في المقابلة، التي قامت بها فيكتوريا ديبشاير في برنامجها على البي بي سي، تعقد لقاء مع جون نيكسون، رجل المخابرات الأمريكية السابق، الذي استجوب صدام حسين بعد خروجه من مخبئه عام 2003. يتحدث نيكسون عن الجوانب الإنسانية لصدام حسين وعن خلاصة آرائه حول قضية العراق.
نيكسون مؤلف كتاب "استنطاق الرئيس"، يصف خلاصة نتائج التحقيق مع صدام حسين بأن الرجل "كتلة من التناقضات"
عندما تم القبض على صدام حسين في كانون الأول/ديسمبر عام 2003، طلبت وكالة الاستخبارات الأمريكية السي آي إيه مختصًا للتعرف على هويته واستجوابه للحصول على معلومات. هذا الرجل كان جون نيكسون.
اقرأ/ي أيضًا: هل كان صدام حسين إسلاميًا في أواخر حكمه؟
فيما يلي يخبر جون نيكسون برنامج فيكتوريا ديبشاير عن استجوابه لصدام. نيكسون، الذي درس صدام منذ عام 1998 عند وصوله إلى السي آي ايه، يقول إن مهمته كانت أن يدرس ما يجعل القادة يتركون علامات. وقال: "عندما تحدث الأزمات يأتي إلينا صانعو السياسات بأسئلتهم المطروحة حولهم ليسألونا من هؤلاء، وماذا يريدون ولماذا يفعلون ذلك".
كان صدام حسين في العراق حين تم اكتشاف مخبئه الذي كان عبارة عن حفرة تحت الأرض في مسقط رأسه في تكريت. وعندما جاءت أخبار الوصول إلى صدام، أرادت الولايات المتحدة أن تعرف جيدًا هوية الرجل، وأوكلت هذه المهمة إلى السيد نيكسون.
كانت هناك الكثير من الإشاعات تقول إن لصدام العديد من الرجال المشابهين له، الذين يحلون محله في كل مكان، ولكن نيكسون يقول: "لم يكن عندي أي شك أنه هو منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها". ويضيف: "عندما بدأت الحديث معه أعطاني نفس النظرة التي كانت موجودة في صورة له على كتاب كان عندي منذ سنوات، كان أمرًا في منتهى السيريالية". تولى نيكسون استجواب صدام حسين وكان أول شخص يستجوبه، وتم ذلك على عدة أيام.
يقول نيكسون: "لم أكن أتوقف عن نغز نفسي طوال الوقت لأتذكر أني أستجوب أكثر رجل مطلوب في العالم، "بدا الأمر سخيفًا"، حسب نيكسون.
نيكسون مؤلف كتاب "استنطاق الرئيس"، يصف خلاصة نتائج التحقيق مع صدام حسين أن الرجل "كتلة من التناقضات"، أما عن الجانب الإنساني للرجل فيقول: "لقد رأيت جانبًا إنسانيًا يتعارض بشكل كامل مع الخداع الذي تقدمه وسائل الإعلام عنه في الولايات المتحدة".
"لقد كان من أكثر الشخصيات حضورًا وجاذبية من بين الذين قابلتهم في حياتي، فهو حين يريد أن يظهر ساحرًا ولطيفًا وفكاهيًا ومؤدبًا، يفعل ذلك ببساطة"، ولكنه أيضًا يتحول إلى الجانب المظلم منه الذي يصفه نيكسون بالفظ، المتغطرس، المزعج المخيف وصاحب الروح الشريرة حين يفقد أعصابه.
يقول نيكسون: "ظهر جانبه المظلم في مناسبتين أو ثلاث أثناء استجوابي له". كان يجلس على كرسي من المعدن قابل للطي وغير مريح في غرفة التحقيق القاتمة، ولم يكن يرافق نيكسون سوى مترجم ومشرف على جهاز كشف الكذب.
في نهاية القسم الأول من الاستجواب، حاول نيكسون أن يقيم علاقة ما مع صدام لجعله يتعاون في التحقيقات، قال صدام إنه استمتع بالحوار معه. خاصة وأنه في فترة اختبائه لم يكن يتحدث مع أحد تقريبًا.
اقرأ/ي أيضًا: صدام حسين..حي في الفيسبوك
كانت البداية مبشرة، كما وصفها نيكسون، ولكن في اليوم التالي أتى صدام أكثر ارتيابًا: "يقول نيكسون إن صدام حسين كان أكثر الرجال ارتيابًا من بين الذين قابلهم في حياته".
يقول نيكسون، الذي استجوب صدام، إنه عندما وصل لقناعة عدم وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق، اعتبرته الإدارة الأمريكية قد فشل في مهمته
ويعترف نيكسون أن المخابرات الأمريكية كان لديها القليل لتقدمه لصدام لتحفزه على الكلام، ولكن، والكلام على عهدة نيكسون، "كان علينا أن ننشد الحس التاريخي وأن كلامه سيكون مسجلًا للتاريخ ومسموعًا من قبل أكثر القوى العالمية سيطرة في العالم".
يضيف نيكسون قائلًا: "العمل لحساب وكالة الاستخبارات يعلمك كيف تستخلص المعلومات من مصادرها ووضعها في أصولها المحتملة"، ويستطرد: "ولكن عليك أن تكون حذرًا جدًا إذا كنت لا تريد أن تستخلص المعلومات الهامة عن طريق سبل خاطئة".
كانت المساحة الشائكة في الاستجواب هي: أسلحة الدمار الشامل التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قد استخدمتاها كحجة رئيسية في الحرب على العراق. ويقول نيكسون: "كان كل البيت الأبيض يريد أن يعرف"، ولكن، من حواراته مع صدام حسين، ومع مستشاريه والبحوث اللاحقة للتحقيق، وصل إلى استنتاج مفاده أن الرئيس العراقي السابق قد أوقف قبل سنوات برنامج الأسلحة النووية ولم يكن يعتزم إعادة تشغيله. وكانت تلك النتيجة التي صنفته هو وزملاؤه على أنهم "قد فشلوا".
لم يتم دعوته لاستجواب الرئيس السابق جورج دبليو بوش إلا بعد خمس سنوات لاحقة في 2008 بعد نتائج التحقيقات التي صدرت عنه، الخاصة بصدام. وعن شهادته عن التحقيق مع كليهما فقد قال نيكسون إنهما "من القلائل الذين تبادل معهما مصافحة باليد إلا أنه يفضل أن يمضي مزيدًا من الوقت مع صدام حسين".
أما عن بوش الرئيس السابق، يقول نيكسون إنه "معزول عن الواقع. مع مستشارين يتوافقون دومًا مع ما يقوله الرئيس"، ويقول: "كنت أعتقد أن ما قلناه في وكالة الاستخبارات المركزية يهم وأن الرئيس يستمع، ولكن لا يهم ما كنا نقوله، والسياسة تنسخ عمل المخابرات".
ويقول نيكسون إنه يشعر بالخجل مما حدث في العراق منذ الإطاحة بصدام. ويضيف أن الإدارة الأمريكية بقيادة بوش لم تُفكر بما قد يحدث بالعراق بعد سقوط صدام، وأنه الآن وفي ضوء صعود الجماعات المتطرفة مثل ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" فهو يعتقد أن المنطقة كانت لتكون أفضل حالًا لو أن صدام تُرك في مكانه.
اقرأ/ي أيضًا: