يقدّر للموسيقار اللبناني ملحم بركات، الذي رحل عن عمر ناهز 74 عامًا، أنه جدد بالأغنية اللبنانية ولهجتها، تاركًا بصمة مختلفة عن باقي المطربين الذين عاصروه. الرجل الذي تميز بطبعه الحاد ونكتته السريعة، بقي محافظًا على حضوره وتألقه، رغم معاناته مع المرض، الذي لم يقدر على هزيمته. فتوفي صباح اليوم في مستشفى "اوتيل ديو". إلا أنه بقي أيضًا مثيرًا للجدل لمواقف كثيرة، أبرزها تأييده لميشيل عون، ودفاعه عنه في أكثر من مناسبة. وأيضًا حمله السلاح في البقاع الغربي ضد "داعش"، وتهجمه على فريق 14 آذار مرارًا.
رحل ملحم بركات عن عمر ناهز 74 عامًا بعد صراع مع المرض
كل هذا تم نسيانه حين حط خبر موته، إذ ضجت مواقع التواصل الاجتماعي باستعادة أغانيه، وبجمل الرثاء من فنانين ومطربين وأعلاميين عربًا ولبنانيين، يستذكرون أبرز محطاتهم وعلاقتهم بالفنان الذي التزم بخط خاص من الفن، وبخصوصية لم تشفع له أحيانًا نقدًا لاذعًا، لكثرة شتيمته وتلفظه بكلمات نابية وخروجه إلى الجمهور سكرانَ في كثير من الاحيان.
أقرأ/ي: بعض مما تستحقه فيروز
ما يشفع لبركات، حضوره وتذكره تاريخه الفني العريق. فهو استطاع على مدى 4 عقود أن يوفر لجمهور واسع الانتشار عربيًا، مكانًا حزينًا في أغانيه. حين يلجأ فيها إلى استخدام موسيقى شفافة تبرع في تقديم الشعر الغنائي بحساسية تشبه صوت بركات نفسه. فاستخدام بركات الموسيقى يتعدى كونه استخدامًا وظيفيًا، فهو حاول مرارًا تقديم الأغنية اللبنانية، بطريقة خرج بها عن مدرسته الأولى. فلم يكن خلال عمله مع الأخوين رحباني إلا يؤسس لصوته المتفرد، إذ خرج من عباءتهما باكرًا، واستغل موهبته وقدرته على التعلم والاكتساب، في "قولبة" مشاعر إنسانية مرهفة، برزت جميعها في أغانيه التي تربى عليها جيلان.
استطاع ملحم بركات على مدى 4 عقود أن يوفر لجمهوره موسيقى شفافة وحزينة
ولد بركات في قرية كفرشيما في 15 آب/أغسطس 1945. تأثر باكرًا بفن الموسيقار محمد عبد الوهاب. وظهرت موهبته منذ كان في المدرسة وفي أحد الاحتفالات المدرسية، قام بتلحين بعض الكلمات من الجريدة اليومية وقام بغنائها، والتحق بعد ذلك بأحد البرامج المشهورة للأصوات الجديدة، وقام باختباره رواد الفن اللبناني الكبار، وقالوا عنه إنه موهبة لا مثيل لها لما يمتلكه من طبقات صوت عالية ذات مواصفات جيدة، والتحق بعد ذلك بالمدرسة الرحبانية، وكانت من هناك انطلاقته واسعة الانتشار.
واشترك في الغناء في فرقة الرحابنة في عدد من مسرحياتهم الغنائية وقام ببطولة مسرحية "الربيع السابع"، وبدأ مسيرته التلحينيّة لعدد كبير من المطربين، نذكر منهم: وديع الصافي، صباح، سميرة توفيق، ماجدة الرومي. وكانت أولى ألحانه، "بلغي كل مواعيدي" مع جورجيت صايغ ثم ألحان مسرحية "حلوة كتير" للمطربة صباح، ومن بينها: "المجوز الله يزيدو"، و"صادفني كحيل العين"، و"ليش لهلق سهرانين".
عمل ملحم بركات مع كبار الفنانين واشتغل مسرحيات غنائية مع صباح والرحابنة
أدى أول بطولة مسرحية في عمل "الأميرة زمرد" ثم في "ومشيت بطريقي". وخاض غمار السينما وقام ببطولة فيلم "حبي لا يموت" مع النجمة هلا عون. كما أحيا الحفلات فوق المسارح العربية والعالمية في فرنسا، وأميركا، وأستراليا، وكندا، وقرطاج (تونس) وجرش (الأردن)، وغيرها من البلدان. ولحن أغنية شهيرة للمطرب غسان صليبا بعنوان "يا حلوة شعرك داري"، وأغنية شهيرة للفنان الراحل نصري شمس الدين.. وغيرهم.
وقد طبع الأغنية العربية المعاصرة بأسلوبه اللحني وأدائه الذي يجمع بين الطرب الأصيل والغناء المتجدّد. من النجاحات التي عرفها أغنية قدمها لماجدة الرومي بعنوان "اعتزلت الغرام"، وأخرى لكارول صقر بعنوان "يا حبيبي تصبّح فيي"، إلا أن معظم أغانيه بقيت عالقة في ذاكرة اللبنانيين حتى اليوم.
تزوّج مرتين، المرة الأولى من السيدة رندا عازار، وهي أم أولاده مجد ووعد وغنوة، ومن ثمّ من الفنانة مي حريري التي أنجبت له ملحم جنيور، التي عاد وطلّقها.
اقرأ/ي أيضًا: