29-أغسطس-2024
قوات التدخل السريع المصرية

(Getty) مصر تعزز علاقاتها بالصومال وعينها على إثيوبيا

كما كان متوقعًا، انخرطت القاهرة على نحوٍ أكبر في الصومال. فبعدما تعهدت بإرسال قوات عسكرية إلى مقديشو مطلع العام المقبل ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال "أوصوم"، نقلت "رويترز" عن 3 مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية أنّ مصر سلّمت مساعدات عسكرية للصومال منتصف الأسبوع الجاري.

وتعدّ هذه المساعدة العسكرية المصرية هي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في خطوةٍ من المرجح، حسب "رويترز"، أن تؤدي إلى تعميق التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من الجانب الآخر.

وشهد العام الجاري تعزيزًا للعلاقات المصرية الصومالية، والسبب إقدام إثيوبيا على توقيع اتفاقٍ مع الحركات التي تؤيد الانفصال في إقليم أرض الصومال لاستئجار منفذٍ ساحلي على البحر الأحمر، وذلك مقابل اعترافٍ محتمل باستقلال الإقليم عن الصومال.

تسعى مصر إلى زيادة محاصرة إثيوبيا ومنعها من المنافذ البحرية التي تسعى إليها من خلال تقاربها مع إقليم أرض الصومال الانفصالي

الخطوة الإثيوبية كانت محطّ تنديدٍ مصريٍ وصومالي، حيث وصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه "تعدٍّ على سيادتها"، مضيفةً أنها "ستعرقله بكل الطرق الممكنة". كما نددت القاهرة أيضًا بالاتفاق الإثيوبي مع إقليم أرض الصومال، من منطلق خلافها مع أديس أبابا منذ سنواتٍ بسبب بناء إثيوبيا لسدٍّ ضخم على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وكتجسيدٍ عملي للإدانة، وقعت مصر "بروتوكول تعاونٍ عسكري مع مقديشو في وقتٍ سابق من هذا الشهر وتعهدت بالمشاركة بقوات عسكرية في بعثة حفظ سلامٍ جديدة في الصومال".

بدورها، هددت مقديشو في السابق: "بطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي موجودين بها كجزء من مهمة حفظ سلامٍ وبموجب اتفاقيات ثنائية لمكافحة مسلحي حركة الشباب، وذلك إذا لم يتم إلغاء الاتفاق" مع إقليم أرض الصومال.

المساعدة العسكرية المصرية لمقديشو

أفاد مصدران دبلوماسيان ومسؤولٌ صومالي كبير، تحدثوا لـ"رويترز" شريطة عدم الكشف عن هويتهم، بأن طائرتين عسكريتين مصريتين وصلتا إلى مطار مقديشو صباح يوم الثلاثاء محملتين بالأسلحة والذخيرة.

وأظهر مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، تحققت "رويترز" من صحته، الطائرتين على مدرج المطار. وقال أحد الدبلوماسيين للوكالة إن الصومال "تلعب بالنار" باستيراد أسلحةٍ مصرية واستفزاز إثيوبيا، في إشارة إلى أنّ الأخيرة قد تردّ بتسليح الانفصاليين في إقليم أرض الصومال وتعترف باستقلال الإقليم عن الصومال. وفي سيناريو أكثر "مأساويةً"، قد يؤدي نشر قوات مصرية في الصومال إلى مواجهة عسكرية بين القاهرة وأديس أبابا.

وقالت رويترز إن: "وزارتا الخارجية في الصومال ومصر، بالإضافة إلى المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، لم يردوا بعد على طلبات الوكالة للتعليق"، وإن كان السفير الصومالي في مصر أكّد وصول المساعدات العسكرية المصرية إلى بلاده.

وأشاد سفير جمهورية الصومال لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، علي عبدي أواري، بهذه الخطوة الهامة والتي تعد، وفق تعبيره: "أولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التي عقدت بالقاهرة مؤخرًا بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود، والتي شهدت توقيع اتفاق دفاعي مشترك بين مصر والصومال".

وأكد السفير الصومالي في بيانٍ له أن: "مصر لم تتوان يومًا عن دعم الأشقاء وخاصة الصومال"، موضحًا أن مصر بذلك: "ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية".

وكان بيانٌ للاتحاد الأفريقي أكّد في وقتٍ سابق من شهر آب/أغسط الجاري أن مصر: "عرضت المساهمة بقواتٍ في مهمة حفظ سلام جديدة ستنطلق العام المقبل في الصومال. ولم تدل القاهرة بتعليقٍ علني بهذا الشأن"، حسب رويترز.

مخاطر باندلاع حرب

نقلت "رويترز" عن رشيد عبدي المحلل في مركز ساهان للأبحاث الذي يتخذ من نيروبي مقرًا له قوله: "إذا أرسل المصريون قواتٍ على الأرض ونشروا عناصر على الحدود مع إثيوبيا، فقد يؤدي ذلك إلى مواجهةٍ مباشرة بين الجانبين". وأضاف المحلل رشيد عبدي أن: "خطر اندلاع حربٍ مباشرة ضئيل، لكن اندلاع صراعٍ بالوكالة وارد".

وأشارت رويترز في السياق نفسه إلى استضافة تركيا: "جولتين من المحادثات غير المباشرة منذ تموز/يوليو بين الصومال وإثيوبيا بشأن اتفاق أرض الصومال، الذي لم يتم الانتهاء منه بعد". ومن المتوقع عقد جولة ثالثة شهر أيلول/سبتمبر المقبل.

هذا وتقول إثيوبيا، وهي دولة حبيسة، إنها تحتاج للوصول إلى البحر. وتصر مقديشو على أن منطقة أرض الصومال، التي لم تحصل على اعترافٍ دولي على الرغم من التمتع بحكمٍ ذاتي فعلي منذ أكثر من 30 عامًا، هي جزء من الصومال.