دعت وزارة الخارجية الأوكرانية، أمس الأحد إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لمواجهة ما قالت إنه "الابتزاز النووي الروسي"، بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا.
دعت وزارة الخارجية الأوكرانية، إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لمواجهة ما قالت إنه "الابتزاز النووي الروسي"
وجاء في بيان الخارجية الأوكرانية، أن "الإعلان الصادر عن الاتحاد الروسي بشأن نيته نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروسيا هو خطوة استفزازية أخرى من قبل نظام بوتين الإجرامي، مما يقوض مبادئ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية".
وناشد البيان "دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي تحذير السلطات البيلاروسية من العواقب بعيدة المدى عليها إذا وافقت على قبول أسلحة نووية تكتيكية من روسيا على أراضيها". وقال البيان "تتوقع أوكرانيا اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة الابتزاز النووي للكرملين من قبل بريطانيا العظمى والصين والولايات المتحدة وفرنسا على وجه الخصوص، كأعضاء دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تتحمل مسؤولية خاصة عن منع التهديدات بالعدوان باستخدام الأسلحة النووية"، وطالب البيان بـ"الدعوة فورًا إلى اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الدولي لهذا الغرض".
من جهته، انتقد مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، خطة بوتين لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، ونشر تغريدة على تويتر، جاء فيها: "الإدلاء بتصريح عن أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، إنه يعترف بأنه خائف من الهزيمة وكل ما يمكنه فعله هو التخويف بالأسلحة التكتيكية".
التقليل من شأن إعلان بوتين
قللت الولايات المتحدة من المخاوف بشأن إعلان الرئيس الروسي عن نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. وبحسب البيت الأبيض، فإنه "لا توجد مؤشرات بالنسبة للولايات المتحدة على أن روسيا نقلت أسلحة نووية إلى بيلاروسيا،" وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية "لا نرى أي سبب لتعديل سياستنا النووية الاستراتيجية، ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي"، وأضاف: "ما زلنا ملتزمين بالدفاع المشترك لحلف شمال الأطلسي".
أما المتحدث باسم حلف الشمال الأطلسي، فقد أكد أن "خطاب روسيا عن الأسلحة النووية خطير وغير مسؤول، والحلف متيقظ ويراقب الموقف"، لكنه أشار إلى أن "الحلف لم يرَ أي تغيير في وضع روسيا النووي يدفع لتعديل وضع الناتو النووي".
رفض أوروبي
هذا، واعتبر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن "استضافة بيلاروسيا أسلحة نووية روسية يمثّل تصعيدًا غير مسؤول، ويشكل تهديدًا للأمن الأوروبي".
من جهتها، شددت الخارجية الفرنسية أنه على "روسيا التراجع عن خطوة نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا، وإظهار المسؤولية كدولة مسلحة نوويًا".
بدورها، اعتبرت الخارجية البولندية أن "قرار بوتين نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا خطوة لجذبها نحو آلة الحرب الروسية".
ما هو الموقف الروسي؟
خلال لقائه مع التلفزيون الروسي، تحدث فلاديمير بوتين عن أن رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، يطرح منذ وقت طويل، مسألة نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلده المتاخم لبولندا، في إشارة ضمنية إلى حلف الناتو، باعتبار أن بولندا عضوًا في الحلف.
وأوضح الرئيس الروسي، "لا يوجد شيء غير عادي هنا أيضًا، أولاً: تفعل الولايات المتحدة ذلك منذ عقود. ينشرون منذ فترة طويلة أسلحتهم النووية التكتيكية على أراضي الدول الحليفة لهم"، مضيفًا "اتفقنا مع لوكاشينكو على القيام بالمثل دون النكوص عن تعهداتنا"، مشددًا على أن ذلك يتم "دون انتهاك التزاماتنا الدولية بشأن حظر انتشار الأسلحة النووية"، على حدِّ تعبيره.
ما الفرق بين السلاح النووي التقليدي والتكتيكي؟
تمتلك روسيا ترسانة نووية تعتبر الأكبر في العالم من حيث الرؤوس الحربية النووية، إذ يقدر مخزونها بنحو 5977 من هذه الرؤوس الحربية مقارنة مع 5428 تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب مؤسسة "Bulletin of the Atomic Scientists" تم إخراج نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة، وهناك 2889 في الاحتياط، ويتم نشر 1588 كرؤوس حربية استراتيجية.
وتشير المؤسسة إلى أنه يجري نشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ باليستية أرضية، ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات، ونحو 200 في قواعد قاذفات ثقيلة، ويمكن للسلاح النووي الاستراتيجي أن يدمر مدينة بأكملها، ويقضي على سكانها ويجعلها غير صالحة للحياة لعقود طويلة.
تحدث فلاديمير بوتين عن أن رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، يطرح منذ وقت طويل، مسألة نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلده المتاخم لبولندا
أمّا الأسلحة النووية التي تتحدث روسيا عن نيتها نشرها في بيلاروسيا، هي أسلحة تكتيكية، تنتج قوة تدميرية أقل، ويطلق عليها أيضًا "أسلحة أرض المعركة النووية"، حيث يمكن تفجيرها في ساحة المعركة دون أن يمتد تأثيرها الإشعاعي لمسافات بعيدة، كما أن نسبة الإشعاعات والقوة التفجيرية تكون أقل كثيرًا مقارنة بالأسلحة النووية الاستراتيجية، وبالتالي فإن الأسلحة النووية التكتيكية مصممة للاستخدام في ساحة المعركة، وهي أسلحة قصيرة المدى تُستخدم مثلًا لتدمير رتل دبابات، أو مهاجمة مطار، أو مهاجمة إحدى الكتائب التي تتنقل بأرض المعركة، وهو ما يعني أن السلاح التكتيكي أداة لتحقيق نصر في معركة، والحصول على بعض المزايا في ساحة الحرب، وليس لها قوة تدميرية هائلة قادرة على إبادة جيش بكامله أو مدينة.