تجنب الاجتماعيات أو الانخراط في علاقات اجتماعية واسعة، أو ما يشار إليه أحيانًا بالانطوائية والانعزال، ليس مجرد حالة مزاجية، وإنما يكون في كثير من الأحيان اضطرابًا نفسيًا، وهو ما يعرف بـ"اضطراب الشخصية التجنبية". المزيد عن هذا الاضطراب النفسي فيما يلي، نقلًا بتصرف عن موقع "Cleveland Clinic".
اضطراب الشخصية التجنبية، أو اضطراب الشخصية الانطوائية (Avoidant Personality Disorder) هو أحد الحالات التي تصنف تحت اضطرابات قلق الشخصية، والتي يعاني أفرادها من مشاعر من القلق والخوف.
الذين يعانون من اضطراب الشخصية التجنبية، يعانون عادة من تدني الثقة بالذات، ما يجعلهم متوترين في المواقف الاجتماعية
ويكون لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الانطوائية عادة قدرٌ واضح من تدني الثقة بالذات، وخوف كبير من الرفض وأن يطلق الآخرون أحكامًا سلبية عليهم، ما يجعلهم متوترين في المواقف الاجتماعية، ويدفعهم إلى تفادي الاختلاط مع الآخرين والتواصل معهم والاعتذار عن المشاركة في الفعاليات الاجتماعية.
هل هذا الاضطراب شائع بين الناس؟
تشير بعض التقديرات البحثية إلى أن اثنين على الأقل من كل 100 يعانون من اضطراب الشخصية التجنبية، بشكل متساوٍ تقريبًا بين الذكور والإناث.
ويبدأ هذا الاضطراب عادة لدى الشخص في طفولة الشخص ويستمر حتى بلوغه، وقلما يتم تحديده أو الاعتراف به من قبل الآخرين.
ما أسباب اضطراب الشخصية التجنبية؟
لا يعرف المسبب المباشر لاضطراب الشخصية التجنبية، إلا أن كلًا من العوامل الوراثية والبيئة المحيطة بالفرد، تؤثر على فرصة الإصابة بهذا الاضطراب.
وقد ينتقل اضطراب الشخصية التجنبية في بعض العائلات عبر الجينات الوراثية، كما أن الظروف التي يعيشها الفرد في طفولته تحفز بشكل كبير هذا الاضطراب، مثل الرفض من الأبوين أو الأقران، ما يؤثر على تقدير المرء لذاته وإحساسه بقيمته.
ما هي أعرض اضطراب الشخصية التجنبية؟
يعاني المصابون بهذا الاضطراب من خوف كبير من الرفض من الآخرين، حتى أنهم يفضلون العزلة وعدم الاختلاط بالناس على المخاطرة بالتعرض لإهانة الرفض من الناس. وتختلف درجات وأنماط هذا الاضطراب بين الناس، ما بين الاعتدال والتطرف.
وبالإضافة إلى الخوف من الإهانة والرفض، هنالك عدد من السمات الأخرى المشتركة بين من يعاني من اضطراب الشخصية التجنبية:
- مستوى عال من الحساسية.
- الميل لتضخيم المشاكل المحتملة.
- نادرًا ما يمتلكون الجرأة لتجريب أمور جديدة.
- سرعة الشعور بالحزن عند التعرض للانتقاد أو الرفض.
- ليس لديهم أصدقاء مقربون، ولديهم تردد كبير في الانخراط في صداقات جديدة.
- لديهم مستوى منخفض من تقدير الذات، حيث يرون أنفسهم غير أكفاء وغير مرغوبين.
كل من العوامل الوراثية والبيئة المحيطة بالفرد منذ الطفولة، تؤثر على فرصة الإصابة باضطراب الشخصية التجنبية
- مشاعر الخجل المعيق وخوف القيام بشيء خاطئ يسبب لهم الإحراج.
- درجة مفرطة من القلق والخوف في المواقف الاجتماعية وفي العلاقات مع الآخرين، ما يؤدي إلى تجنب المشاركة في الفعاليات الاجتماعية أو حتى العمل وتفادي مخالطة الآخرين.
أعراض إضافية لاضطراب الشخصية التجنبية
- الشعور بالانكسار بسهولة بسبب النقد أو الرفض
- عدم امتلاك أصدقاء مقربين
- عدم الرغبة في الانخراط مع الناس
- تجنب الأنشطة أو المهن التي تنطوي على الاتصال بالآخرين
- الخجل في المواقف الاجتماعية خوفًا من فعل شيء خاطئ
- المبالغة في تقدير الصعوبات المحتملة
- التحلي بضبط النفس المفرط في العلاقات الحميمة
- الشعور بعدم الكفاءة الاجتماعية أو الدونية أو عدم الجاذبية للآخرين
- عدم الرغبة في المخاطرة أو تجربة أشياء جديدة لأنها قد تكون محرجة
الفرق بين اضطراب الشخصية التجنبية والقلق الاجتماعي
يشترك اضطراب القلق الاجتماعي واضطراب الشخصية التجنبية عددًا من الأعراض والعلامات، مثل الخوف وتجنب المواقف الاجتماعية، وعدم الرغبة في تجربة الأمور الجديدة أو الدخول في علاقات جديدة. وهذا يعني أن التشخيص قد يكون صعبًا في بعض الحالات المبكرة، علمًا أن للوضعين النفسيين جذورًا وأسبابًا مختلفة. فعند القلق الاجتماعي نحن نتحدث عن حالة من الخجل المؤدي ربما إلى تفضيل عدم القيام بشيء ما أو عدم التفوّه بأمر معين، أما في حالة الشخصية الانعزالية أو التجنبية، فإن الأمر يكون نابعًا من شعور عميق بالدونية والخوف الشديد من التقييم السلبي مقارنة بالآخرين، والخوف الشديد من الرفض من الآخرين.
هل اضطراب الشخصية التجنبية يؤثر على العلاقات الرومانسية؟
هل لدى الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب النفسي القدرة على بناء علاقات رومانسية أو الحفاظ عليها؟ الأفراد المصابون باضطراب الشخصية الانعزالية يميلون إلى الاعتماد على أنفسهم بشكل مفرط، ولذا قد يعانون من نقص شديد أحيانًا بالوعي العاطفي أو الذكاء العاطفي، وذلك بسبب عدم القدرة على تنظيم العواطف والتعامل معها، وهو ما يؤدي بالمحصلة إلى الإضرار في العلاقات الحميمية وتهديد استمرارها.
اقرأ/ي أيضًا:
الصحة العالمية تصنّف "إدمان الجنس" القهري ضمن الاضطرابات العقلية
مرض الفصام.. خلل يثيره عالم مضطرب