ي أيضًا:
#أخرجوا_الإمارات_من_اليمن.. كفى تعذيبًا لشباب "اليمن الحزين"