وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي مستشارٌ لابن سلمان، وغضب في مؤسسات الحكم الأمريكية من التصرفات المتهورة لولي العهد السعودي، وأمور أخرى جديرة بالاهتمام عن "الأمير المغرور" محمد بن سلمان، يستعرضها تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.
بدعمٍ ضمني من والده، استطاع محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عامًا، أن يُصبح الرجل الأول في المملكة العربية السعودية، لكن بعد أن تورط في عداءات مع عدة أطراف في وقت واحد.
نفذ ابن سلمان حملة اعتقالات الأمراء في السعودية بمشروة من وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي!
أمر ابن سلمان بإلقاء القبض على 11 من أمراء العائلة المالكة، ونحو 200 من نخبة رجال الأعمال السعوديين، وبدأ في سحب صلاحيات المؤسسة الدينية، وحاصر قطر، واتهم إيران بشن الحرب، وأجبر رئيس الوزراء اللبنانى على الاستقالة. وفي اليمن، يقاتل فصيلًا مواليًا لإيران في حرب مستعصية، تسببت في كارثة إنسانية.
اقرأ/ي أيضًا: محمد بن سلمان.. صعود سريع لأمير طائش يهدد البلاد والمنطقة!
لقد تحرك ابن سلمان بسرعة، بحيث جعل المسؤولين الأمريكيين وغيرهم، يشعرون بالقلق من أنه قد يزعزع استقرار المنطقة، فعلامات النكسة المحتملة آخذةً في الازدياد.
المستثمرون كذلك قلِقون من خططه، فينقلون أموالهم خارج السعودية. ويبدو أنه سعى لتعويض ذلك بإجبار رجال الأعمال المعتقلين على تسليم الأصول. وفي حين أعلن محمد بن سلمان أن حملة الاعتقالات تأتي ضمن "حربه على الفساد"، إلا أنّ الجميع تقريبًا يرى أنها نوع من الابتزاز والقضاء على أي عقبة محتملة أمام وصوله للعرش، مستندًا إلى مشورة وزير الداخلية المصري الأسبق -الذي كان قمعه ووحشيته سببًا في اندلاع الثورة المصرية في 2011- حبيب العادلي!
ويناقش المحللون في المنطقة ما إذا كان الاندفاع المتهور لابن سلمان، ينبع من الرغبة في توطيد السلطة قبل الخلافة المَلَكية المحتملة، أو الحاجة الملِّحة لتوفير التمويل لخططه، أو ببساطة الطموح الذي لم يسبق له مثيل لترك بصمته على الشرق الأوسط الأوسع. وعلى الرغم من تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأمير، فإن البعض في وزارة الخارجية والبنتاغون ووكالات الاستخبارات، يقولون إنهم يخشون من أن تهوره قد يُعيِق تحقيق أهدافه ويُزعزع استقرار المنطقة.
وقال فيليب غوردون، منسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض في عهد أوباما: "لقد قرر ابن سلمان ألا يفعل أي شيء بحذر"، مُضيفًا: "إذا كان ابن سلمان ينبذ الكثير من الأمراء والأركان الأخرى للنظام، ويخلق صراعات إقليمية مُكلِفة ويُخيف المستثمرين الأجانب، فمن المحتمل أنه يُقوض آفاق الإصلاحات ذاتها التي يحاول تنفيذها".
وقال محللون إن الاعتقالات خارج نطاق القضاء، قد أخافت المستثمرين بما فيه الكفاية لإخماد خطط ابن سلمان الرامية إلى طرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام في نيويورك أو لندن العام المقبل، والذي يعتبر حجر الزاوية في خطته "رؤية 2030".
وقد أحيت تهديدات ولي العهد لإيران ولبنان شبح الحروب، التي يعتبر الجيش السعودي -الذي تعثر بالفعل في اليمن- غير مُهيئ للقتال فيها، وسوف تضطر الرياض إلى الاعتماد إما على الولايات المتحدة أو على إسرائيل في أي صراع جديد.
وفي الوقت نفسه، تهدد حملة الاعتقالات الأخيرة بحق أمراء ورجال أعمال، بإثارة عداء جانب من العائلة المالكة والنخبة المالية، في لحظةٍ يبدو أنها تتطلب وحدة الصف، إما لتسهيل اعتلائه للعرش أو لمواجهة إيران. وقال طبيب من السعودية، ومسؤول أمريكي يتابع الوضع، إن 17 شخصًا من بين المعتقلين في الحملة الأخيرة، احتاجوا إلى علاج طبي بسبب الاعتداءات التي تعرضوا لها من قِبل مُحتَجِزيهم.
ومن جهة أخرى، فيقال إن حبيب العادلي، وزير الداخلية المصري الأسبق سيء السمعة، يُقدم المشورة إلى محمد بن سلمان. علمًا بأنّ حبيب العادلي هارب من العدالة في مصر، وقد حُكم عليه بالسن سبع سنوات في قضية فساد، لذا فعلى الأرجح أنه يقيم الآن في السعودية. ولا يُعلم تحديدًا إذا ما كان ذلك بتنسيق سري مع السلطات المصرية أم لا، لكن من المؤكد أن استضافة السعودية لحبيب العادلي يُعد تجاوزًا للاتفاقيات الدولية، وسيكسب السعودية مزيدًا من سوء السمعة.
قالا طبيب من السعودية ومسؤول أمريكي، إن 17 من المعتقلين أخيرًا في السعودية، احتاجوا للعلاج بسبب الاعتداء عليهم في الاعتقال
ومع تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، جمدت المملكة العربية السعودية مشاريع، وأنفقت أكثر من ثلث احتياطياتها المالية، مما أدى إلى تقلُصها إلى نحو 475 مليار دولار في هذا الخريف بعد أن كانت قد بلغت 737 مليار دولار في آب/أغسطس 2014. وبهذا المعدل، لم يبق سوى بضع سنوات أمام السعودية يجب أن تعمل فيها على رفع عائداتها أو خفض إنفاقها لتفادي أزمة مالية.
اقرأ/ي أيضًا: اعتقالات الأمراء في السعودية.. كل شيء مباح لوصول "السفاح" للعرش
وعليه، فإن المؤيدين لابن سلمان، يقولون إن حملة الاعتقالات الأخيرة بحق الأمراء ورجال الأعمال، جاءت لاستعادة مليارات الدولارات التي تسربت من ميزانية الدولة من خلال الكسب غير المشروع، لكن يبدو أن الحقيقة مختلفة، فقد سبق وأن طالب ابن سلمان من أثرياء بلاده أن يستثمروا خطط "رؤية 2030"، غير أن البعض منهم قال إن خطط ابن سلمان، مثل مشروع نيوم بتكلفة 500 مليار دولار أمريكي، كانت "سيئة الإعداد ومبالغ فيها"، وعليه وبدلًا من الاستثمار في السعودية، نقلوا أصولهم للخارج.
تحوّل ابن سلمان من المناشدة إلى الإجبار. فيقول مسؤول أمريكي، إن الحكومة السعودية تضغط على بعض المعتقلين، وآخرين لا يزالون طُلقاء، للتنازل عن مبالغ كبيرة مقابل معاملة أفضل. وقد اُستدعى موظفو بعض المعتقلين قبل شهور للإجابة عن أسئلة حول رؤسائهم، مما يُشير إلى أن حملة الاعتقالات كان مُخططًا لها مسبقًا.
وفي حين يُشدد مؤيدو ابن سلمان ورجاله على أنها اعتقالات في إطار حملة ضد الفساد المستشري في البلاد، لا يزال بعض الأمراء المشهورين بالفساد لم تتم محاسبتهم، ما يُثير التساؤلات حول المستهدف الحقيقي من مزاعم مكافحة الفساد ولماذا؟
وهناك علامات أخرى تشير إلى أن محمد بن سلمان يسعى لإزاحة منافسيه ومنافسيه المحتملين. ففي حزيران/يونيو أطاح بولي العهد آنذاك محمد بن نايف، ووضعه تحت الإقامة الجبرية.
وفي الأسبوع الماضي، ظهر مقطع فيديو لابن نايف مشاركًا في جنازة عائلية، ويتلقى القبلات على كتفه إظهارًا للاحترام وربما الولاء. ولا يبدو أن ذلك كان مُريحًا بالنسبة لابن سلمان، فأمر في اليوم التالي بمصادرة ممتلكات ابن نايف وممتلكات عائلته!
لذا فيُرجح أن محمد بن سلمان بالفعل يُحاول إحكام سيطرته استباقًا لتنازل والده عن العرش، وهو الملك الذي يقول مطلعون ومسؤولون غربيون إنه ربما يُعاني من الخرف. وقد بدا متهالكًا خلال قمة الرياض بحضور ترامب، فقد حاول سلمان جاهدًا قراءة البيان المعد له سلفًا، وكانت قراءته ضعيفة ومتقطعة وغير واضحة. وعمومًا فهو نادر التحدث علنًا.
ومُؤخرًا أجبر محمد بن سلمان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على تقديم استقالته من الرياض، في خطوة تصعيدية ضد حزب الله وإيران، تنذر بمواجهة عسكرية محتملة. ويرى كثيرون، بينهم دبلوماسيون أمريكيون، إن خطوة كتلك تعكس قناعة محمد بن سلمان بتأييد ترامب له. وعلى كل فقد جاءت عقب زيارة لصهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، للرياض.
وحتى في الأيام الأخيرة لإدارة أوباما، بدأ أحد أمراء الخليج الآخرين، وهو ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي، محمد بن زايد آل نهيان، الذي أقام علاقات عميقة مع واشنطن؛ في الترويج لنظيره محمد بن سلمان لدى فريق ترامب القادم كحليف مفيد. ويبدو أن كلا الأميرين شكّلا علاقة خاصة مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، الذي توطدت العلاقة بينه وبين محمد بن سلمان لدرجة أن مسؤولين أمريكيين يقولون إنه لا يتم إطلاعهم على ما يناقشه الاثنان.
ووفقًا لمسؤول بالخارجية الأمريكية، فإن جاريد كوشنر بمثابة "الثقب الأسود" بمعنى عدم القدرة على معرفة موقفه. "لا يمكننا إلا التخمين فقط استنادًا إلى ما قام به ومواقفه السابقة"، مُؤكدًا على أن الإماراتيين والسعوديين كانوا حريصين جدًا على اجتذابه لمواقفهم العدائية في المنطقة، على حد تعبيره.
وأجرى جاريد كوشنر زيارته الثالثة للسعودية هذا العام، في أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وكانت زيارة سرية لم يُعلن عنها إلا بعد عودته لواشنطن. ويقول مسؤولون أمريكيون إنه ظل يتحدث لمحمد بن سلمان من مزرعته، حتى وقت متأخر من الليل. وبعد عدة أيام من هذه الزيارة، نُفذت حملة الاعتقالات التي سرعان ما أشاد بها ترامب.
أكد مسؤول بالخارجية الأمريكية انزعاج وزارته والبنتاغون و"سي آي إيه" من تصرفات ابن سلمان المتهورة
وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية، على أن الدبلوماسيين الأمريكيين والبنتاغون والاستخبارات الأمريكية، يشعرون بانزعاج متزايد من تصرف محمد بن سلمان بتهور دون اعتبار كافٍ للعواقب المحتملة لسلوكه وما قد يترتب عليها من إضرار بمصالح الولايات المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا:
تأسيس مملكة محمد بن سلمان "المتهوّرة".. الحكاية من أولها
هل تصمد مزاعم محاربة الفساد أمام بذخ ابن سلمان وهدر المال العام؟