ألقى موقع europe-solidaire في مقالٍ نشره يوم الأربعاء الماضي الضوء على تبعات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنصب الرئاسة الأمريكية على الشرق الأوسط، وصفه في بدايته بأنه سوف يكون الشخص الأكثر عدم قابلية للتوقع، الذي يشغل المنصب منذ أن بدأت الولايات المتحدة في ممارسة دورٍ عالميٍ نشط في أواخر القرن التاسع عشر.
ترامب قد تعهد أثناء حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس كعاصمةٍ لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها
وتابع أن ترامب قد ناقض نفسه وغير مواقفه ولهجته تجاه عدة قضايا مرارًا وتكرارًا خلال الحملة الانتخابية. لكن من خلال الحكم عبر بضعة أفكارٍ رئيسية كررها بلا كلل خلال العام الماضي، يمكن تخمين ما يأتي بشأن كيفية تأثير رئاسته على الشرق الأوسط:
اقرأ/ي أيضًا: اختيار ترامب..قلق عالمي خجول
سوف يكون السوريون أول من يعاني جراء انتخابه. سيتم إغلاق أبواب الولايات المتحدة في وجه اللاجئين، ربما باستثناء المسيحيين باعتبار أن تحريض ترامب ضد اللاجئين السوريين تركز دائمًا حول الإسلاموفوبيا.
لإيقاف تدفق اللاجئين من سوريا تمامًا، أيد ترامب إنشاء "منطقةٍ آمنة" داخل حدود البلاد، يتم فيها تجميع النازحين بدلًا من السماح لهم بالخروج من البلاد كلاجئين. تباهى ترامب بأنه سوف يجعل دول الخليج العربي تدفع مقابل ذلك كما سيجعل المكسيك تدفع مقابل الحائط الذي ينوي بناءه على الحدود بين البلدين.
ثانيًا، سوف يدشن ترامب سياسةً جديدة من الصداقة والتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقوم على القبول بالمصالح الروسية. في الشرق الأوسط، يتضمن ذلك قبول دور روسيا في سوريا باعتباره إيجابيًا ودعم نظام بشار الأسد باعتباره أهون الشرين.
اقرأ/ي أيضًا: من الملام على فوز ترامب؟
سوف يتضمن ذلك منطقيًا أيضًا مطالبة حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في الشرق الأوسط بالتوقف عن دعم المعارضة السورية المسلحة. عقب ذلك سوف ترعى واشنطن مع موسكو "حكومةً ائتلافية" سورية سوف تضم أعضاءً من المعارضة المقبولة من النظام. قد يمهد ذلك الطريق لتعاونٍ أمريكي مع نظام الأسد باسم "الحرب على الإرهاب".
متبعًا سياسة تفضيل الحكام الأقوياء في السلطة، والتي يتشاركها مع بوتين، سوف يرغب ترامب في تحسين علاقة واشنطن بكلٍ من الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان. قد يحاول ترامب رأب الصدع بين الرجلين وإقناعهم بالالتزام بجهدٍ مشترك ضد "الإرهاب"، يقبل تعريف كلٍ منهما لما يعتبره إرهابًا في بلاده.
وحيث أن ترامب يستعد لاستعداء إيران عبر فسخ الاتفاق النووي الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما، فإنه قد يحاول إغراء السعودية بالانضمام إلى ما سوف يصبح مثلثًا سنيًا تربط أضلاعه بين أنقرة والقاهرة والرياض وتدعمه واشنطن.
هنا يكمن التناقض الرئيسي في رؤية ترامب للشرق الأوسط (بينما موقفه المعادي للصين هو التناقض الرئيسي في رؤيته العالمية) والتغلب على ذلك يتطلب اجتذاب موسكو ونظام الأسد إلى القطيعة مع طهران. لكن من جهة أخرى من الممكن أن تقوم روسيا بوساطة بين إيران وترامب، وأن تتمكن روسيا من ضم أمريكا لرؤيتها في الشرق الأوسط، وبالتالي يتم استبعاد السعودية، وليس إيران، من التدخل في رسم مستقبل المنطقة.
أخيرًا، سوف يكون أحد "الرجال الأقوياء" الآخرين الذين سوف تتحسن علاقاتهم بواشنطن بصورةٍ كبيرة في عهد ترامب هو بنيامين نتنياهو، الذي صرح بأن ترامب "صديق حقيقي لإسرائيل". وبالتالي، سوف يكون الشعب الفلسطيني ضحية أخرى لانتخاب ترامب مع إفساح المجال لنتنياهو في التعامل معهم أكثر من أي رئيس وزراء إسرائيلي سابق منذ أرييل شارون في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.
يذكر أن ترامب قد تعهد أثناء حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس كعاصمةٍ لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، وهو الأمر الذي يضغط وزراء في الحكومة الإسرائيلية وسياسيين إسرائيلين عليه لتحقيقه سريعًا بعد فوزه بالانتخابات.