18-يوليو-2024
مشهد لنهر النيل في القاهرة

اعتبر المصريون الاتفاقية خطرًا يهدد المصريين والسودانيين (رويترز)

اكتمل النصاب القانوني لتأسيس مفوضية حوض نهر النيل بتصديق حكومة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل المعروفة باسم "اتفاقية عنتيبي". ويثير هذا التطور مخاوف حقيقة لدى مصر من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، حيث لا تعترف الاتفاقية المذكورة بحصة مصر من مياه النيل والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.

ومن المنتظر، باكتمال النصاب القانوني للاتفاقية، أن يتم البدء بإجراءات تأسيس مفوضية حوض النيل بعد 60 يومًا من إيداع وثائق التصديق لدى الاتحاد الإفريقي.

يشار إلى أنّ 5 دول كانت قد وقعت على اتفاقية "عنتيبي"، وهي: إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي. ويشترط الجزء الثالث من الاتفاقية تصديق برلمانات ست دول على الأقل لتأسيس المفوضية التي سيكون مقرها الدائم في أوغندا.

بقيت اتفاقية عنتيبي متعثرةً طيلة 14 عامًا، لكنّ تأسيس مفوضية حوض النيل سيكون خطوةً كبيرةً في مسار تنفيذها

ويذكر أن شرط مصادقة 6 دول وُضع قبل انفصال جمهورية جنوب السودان، وقد استغلّ وزير الري المصري السابق، محمد نصر الدين علام، هذا الأمر قائلًا إن: "موافقة برلمان جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي لا يدخلها حيز التنفيذ، نظرًا لعدم توفر الأغلبية المطلوبة، لأن جنوب السودان لم تكن ضمن الدول التسع التي شاركت في مبادرة حوض النيل (كينيا ورواندا وبوروندي وتنزانيا والكونغو وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر)، ووقتها كما زعموا، أن توقيع الأغلبية (الثلثين أي 6 دول) يدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وهو ما لم يحدث، لأن انضمام جنوب السودان يجعل العدد الكلي 10 دول، والثلثان 7 دول وليس 6".

وقد بقيت "اتفاقية عنتيبي" متعثرةً طيلة 14 عامًا، لكنّ تأسيس مفوضية حوض النيل سيكون خطوةً كبيرةً في مسار تنفيذها، حيث ستكون المفوضية هي الجهة المسؤولة قانونيًا عن جميع الحقوق والالتزامات الخاصة بمبادرة حوض النيل، والتواصل مع كافة الجهات المسؤولة. كما سيتمثل دورها في تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام وعادل، بعيدًا عن نظام الحصص المائية السائد سابقًا. وستكون "اتفاقية عنتيبي" هي الإطار القانوني والمؤسسي الذي يُرجع إليه في حالة الخلافات والنزاعات.

واعتبر خبراء مصريون، بينهم أستاذ القانون الدولي العام، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ الاتفاقية هي: "أخطر اتفاقية دولية على حياة 160 مليون مصري وسوداني، وتضاف إلى الخطر الذي يشكله سد النهضة الإثيوبي".

وأضاف سلامة أنّ: "الهواجس والمخاطر التي تضعها اتفاقية عنتيبي كثيرة وخطيرة، ولكن يتصدرها غياب آليات التحكّم والتنسيق بين دول حوض النيل"، معتبرًا أنه بالنسبة إلى مصر، فإنها: "تخشى من أن يؤدي غياب آليات التحكّم والتنسيق في اتفاقية عنتيبي عام 2010 إلى تقليل تدفق المياه إليها، ثم تصبح المفاوضات حول تقاسم المياه أكثر صعوبة ما يؤدي إلى نشوب صراعات بين مصر ودول المنابع".

وأوضح أنه: "في مقابل عدم وجود آلية للتحكم والتنسيق في اتفاقية عنتيبي فإن كافة الاتفاقيات الدولية المنظمة لاستخدامات الأنهار الدولية تنص على إنشاء آليات مشتركة للتنسيق".

يذكر أنّ اتفاقية عنتيبي تتيح للدول الواقعة عند منبع النهر إقامة مشاريع للري والطاقة الكهربائية من دون الحصول على موافقة مسبقة من دولة المصب مصر والسودان. وكان محور الخلاف بين مصر وهذه الدول هو أن الاتفاقية القديمة المبرمة في 1929 بين القاهرة والمستعمر البريطاني منحت مصر حق الاعتراض على إقامة مشاريع تبنى على النيل خارج أراضيها. كما تمنح اتفاقية أخرى موقعة بين مصر والسودان في 1959 نحو 55.5 مليار متر مكعب من المياه كل سنة لمصر، والسودان 18.5 مليار متر مكعب.

وتتضمن الاتفاقية الجديدة التي تنظم العلاقة بين دول حوض النيل 40 بندًا، وافقت دول حوض النيل على 39 بندًا تتعلق بإطار العمل التعاوني، ولكن لم يجر الاتفاق على البنود التي تتعلق بأمن المياه حيث لا تزال مصر والسودان تتمسكان بحقهما في حصتهما الحالية من المياه 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 للسودان.

وقد أعلنت مصر والسودان عقب فشل التوصل إلى اتفاق في شرم الشيخ عام 2010 نقاط الخلاف، وهي أن تتضمن اتفاقية عنتيبي في البند الخاص بالأمن المائي: "نصًّا صريحًا يضمن عدم المساس بحصة مصر في مياه النيل وحقوقها التاريخية في مياه النيل، وذلك من خلال الإشارة للاتفاقيات التاريخية الموقعة بين مصر ودول حوض النيل وبين مصر والسودان".

كما تطالب مصر والسودان أن يتضمن الاتفاق الإخطار المسبق بأية مشروعات تقوم بها دول المنابع، وأن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاصة بها، وأن تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية. وفي حالة التمسك بالأغلبية، فيجب أن تشمل الأغلبية دولتي المصب مصر والسودان لتجنب عدم انقسام دول حوض النيل ما بين دول المنابع التي تشمل الأغلبية، ودولتي المصب التي تمثل الأقلية.