افتتح غاليري "Art on 56th" في بيروت مساء الخميس الفائت، الرابع عشر من تموز/ يوليو الجاري، معرض "تحية إلى بلادي" للفنان التشكيلي اللبناني مارون الحكيم (1950). وهو المعرض الفردي الـ 36 في مسيرته الفنية الممتدة على أكثر من أربعة عقود.
ينقسم المعرض إلى قسم يصور مشاهد من الريف اللبناني، وآخر يوثق تداعيات انفجار مرفأ بيروت
يضم المعرض الذي يتواصل حتى السادس من آب/ أغسطس القادم 36 لوحة أنجزت بمادة الإكريليك، إلى جانب 13 منحوتة حجرية. وتنقسم هذه الأعمال إلى قسمين أو زمنين: ما قبل انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس 2020، وما بعده.
مارون الحكيم متنقلًا بين زمنين
تعبّر أعمال القسم الأول عن لبنان وطبيعته ما قبل انفجار المرفأ، إذ تتسم بألوانها الزاهية وأنوارها الساطعة، وتتميز: "بكثافات لونية وتقميشات مختلفة في الملمس الحسي والبصري، وبمساحات تدعو إلى البهجة والزهو، في ابتهالات الفصول وتبدّل مناخاتها بين شروق وغروب، وفي التقاط غوايات الضوء وشهواته"، بحسب ما جاء في الكلمة التي قدّم بها الفنان اللبناني معرضه.
يرسم الحكيم في لوحات هذا القسم مشاهد طبيعية، ومساحات ملونة زاهية ومضيئة مستلهمة من الريف اللبناني، حيث الدفء، والسكينة، والمساحات المغطاة بالثلوج، وحقول القمح التي تجاور البيوت، والجبال التي تحرس السهول، ومواسم قطاف الزيتون، والحصاد، وليالي السمر، وغيرها من المشاهد التي قدّمها مؤسس نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين بأسلوب أساسه البهجة.
أما أعمال القسم الثاني من المعرض، فتقف على تداعيات انفجار مرفأ بيروت، وتحاول التعبير عما ترتب عليه، لكن: "من دون تشنج، من دون مباشرة، تاركًا لأحاسيسي الفنية أن تؤطر لهذا الحدث الجلل أعمالًا تبقى شاهدًا جماليًا هادفًا"، بحسب كلمة الحكيم.
يقدّم التشكيلي اللبناني في هذا القسم أعمالًا توثق، بطريقته، دمار المدينة وركام أبنيتها. وهو ما تعبّر عنه العناوين التي اختارها لها، حيث نقرأ: "ضوء من قلب الركام"، و"عندما تتساقط السماء على المدينة"، و"أرض الرماد تنتظر فجرها"، و"المدينة تسترجع روحها"، و"مدينة الرماد"، و"مدينة ترقد على جمرها"، و"غريقة الدم"، و"البحر الجريح"، وغيره.
يقول مؤلف "بالفن أحيا" في كلمته إنه يركز في هذا القسم على: "البعثرة في الأبنية وما تحتويه، وعلى مساحات تضيق، وتعتصر ذواتها بألوان كامدة ينخرها تبعثر فتحات الأبواب والشبابيك والتحطمات، موحية بالخراب والتشظي". ويضيف: "لكأن وراء كل ثقب منها عينًا لبشري يشهد على الفجيعة وأحوالها".
وحول إقامة المعرض وولادة فكرته، يقول مارون الحكيم في حديثه لـ "ألترا صوت": "أنا لا أرسم وأنحت بغية إقامة معرض، فالعمل الفني هو حاجة نفسية وحياتية وجودية لا يمكنني العيش دون ممارسته الدائمة. ولذلك فإن المعرض ليس هدفًا بحد ذاته".
ويشير ضيفنا في حديثه إلى أن المعرض إنما هو: "نتيجة طبيعية لمسار إنتاجي الفني والغوص في تجاربه وأبحاثه وتطويره. فالأحداث التي يعيشها الفنان – الإنسان هي التي تحدد نوعية المواضيع، كما أن البيئة الطبيعية هي التي تؤثر في ألوان الفنان وانفعالاته".