تتحكّم قضايا عدة في اتجاهات التصويت في انتخابات الرئاسة الأميركية، بعضها يتعلّق بالعِرق والأقليات والجندر والإجهاض، وبعضها الآخر يتعلق بقضايا الهجرة والاقتصاد، بالإضافة إلى مكانة أميركا عالميًا. كما لوحظ أنّ التصويت العقابي يلعب دورًا في دفع الناخبين إلى التصويت، ويتعلق الأمر تحديدًا بمعاقبة الإدارة الديمقراطية على موقفها من الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وبحسب مراقبين، فإنه لا يمكن الاستهانة بهذا الشكل من أشكال التصويت، فقد كان حاسمًا في فوز بايدن بانتخابات 2020 لمنع ترامب من البقاء في الحكم.
واليوم، يسود قلق لدى الديمقراطيين من أن ينقلب الأمر عليهم، خاصةً أن ترامب يحقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة التي اكتسحها بايدن 2020.
لكنّ ما يثير القلق بشكلٍ أكبر هو انزلاق الأمور إلى مربع العنف السياسي برفض قواعد اللعبة الديمقراطية من طرف أحد المرشحين، لا سيما ترامب الذي يتوقع بعض المتابعين ألا يعترف بالنتائج حال خسارته، أو يعمد إلى تركيز السلطات في يد البيت الأبيض، وانتهاج سياسات محافظة ومتشددة حال فوزه أمام هاريس.
الانتخابات الرئاسية الحالية محفوفة بمخاطر عديدة تهدد الديمقراطية الأميركية، وتثير لدى الأميركيين مخاوف من حرب أهلية ثانية
وبناءً على هذه التحديات وتلك القضايا المحدِّدة للتصويت بتنوعها، يرى محللون ومراقبون أن انتخابات 2024 هي الأخطر في التاريخ السياسي الأميركي، لا سيما أنّها استُبقت بحملة انتخابية شرسة، تجعل القلق على مستقبل الديمقراطية الأميركية أمرًا واقعًا وليس خياليًا.
وفي هذا الصدد، تؤكد صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة: "تدخل أسابيع حاسمة، تترتّب طبيعتها على نتيجة الاقتراع". ولعلّ القلق من نتائج الانتخابات هو ما يفسر انتشار الشرطة بشكل كثيف، بهدف التعامل مع أي انفلات أمني قد تتسبب به نتيجة الانتخابات، التي قد يتأخر إعلانها ليوم أو يومين.
وتزعم وكالة "أسوشيتد برس" أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب: "انتهى من وضع الأساس للطعن في نتائج انتخابات 2024 إذا خسر، تمامًا كما فعل قبل 4 أعوام"، الأمر الذي تسبب حينها في أعمال شغب واقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول.
وقال ترامب، يوم الخميس الماضي، أمام تجمع لأنصاره في أريزونا، إن: "الأمر الوحيد الذي يمكن أن يوقفني هو التزوير"، زاعمًا أن: "عملية الغش تجري بالفعل"، رافضًا في الوقت نفسه تأكيد "قبوله للنتائج حال خسارته".
كما رجّحت حملة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أن يعمد ترامب إلى "إعلان فوزه المبكر قبل خروج النتائج بشكل كامل"، وأن: "يُعلن حدوث تزوير" ضمن مخططه لرفض نتائج الانتخابات، وحَمْلِ أنصاره على بث الفوضى.
مجلّة "نيويوركر" هي الأخرى دقّت ناقوس الخطر، لكن هذه المرة بشأن سيناريو "حرب أهلية"، حيث قالت إنّ قطاعات كبيرة في المجتمع الأميركي تخشى اقتراب حدوثها مرةً ثانية عقب إعلان نتائج الانتخابات الحالية. وزعمت المجلة أن أميركيين تحضّروا لهذا السيناريو حتى قبل يوم الاقتراع بجلب المؤونة.
بدوره، قال موقع "نيو بوليتيكس" الأميركي إن الانتخابات الحالية محفوفة بمخاطر عديدة، ذكر من بينها خطر عودة ترامب على الديمقراطية الأميركية، من منطلق تهديده لمنافسيه بالسجن وتبنيه لتوجه دكتاتوري. أما الخطر الثاني، فهو خطر الفوضى الذي قد تؤججه تقارب النتيجة، ما قد يدفع أنصار ترامب إلى احتلال الشوارع ومحاولة الانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع. وفي الطرف الآخر، قد يدفع فوز ترامب البعض إلى رفض النتائج من خلال إثارة الفوضى، خاصةً أن المرشح الجمهوري سبق وأن تعرض لمحاولتي اغتيال خلال الحملة.
ونبّه الموقع الأميركي إلى مستوى الانقسام غير المسبوق الذي استفحل بسبب الحملة الشرسة للحزبين الديمقراطي والجمهوري، ويرى موقع "نيوبوليتكس" أنّ جذور هذا الانقسام تعود إلى تولي ترامب للسلطة عام 2016، مع ملاحظة أن ترامب رفع منسوب العنصرية والشعبوية في خطابه الانتخابي هذا العام بتعهده بتنفيذ أضخم حملة ترحيل في التاريخ الأميركي بحق المهاجرين غير النظاميين إذا عاد للسلطة، علمًا بأن ترامب لم يوفر جهدًا في التحريض ضدّ هؤلاء عبر وصفهم بـ"الحيوانات وآكلي القطط".