تستمر الإدانات الواسعة شعبيًا أو على صعيد مؤسسات حقوق الإنسان، لصفقات بيع الأسلحة للسعودية والإمارات، سواء من بريطانيا أو أمريكا أو غيرهما، بعد فضائح كشفت استخدام "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية ضد اليمن، لهذه الأسلحة في مجازر استهدفت مدنيين. مع ذلك لم تثن هذه الإدانات مزودي الأسلحة الأمريكيين والبريطانيين عن صفقاتهم الضخمة. في هذا التقرير المترجم عن موقع الإنترسبت، تفاصيل عن آخر صفقة لبيع قنبلة أمريكية ذكية لكل من السعودية والإمارات.
في الشهر الماضي، قصفت الطائرات الحربية التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي يقاتل في اليمن، حفل زفاف في الجزء الشمالي من البلاد، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخصًا، بما في ذلك العروس، وإصابة عشرات آخرين. في الأيام التالية، نشرت وسائل الإعلام المحلية صورة لشظية من قنبلة تحمل رقمًا تسلسليًا يعود لشركة رايثيون لتصنيع الأسلحة ومقرها الولايات المتحدة.
توددت شركة رايثيون لوزارة الخارجية الأمريكية للسماح لها ببيع 60 ألف قذيفة دقيقة للسعودية والإمارات
تتخذ الآن وزارة الخارجية الأمريكية خطوات أولية نحو صفقة ضخمة لبيع أسلحة مماثلة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، حسبما قاله ثلاثة مساعدين في الكونغرس ومسؤول في وزارة الخارجية وشخصان آخران على دراية بالصفقة، لموقع The Intercept.
ولم تعلن وزارة الخارجية حتى الآن التفاصيل الدقيقة للصفقة وقيمتها بالدولار، لكن يُقال أنها تضم عشرات الآلاف من الذخائر الموجهة بدقة من شركة رايثيون، وهي الشركة نفسها التي شاركت في إنتاج الأسلحة المستخدمة في غارة الشهر الماضي.
اقرأ/ي أيضًا: التحالف السعودي يقتل 33 مدنيًا في ضربة واحدة.. استهداف أعراس اليمن مجددًا
وقد ذكرت رويترز في تقرير لها في تشرين الثاني/ نوفمبر أن السعودية وافقت على شراء أسلحة موجهة بدقة من شركات مقرها الولايات المتحدة مثل رايثيون وبوينج مقابل 7 مليار دولار. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد كانت رايثيون "تتودد للمشرعين ووزارة الخارجية للسماح لها ببيع 60 ألف قذيفة دقيقة التوجيه لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".
وقد أطلعت وزارة الخارجية لجنتيّ مجلس النواب والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ على صفقة البيع، ولكنها لم تفصح بعد عن تفاصيل الحزمة إلى أعضاء اللجان، وذلك وفقًا لثلاثة مساعدين غير مصرح لهم بالتحدث للإعلام. وبمجرد أن يوافق رئيس اللجنة وأعضاؤها، يمكن لوزارة الخارجية إخطار الكونغرس رسميًا بصفقة البيع، والتي قد تحدث في وقت مبكر من الأسبوع القادم.
تقوم وزارة الخارجية بمراجعة مبيعات الأسلحة المحتملة للتأكد من أنها تتوافق مع أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة وتقرر ما إذا كانت ستصدر تراخيص التصدير، بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة. ثم تقوم بإخطار الكونغرس عن المبيعات ذات الحجم الكبير نسبيًا، مانحين الكونغرس مدة قدرها 30 يومًا لمراجعتها ومنعها إذا أرادوا.
من المرجح أن تواجه صفقة بيع الأسلحة للسعودية معارضة شديدة في مجلس الشيوخ الأمريكي نظرًا لتورطها "المحرج" في جرائم حرب!
والبيع المذكور هو صفقة تجارية مباشرة بين شركة رايثيون ودول الخليج، والتي لا تتطلب من الحكومة الإعلان عنها وقت إخطار الكونغرس. وهذا يعني أن تحديد حجم التفاصيل التي سيُعلن عنها أمر عائد إلى أعضاء مجلس الشيوخ.
ومن المرجح أن تواجه صفقة البيع معارضة شديدة في مجلس الشيوخ، حيث زاد إحباط الأعضاء من الدور الأمريكي في الصراع المدمر في اليمن. ورفض مجلس الشيوخ في حزيران / يونيو الماضي تقريبًا عملية بيع مشابهة للأسلحة دقيقة التوجيه، ولكنه وافق عليها في نهاية المطاف بفارق ضئيل. ولم يستجب المتحدث باسم وزارة الخارجية ولا المتحدث باسم رايثيون لطلبات التعليق.
منذ آذار/مارس 2015، قادت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدخلًا عسكريًا في اليمن يهدف إلى إعادة الرئيس السابق المدعوم سعوديًا عبد ربه منصور هادي إلى منصبه، الذي كان قد عُزل بعد أن اجتاحت جماعة متمردة مرتبطة بإيران معروفة باسم الحوثيين العاصمة في عام 2014. وثّقت جماعات حقوق الإنسان الانتهاكات من جانب جميع الأطراف، لكن النقاد اعتبروا الحصار السعودي أكبر قوة دافعة وراء الأزمة الإنسانية. لقد جعل حصار التحالف 18 مليون شخص - أي ما يقرب من ثلثي سكان البلد - في حاجة إلى المساعدة الإنسانية. وقد تفاقمت الأزمة بسبب الغارات الجوية للتحالف، التي استهدفت مصادر الغذاء والبنية التحتية للمياه والأسواق وحتى المدارس والمستشفيات.
اقرأ/ي أيضًا: مؤامرة ابن زايد.. الإطاحة بالشرعية في اليمن ضمن مهمات التخريب
إن الذخائر في عملية البيع القادمة هذه، هي من نفس النوع تمامًا الذي وثقت جماعات حقوق الإنسان استخدامه في هذه التفجيرات. كانت الولايات المتحدة شريكًا ثابتًا للحملة العسكرية منذ البداية، وهي تزود الطائرات بالوقود، وتوفر الأسلحة، والمعلومات الاستخباراتية للأهداف.
وقالت كريستين بيكرل الباحثة الحقوقية في اليمن لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، إن منظمتها وثّقت عددًا من الغارات، استخدمت فيها طائرات التحالف ذخائر موجهة بدقة من إنتاج الولايات المتحدة لضرب أهداف مدنية.
وأضافت بيكرل: "لقد أعطت إدارة ترامب الأولوية دائمًا لبيع الأسلحة للسعودية بدلًا من اتهام التحالف بارتكاب جرائم حرب، وعلى الرغم من ذلك تُستخدم أسلحة الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا في هجمات غير مشروعة - بما في ذلك نوع السلاح المرتبط بصفقة البيع هذه".
كانت الولايات المتحدة شريكًا ثابتًا للحملة العسكرية السعودية ضد اليمن منذ البداية
وتابعت أن "على الكونغرس استغلال هذه الفرصة لبيان أن بعض أعضاء الحكومة الأمريكية لم يعودوا مستعدين لمكافأة التجاوزات السعودية بمزيد من الأسلحة، ولا يخاطرون بتورط أمريكا في هذه الجرائم، حيث يواصل التحالف قصف حفلات الزفاف والمنازل لقتل وإصابة المدنيين اليمنيين.
وقال متحدث باسم التحالف لرويترز إن التحالف سيُجري تحقيقًا بشأن التقارير الواردة عن مقتل مدنيين في العرس المستهدف، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يقومون بشكل روتيني بانتقاد معايير مثل هذه التحقيقات.
وقد استخدم التحالف هذه الأسلحة ضد المدنيين عدة مرات في كانون الأول/ ديسمبر عام 2016، أي قبل شهر من تنصيب ترامب، وأوقف باراك أوباما بيع أسلحة موجهة بدقة بسبب مشاكل "منهجية ومزمنة" في اختيار أهدافهم. وبعد تنصيب ترامب مضت الولايات المتحدة قدمًا في صفقة البيع.
اقرأ/ي أيضًا:
مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ منذ نصف قرن
مخلفات الحرب.. آلاف المعاقين في جنوب اليمن