يستمر سؤال "اليوم التالي" ما بعد الحرب على غزة في الحضور أمريكيًا، ومؤخرًا في إسرائيل، إذ يرفض نتنياهو تقديم تصورات واضحة، حول إدارة القطاع والسيطرة عليه، مع تأكيده المتواصل على الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية. ورغم استمرار العدوان على غزة، إلّا أنّ إسرائيل تجرب "خياراتها" ومن مداخل عدة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقال مسؤولون إسرائيليون وعرب إن مسؤولين أمنيين إسرائيليين يعكفون بـ"هدوء على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء سلطة حكم بقيادة فلسطينية هناك".
قال مسؤول إسرائيلي إن معارضة حماس الشديدة قد تجعل الخطة غير قابلة للتنفيذ
وبحسب الصحيفة الأمريكية، أجرى مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير محادثات مع مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن لبناء دعم إقليمي لجهود ناشئة لتجنيد القادة الفلسطينيين ورجال الأعمال الذين ليس لهم صلات بحركة حماس، من أجل توزيع المساعدات.
وقال المسؤولون إن المساعدات ستدخل برًا وبحرًا بعد التفتيش الإسرائيلي وستتوجه إلى مستودعات كبيرة في وسط غزة حيث سيقوم الفلسطينيون بعد ذلك بتوزيعها. وأوضح المسؤولون أنه عندما تنتهي الحرب، سيتولى المسؤولون عن المساعدات سلطة الحكم، بدعم من قوات الأمن التي تمولها الحكومات العربية.
ويمثل هذا الجهد بعض الخطوات الأولى التي بدأت إسرائيل في اتخاذها للسيطرة على السلطة في غزة، ومنع عودة حماس للحكم.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير من مكتب رئيس الوزراء: "إن غزة سيديرها أولئك الذين لا يسعون إلى قتل الإسرائيليين"، بحسب تعبيره.
وقال مسؤول إسرائيلي آخر إن معارضة حماس الشديدة قد تجعل الخطة غير قابلة للتنفيذ. لكن "الفوضى السائدة" في أنحاء غزة أحبطت إدارة بايدن والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمنتقدين داخل حكومة الطوارئ التي شكلها نتنياهو. ويقولون إن التوزيع المنظم للمساعدات أمر مستحيل حاليًا، وأن حماس تستطيع إعادة فرض نفسها في ظل فراغ الحكم.
حراك أوقفوا تسليح إسرائيل في حوار خاص مع ألترا صوت: #فرنسا متورطة في حرب الإبادة الجارية، وهناك صمت فرنسي حول 4 آلاف مجنّد فرنسي إسرائيلي يقاتلون في #غزة. pic.twitter.com/2YOvrv1EaK
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 20, 2024
ويشيرون إلى أن هناك حاجة الآن إلى قوة يمكنها توزيع المساعدات بشكل فعال في غزة، ومن الناحية الواقعية، سيتم ربط هذه القوة بالسلطة الفلسطينية، أو الحكومة التي تتخذ من الضفة الغربية مقرًا لها، أو بفتح، الحزب الحاكم في السلطة.
ويرى منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق المحتلة، غسان عليان، أن جهود المساعدات جزء مهم من خطة إسرائيل لإخلاء مدينة رفح، قبل الهجوم على المدينة الحدودية.
وقال أحد المسؤولين إن رؤية عليان هي أن يشكل الفلسطينيون المناهضون لحماس "سلطة إدارية محلية" لتوزيع المساعدات، مما يؤدي إلى استبعادها من هذه العملية.
📹 الأم الغزاويّة تسجّل دروسًا للعالم من خلال سعيها الحثيث لتوفير مائدة طعام لأطفالها رغم الظروف القاسية.@palestineultra #عيد_الأم #MothersDay pic.twitter.com/tCZ7RZJgDq
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 21, 2024
وأضاف المسؤولون أن إسرائيل اتصلت بالعديد من الفلسطينيين للمشاركة، بما في ذلك مسؤول المخابرات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، ورجل الأعمال بشار المصري، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. ويعارض نتنياهو مشاركة دحلان وفرج، بحسب مسؤول إسرائيلي.
وفي وقت سابق، قال مسؤول الإعلام في حركة حماس من لبنان وليد الكيلاني، في حديث لـ "الترا فلسطين"، إن تكليف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مستشاره الاقتصادي وعضو اللجنة التنفيذية، محمد مصطفى، بتشكيل الحكومة الفلسطينية يعتبر مخالفًا لمخرجات حوارات الفصائل التي عقدت مؤخرًا في العاصمة الروسية موسكو يوم 28 شباط/فبراير الماضي.
وأكد الكيلاني أن بعد وقف إطلاق النار لن يحكم غزة أحدٌ على ظهر دبّابة إسرائيلية، ومن سيحكم غزة هو من يختاره الشعب، وقبل ذلك ستكون الأجهزة الشرطية والأمنية جاهزة لفرض الأمن وبالتالي تحقيق ضربة تجاه من راهن على سقوط المقاومة أو من يظن أنه قادر على دخول غزة وحكمها دون قرارٍ شعبي.
كاميرا العربي ترصد آثار الدمار الذي حل بأحد المربعات السكنية في مخيم النصيرات وسط قطاع #غزة بفعل الطائرات الحربية الإسرائيلية
تقرير: عبدالله مقداد @abdallahmiqdad pic.twitter.com/DpO0483nc6— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 21, 2024
وفي مطلع شهر آذار/مارس، أكدت ثلاثة مصادر خاصة من قطاع غزة لـ "الترا فلسطين" فشل السيناريوهات التي طرحها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لإدارة شؤون الحياة المدنية في المناطق الشمالية من القطاع تحديدًا. خصوصًا خطط تكليف عشائر وعائلات معروفة لدى المخابرات الإسرائيلية، بإدارة حياة الناس لفترة انتقالية أو غير محددة، بهدف تقويض حكم حركة حماس بعد الحرب.
وكانت قناة "كان" الإسرائيلية قد كشفت في الثاني من كانون ثان/ يناير الماضي، عن خطة للجيش الإسرائيلي تتضمّن تقسيم قطاع غزة إلى مناطق تحكمها العشائر، وتتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية، فيما يتولى جيش الاحتلال متابعة الملف الأمني.
ومنذ مطلع العام الجاري، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي فعليًا بفتح قنوات اتصال مع شخصيات عشائرية في محافظات غزة، ولكن الطرح الإسرائيلي تلاشى مع مرور الأيام ولم يحقق نجاحًا أو تطبيقًا عمليًا واسعًا على الأرض، رغم عرضه سابقًا على الكابينت الإسرائيلي وأخذه على محمل الجد والتنفيذ بعد تصريحات متكررة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وكررها لاحقًا وزير الجيش يؤآف غالانت.
ووفق مصدر فصائلي من شمال غزة، فإن الاحتلال طرح خطة لإدارة مدن شمال القطاع عبر تقسيمها لأحياء سكنية، وفي كل حي يوجد ممثل عائلي يعتبر "مقبولًا" لدى عامة الناس والمنطقة، مهمّته التواصل مع الجهات الإغاثية والمؤسسات الدولية التي ستعمل على إيصال المساعدات له من أجل توزيعها على الناس، بعيدًا عن أي تدخل أو نشاطٍ من جهات محسوبة على سلطة قطاع غزة التي تديرها حركة حماس.