ما هي الأتمتة؟ يطرح العديد من الأشخاص هذا السؤال عند سماعهم المتكرر لمصطلح الأتمتة الذي أصبح شائعًا في الوقت الحاضر، إذ أحدثت الأتمتة ثورة كبيرة في العالم وظهرت نتيجة للتطور التكنولوجي المتزايد الذي أصبح بإمكان الآلة من خلاله تنفيذ العديد من المهام البشرية التي كانت تستغرق الكثير من الوقت والجهد فيما مضى، بالإضافة إلى أنها ساهمت في تنفيذ مهام كان من المستحيل أن يقوم الإنسان بها دون مساعدة تكنولوجية، ولتوضيح ما هي الأتمتة، تابع قراءة هذا المقال.
ما هي الأتمتة؟
تُعرف الأتمتة (Automation) بأنها استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لأداء المهام بأقل قدر من التدخل البشري، كاستخدام روبوت أو جهاز حاسوب لأداء المهام المتكررة أو المعقدة التي كان يقوم بها البشر بشكل تقليدي، وتهدف الأتمتة إلى تبسيط المهام وتعزيز كفاءة القيام بها وتقليل الأخطاء البشرية الناتجة عنها، ومن الجدير بالذكر أن الأتمتة تعتمد على البرمجة والخوارزميات، إذ يكتب المهندسون والمطورون التعليمات البرمجية التي تعطي أوامر للأنظمة حول كيفية التصرف في ظل ظروف مختلفة، بحيث تحدد لها كيف ومتى يجب تنفيذ المهام، مما يضمن تنفيذها بدقة وسلاسة.
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الأتمتة لا يقتصر على المجالات الصناعية والتكنولوجية فحسب، وإنما تعدى ذلك ليدخل في حياتنا اليومية، فعلى سبيل المثال؛ تستخدم المنازل الذكية الأتمتة عبر استخدام أجهزة الاستشعار والأجهزة المبرمجة للتحكم في الإضاءة وأنظمة تنظيم الحرارة والأمان.
للأتمتة دور هام في زيادة الإنتاجية ورفع جودة المنتجات
ما أهمية الأتمتة؟
تظهر أهمية الأتمتة في النقاط التالية:
- تقليل التكاليف:
تواجه الشركات ضغوطًا لتقليل التكاليف وزيادة الأرباح، وبالتالي كان للأتمتة دور كبير في تحقيق تلك الغاية، إذ ساهم التشغيل الآلي في احتواء التكاليف وخفضها، بالإضافة إلى إنجاز المهام بدقة وسرعة أكبر مقارنة باستخدام القوى البشرية.
- زيادة الإنتاجية:
تسعى المصانع والشركات إلى زيادة إنتاجيتها لتحقيق أرباح أكثر خلال وقت قصير، لذا كان للأتمتة دور هام في زيادة الإنتاجية ورفع جودة منتجاتها، وبالتالي زيادة المبيعات وتحقيق المزيد من الإيرادات.
- تقليل الأخطاء البشرية:
ساهمت الأتمتة في تقليل الأخطاء البشرية الناتجة عن القيام بمهام معقدة أو مهام مكررة ومملة، كما قللت من مشكلة نسيان بعض المهام وساهمت في إنجازها بسرعة ودون أخطاء تذكر.
- أداء أفضل:
لا شك بأن الأتمتة ساعدت على تحقيق أداء أفضل وكفاءة أعلى أثناء إنجاز المهام المختلفة، الأمر الذي ساهم في زيادة ثقة العملاء بجودة وكفاءة المنتجات، مما ساعد على تحقيق أرباح أعلى.
تعد الأتمتة الذكية المستوى الأكثر تقدمًا في مجال الأتمتة، إذ تجمع بين الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي
ما أنواع الأتمتة؟
يعد معرفة ما هي الأتمتة وما أهميتها، يجدر بنا معرفة الأنواع الأساسية للأتمتة، وفيما يأتي توضيح لكل منها:
-
الأتمتة الأساسية
يطلق على الأتمتة الأساسية أيضًا اسم أتمتة المهام، ويهتم هذا النوع من الأتمتة باستخدام الحاسوب لتبسيط المهام الروتينية البسيطة والمتكررة، الأمر الذي يساعد على التقليل من الأخطاء البشرية أثناء القيام بها، بالإضافة إلى تسريع وتيرة إنجازها، وتقليل الوقت اللازم لأدائها بحيث يصبح لدى الأشخاص وقت للقيام بعمل ذي قيمة وفائدة أعلى، وتعد أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) أحد الأمثلة على هذا النوع.
-
أتمتة العمليات
يعمل هذا النوع على أتمتة العمليات الأكثر تعقيدًا وتكرارًا، والعمليات ذات الخطوات المتعددة، وذلك من خلال التكامل مع أنظمة أخرى تساهم في تشغيلها تلقائيًا، إذ يساعد استخدام أتمتة العمليات على زيادة الإنتاجية والكفاءة في مجال الأعمال وتكنولوجيا المعلومات، كما يمكن من خلاله تحديد التحديات التي تواجهها تلك المجالات، واقتراح الحلول لمواجهتها.
-
الأتمتة الذكية
تعد الأتمتة الذكية المستوى الأكثر تقدمًا في مجال الأتمتة، إذ إنها تجمع بين الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، إذ يمكن من خلالها تسخير الآلات لأداء مهام معينة عبر جعلها قادرة على اتخاذ القرارات والقيام بإجراءات أفضل بناء على البيانات المخزنة لديها من مهام سابقة قامت بها وحللتها، فعلى سبيل المثال؛ يمكن استخدام الأتمتة الذكية في مجال خدمة العملاء عبر استخدام المساعدين الافتراضيين المدعومين بتقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يقلل التكاليف على الشركات، ويقدم للعملاء خدمة مثالية.
عملت الأتمتة في قطاع التشييد والبناء على تحسين الكفاءة والسلامة فيها
ما مجالات استخدام الأتمتة؟
فيما يأتي توضيح لأبرز مجالات استخدام الأتمتة:
-
التصنيع
أحدث استخدام الأتمتة في مجال التصنيع ثورة في عمليات الإنتاج، إذ أدت إلى زيادة الإنتاجية والدقة في العمل، بالإضافة إلى الاحتفاظ بأعلى معايير الجودة وزيادة الكفاءة في التصنيع، فعلى سبيل المثال؛ تستخدم شركات تصنيع السيارات الروبوتات للمساعدة في عمليات رفع الأحمال الثقيلة وتجميع القطع المعقدة.
-
الرعاية الصحية
ساهمت الأتمتة في تطوير القطاع الصحي، وذلك من خلال استخدامها في عمليات التشخيص والعلاج ورعاية المرضى، إذ ساهمت أنظمة الجراحة الروبوتية في إجراء عمليات جراحية دقيقة وبأقل تدخل جراحي من البشر، بالإضافة إلى مساهمة أدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الطبية وتحديد التشوهات بكفاءة عالية، مما ساعد الأطباء على إجراء التشخيص الدقيق.
-
البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية
يستخدم عمالقة التجارة الإلكترونية والبيع بالتجزئة الأتمتة في مستودعاتهم، وذلك من خلال تسخير الروبوتات لتلبية الطلبات الآلية ونقل المخزون وتسريع تنفيذ الطلبات، كما تعمل بعضها على الاستفادة من أجهزة الاستشعار والكاميرات في المتاجر الكبيرة للقيام بعمل أمين الصندوق، الأمر الذي يسهل على المشترين دفع ثمن حاجياتهم دون الحاجة إلى الانتظار لفترات طويلة.
-
القطاع المالي والمصرفي
تعتمد المؤسسات المالية على الأتمتة في إنجاز العديد من المهام؛ كاستخدام الروبوتات في مجال خدمة العملاء وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى استخدامها في مهام إدخال البيانات وإنجاز العمليات المتكررة، وبالتالي تقليل الأخطاء اليدوية والوقت الذي تحتاج إليه تلك العمليات لإنجازها.
-
النقل والخدمات اللوجستية
أحدثت الأتمتة تطورًا كبيرًا في وسائل النقل والخدمات اللوجستية، وذلك من خلال تطوير السيارات ذاتية القيادة والطائرات دون طيار، إذ تستخدم بعض الشركات تلك الخدمات في تسليم الطلبات للزبائن، مما ساهم في تسريع عمليات التسليم وجعلها أكثر كفاءة مما سبق.
-
قطاع الطاقة
تستخدم الشبكات الذكية الأتمتة لتحسين توزيع الطاقة واستهلاكها، إذ توفر بعض شركات الطاقة حلول التشغيل الآلي لمحطات الطاقة مما يمنع توقفها عن العمل ويعزز من أدائها، بالإضافة إلى أن المنازل والمباني الذكية تستخدم الأنظمة الآلية لإدارة استخدام الطاقة وتحسين كفاءتها وخفض التكاليف المترتبة على استهلاكها.
-
قطاع الزراعة
تساعد الأتمتة على تحسين القطاع الزراعي من خلال تقنيات الزراعة الدقيقة، كما تستخدم بعض الجرارات نظام تحديد المواقع وأجهزة الاستشعار لأداء مهام زراعية؛ كالحصاد، والزراعة، وتحليل التربة، بالإضافة إلى استخدام الطائرات دون طيار المجهزة بالكاميرات وأجهزة الاستشعار لمراقبة سلامة المحاصيل وزيادتها وتحسين عمليات الري.
-
البناء والتشييد
عملت الأتمتة في قطاع التشييد والبناء على تحسين الكفاءة والسلامة فيها، فعلى سبيل المثال؛ ساعدت آلات البناء الروبوتية على القيام بمهام البناء المتكررة؛ كبناء الطوب، الأمر الذي قلل التكاليف اللازمة للعمالة، وقلص المدة الزمنية اللازمة للبناء، كما ساهم إدخال أنظمة التشغيل الآلي للمباني في إدارة أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف والإضاءة والأمان، مما أدى إلى تحسين استهلاك الطاقة خاصة في المباني التجارية.
وفي الختام، يمكن القول بأن الأتمتة أحدثت تغيرًا إيجابيًا كبيرًا في العديد من المجالات، إلا أنه لا يمكننا أن نغفل عن الاستخدام المتزايد لأجهزة الحاسوب وتقنيات الذكاء الاصطناعي في أداء المهام عوضًا عن الأيدي العاملة يساهم في زيادة نسبة البطالة وتسريح العديد من الموظفين من أعمالهم، وهو ما يشكل مصدر قلق للعديد من الأشخاص، لكن تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من التقدم الكبير في مجال الأتمتة، فلا بد من التدخل اليدوي في مراقبة أداء بعض المهام لتتم على أكمل وجه.