في قلب الأردن وتحديدًا في جنوبه توجد مدينة البتراء، تلك الجوهرة التاريخية التي تعكس عبقرية الحضارة القديمة وروعة الفن المعماري. ويعود تاريخ البتراء إلى آلاف السنين، حيث ازدهرت كعاصمة للحضارة النبطية في العصور القديمة. وتحكي قصة البتراء عن أسرار لا تزال تحتفظ بها جدرانها الصخرية، وتحفر في الذاكرة بروعة مناظرها الطبيعية وتعقيد تصاميمها المعمارية. من خلال هذا المقال سنستكشف معًا قصة واكتشافات مدينة البتراء وأهم ما تتميز به، وسنتعمق في عمق تاريخها وأهميتها الثقافية والتاريخية.
أهم ما يميز البتراء؟
البتراء المعروفة أيضًا بالمدينة الوردية، تُعتبر واحدة من عجائب العالم السبع الجديدة، وموقعًا أثريًا هامًا في الأردن. وتتميز البتراء بعدة مميزات مهمة، وهي:
- الهندسة المعمارية الرائعة: تشتهر منطقة البتراء بمعالمها الهندسية والحجرية الرائعة، مثل الخزنة الحجرية الشهيرة التي تعتبر أيقونة المدينة، والمسارح والقصور، كما إنها تحتوي على مجموعة من القبور المنحوتة في الصخور، والتي تُعتبر من أكبر وأهم المقابر الصخرية في المدينة. وما يجعلها مميزة للغاية هو أن بعض هذه القبور تحتوي على زخارف فنية مذهلة وتفاصيل دقيقة تعكس مهارة الحرفيين والفنانين القدماء في نحت الصخور، وتعكس أيضًا الثراء الثقافي والتاريخي للمنطقة في تلك الفترة الزمنية.
- الموقع الجغرافي الفريد: تقع البتراء في وادٍ ضيق محاط بالصخور والجبال، مما يمنحها جاذبية طبيعية فريدة وجمالًا استثنائيًا.
- التاريخ الغني والثقافة العريقة: يعود تاريخ البتراء إلى العصور القديمة، حيث كانت موطنًا للعديد من الحضارات القديمة مثل الأنباط والرومان والعرب.
- التراث الثقافي الهام: تعتبر البتراء موقعًا أثريًا مهمًا يعكس التراث والثقافة العربية القديمة، وهي مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
- الجمال الطبيعي الساحر: تضم البتراء مناظر طبيعية خلابة، مثل الوديان العميقة والصخور الحمراء، مما يجعلها وجهةً سياحيةً محببةً للمسافرين من جميع أنحاء العالم.
لماذا تم اختيار البتراء من عجائب الدنيا السبع؟
اعتبارًا من عام 2007 تم اختيار البتراء رسميًا كواحدة من عجائب الدنيا السبع، مما يعكس الاعتراف العالمي بجمالها وأهميتها التاريخية والثقافية. وقد تم اختيار البتراء كواحدة من عجائب الدنيا السبع نظرًا لعدة عوامل مهمة، وهي:
- الجمال الطبيعي الفريد: يتميز موقع مدينة البتراء بجمال طبيعي استثنائي، حيث تحيط بها الصخور الحمراء والجبال، وتضم مساحات طبيعية ساحرة.
- تفاصيل نحتها وهندستها المعمارية الرائعة: إذ تبرز البتراء بتحفتها المعمارية الرائعة، خاصة الخزنة المعروفة فيها، والتي تعد إنجازًا هندسيًا مذهلًا.
- التاريخ العريق والثقافة الغنية: للبتراء تاريخًا غنيًا يعود لآلاف السنين، حيث كانت موطنًا لعدة حضارات قديمة كما ذكرنا.
- الأهمية الثقافية والتاريخية: تُعتبر البتراء رمزًا للتراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، وتعكس حضارة العصور القديمة والتأثير الثقافي للحضارات المختلفة التي سكنتها.
- الشهرة العالمية والشعبية: تجذب البتراء ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم سنويًا، وقد أصبحت وجهةً سياحية محببة، ومعروفة على مستوى العالم. وأي شخص يأتي للأردن للسياحة لا بد أن يزورها.
يعود أول اكتشاف غربي موثق للبتراء على يد المستكشف السويسري يوهان بوركهارت في العام 1812.
من الذي اكتشف البتراء؟
يعود أول اكتشاف غربي موثق لمدينة البتراء على يد المستكشف السويسري يوهان بوركهارت في العام 1812. وذلك عندما وصل إلى جنوب الأردن في طريقه لمصر، وقد كان هذا الاكتشاف مفاجئًا للعالم الغربي بأسره، حيث إن البتراء كانت مدينة مختفية أو ضائعة تحت الرمال ولفترةٍ طويلة تأخر ظهورها للعالم، إلى أن تم اكتشافها مرةً أخرى. ومنذ ذلك الوقت أصبحت البتراء واحدة من أبرز المواقع الأثرية والسياحية المعروفة في العالم، حيث أصبحت محطة جذبٍ رئيسية للسياح والمهتمين بالتاريخ والحضارة القديمة.
البتراء تم بناؤها وعمارتها من قبل النبطيين.
من هم العرب الأنباط ومن أين جاءوا؟
الأنباط هم فرع من القبائل العربية القديمة التي جاءت من جنوب شرقي الجزيرة العربية والبادية السورية قبل أن يهاجروا إلى منطقة البتراء ويستقروا فيها. وقد كان لهم دور هام في التاريخ القديم للمنطقة فقد تطورت حضارتهم وازدهرت فيها، وكانوا معروفين بمهاراتهم التجارية والزراعية والمعمارية. كما كانت تمتاز ثقافتهم بالتنوع والتأثيرات المختلطة من مختلف الحضارات التي عاشوا بينها، مما جعلهم جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الشرق الأوسط القديم.
من هم القوم الذين عمروا البتراء وعاشوا فيها؟
القوم الذين عمروا هذه المدينة الجميلة وعاشوا فيها وفي المناطق المجاورة منها هم الأنباط، وذلك في القرن السادس قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، وقد كانوا يعتبرون من الحضارات المهمة في المنطقة كما ذكرنا، وكانت لهم تأثيرات كبيرة على الثقافة والتجارة في العصور القديمة، وكانوا يتحدثون اللغة السامية، وتأثروا بشكلٍ كبير بالحضارات المجاورة مثل اليونانية والرومانية، وبالتالي فإنّ هذا قد ساعدهم ببناء مدينة البتراء، وترك بصماتهم الواضحة والفريدة في العمارة والفنون والثقافة في المنطقة. وقد تأسست وأصبحت البتراء كعاصمة ومملكة نبطية لهم، وكانت مركزًا هامًا للتجارة والحضارة بين الجنوب والشمال وبين الشرق والغرب في ذلك الوقت.
بعد ذلك احتلتها الإمبراطورية الرومانية فيما بعد واستمرت في العمران والتطور تحت حكمها، وأضافت لها بعض التأثيرات والعناصر الرومانية في العمارة والثقافة. ومن ثم تم توسيع وتطوير البتراء خلال العصور اللاحقة بمساهمة من مختلف الحضارات مثل البيزنطيين والعرب، وغيرهم.
ما هو اسم البتراء قديمًا؟
تعددت أسماء مدينة البتراء في العصور القديمة ومنها اسم رقمو Raqmu، ومن بين هذه الأسماء "سلع"، وهو الاسم الذي ذكرته العديد من الكتابات القديمة والنقوش. وقد يعود هذا الاسم إلى الكلمة العربية "سلع" التي تعني "الصخور"، مما يشير إلى المناظر الصخرية الشاهقة التي تشكلت حول المدينة. فعلى الرغم من أن اسم "سلع" كان أحد الأسماء المستخدمة للبتراء، إلا أن الاستخدام الشائع اليوم هو البترا أو البتراء أو المينة الوردية نسبة للون صخورها الوردية.
هل مدينة البتراء كانت مسكن لقوم ثمود؟
قوم ثمود كانوا محترفين في نحت البيوت في الجبال، وذلك بناءً على ما ورد في القرآن الكريم: "وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ" (سورة الشعراء: ١١٥). وقد عاشوا في منطقة الحِجر، التي تُعرف اليوم باسم مدائن صالح، وتقع في وادي القرى بين المدينة المنورة والشام. وقد كانت بيوتهم ومساكنهم منحوتة في الجبال بطريقةٍ دقيقة وجميلة، وهنالك آثار لبيوتهم التي تم العثور عليها في مدينة البتراء بالأردن.
تم اختيار اسم قصر البنت الذي في البتراء من قبل سكان المنطقة البدو القاطنين فيها، حيث يُشير هذا الاسم إلى ابنة الفرعون.
لماذا سمي قصر البنت الذي في البتراء بهذا الاسم؟
هنالك اختلاف على تسمية قصر البنت في البتراء بهذا الاسم فبعض هذه التفاسير ما وضح أن سبب التسمية يعود لابنة فرعون حيث كان القصر مخصصا لها كأحد الآلهة، ومنه ما يشير إلى أنه نسبةً للآلهة ذو الشرى الإله الأعلى في الحضارات القديمة أو اللات والعزة، ومنها ما يفسره على أن هذا القصر كان له علاقة بالآلهة المصرية إيزيس.
لماذا قد تكتب كلمة البترا بدون همزة؟
تم التأكيد من قبل خبراء الآثار واللغويين أن الاسم الصحيح للمدينة الأثرية الأردنية المشهورة "البترا" ينبغي كتابته بدون همزة، حيث تأتي كلمة "بترا" من أصل غير عربي يعني "الصخر". حيث أكد الدكتور عبد الكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، أن "البترا" تأتي من اللغة اليونانية بمعنى "مدينة الصخر"، ولذلك ينبغي كتابتها بدون همزة؛ حيث إن وضع الهمزة يغير معناها تمامًا.
بهذا نكون قد استعرضنا بعض المعلومات الأساسية والمهمة حول البتراء، المدينة الوردية الأثرية الرائعة. ومن خلال هذا المقال نجدد إدراكنا بجمال وتاريخ هذه المدينة الفريدة، ونفتح نافذة على ثقافة وتاريخ الحضارات القديمة التي ازدهرت فيها. إذ تعتبر البترا ليست فقط معلمًا سياحيًا، بل هي أيضًا شاهدة على مدى تقدم الحضارة الإنسانية وقدرتها على بناء عجائب معمارية تتحدى الزمن.