ألترا صوت – فريق التحرير
هددت الحكومة الألمانية بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا في حال عدم تجاوب موسكو مع التحقيقات المرتبطة بقضية تسمم المعارض الروسي أليكسي نافالني، محذرةً من أن الخطوات التي ستتخذها موسكو قد تؤثر على مشروع السيل الشمالي-2/ "نورد ستريم" الذي سيقوم بتزويد الدول الغربية بالغاز الروسي.
تضافرت المواقف الألمانية والفرنسية فيما يتعلق بملف تسمم المعارض الروسي أليكسي نافالني، ما قد يؤدي إلى مرحلة جديدة من الإجراءات الأوروبية التي تصل حدود العقوبات على موسكو وإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا
في هذا الخصوص قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تصريحات نقلتها صحيفة بيلد الألمانية: "إذا لم يساهم الجانب الروسي خلال الأيام القليلة المقبلة في توضيح ما حدث، فسنضطر إلى مناقشة رد مع شركائنا". مضيفًا في لهجة تحذيرية أن برلين حددت مجموعة من "الأهداف" سيترتب عليها مجموعة إجراءات إذا لم تقم موسكو بالتجاوب السريع بشأن التحقيق في حادثة تسمم نافالني، دون أن يستبعد الوزير الألماني مسألة العقوبات في حديثه.
اقرأ/ي أيضًا: أبرز معارض سياسي في روسيا في المستشفى بعد حادثة "تسمّم" خطيرة
وعلى الرغم من أهمية مشروع السيل الشمالي-2 الذي يشرف على تنفيذه 100 شركة من 12 دولة أوروبية بكلفة بلغت 10 مليارات يورو، أي ما يعادل 11 مليار دولار أمريكي، فإن ماس لم يستبعد أن تستهدف العقوبات الأوروبية المشروع عينه، مشيرًا إلى ذلك بقوله: " آمل بألا تجبرنا موسكو على تغيير موقفنا حيال نورد ستريم 2"، لافتًا إلى أن إيقاف المشروع سيضر بالشركات الأوروبية والروسية التي تعمل على بنائه في منطقة بحر البلطيق.
في سياق متصل وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تسمم نافالني أنه "جريمة" الهدف منها إسكات أشد منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مطالبةً بإجراء تحقيق كامل بالحادثة، وأظهرت اختبارات السموم التي أجريت على عينات من دم نافالني في أحد مختبرات الجيش الألماني تسممه بمادة نوفيتشوك السامة، وهو مركب من مجموعة غازات الأعصاب الكيميائية المتقدمة التي جرى تطويرها في حقبة الاتحاد السوفييتي، واستخدم سابقًا في محاولة تسمم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبوري في بريطانيا.
وفي موقف غير بعيد عن الموقف الرسمي الألماني انضمت فرنسا إلى ألمانيا محذرةً من احتمالية فرض عقوبات على موسكو إذا فشلت الأخيرة في الاستجابة السريعة لمطالب الدول الأوروبية بشأن حادثة تسمم نافالني. إذ قال وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان في تصريح لإذاعة فرانس إنتر الفرنسية، نقلته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بدورها: "إنه وضع خطير، هذا معارض روسي آخر يتعرض للتسمم على أرض روسية بمنتج عسكري روسي، ولذلك نقول للروس: حدثونا عن ذلك... نريد تفسيرات"، مضيفًا في لهجة شديدة التحذير بأن الدول الأوروبية تريد من موسكو تقديم التفسيرات خلال فترة زمنية لا تزيد على أسبوع.
نفت موسكو، على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن يكون لها يد في حادثة تسمم المعارض الروسي أليكسي نافالني
من جهته شدد وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب على أن الكرملين مطالب بتقديم تفسير حول كيفية تعرض نافالني للتسمم، مشيرًا إلى ذلك بقوله: "ما هو واضح حتى الآن هو أن الحكومة الروسية لديها سلسلة من الأسئلة الجادة التي يجب أن تجيب عنها"، وأضاف "سواء كانت أجهزة الدولة الروسية ضالعة في الواقعة أم لا، فإن موسكو ملزمة بضمان عدم استخدام أسلحة كيماوية على أراضيها".
اقرأ/ي أيضًا: أليكسي نافالني.. معارض شاب يهدد عرش بوتين
بينما رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدانة موسكو بحادثة نافالني خلال تصريحات صحفية أطلقها في وقت سابق للتصريحات الأوروبية، مشيرًا إلى عدم "رؤيته" دليلًا على ذلك. كما أضاف ترامب "ليس لدينا (فريق إدارته) أي دليل حتى الآن (على تورط روسيا)، لكنني سألقي نظرة على القضية (تسمم نافالني)"، واستطرد ترامب في حديثه مضيفًا "من المثير للاهتمام أن الجميع يذكر روسيا دائمًا، ولا أمانع أن تذكر روسيا، لكنني أعتقد أنه من المحتمل أن تكون الصين في هذه المرحلة هي التي يجب أن تتحدث عنها أكثر من ذلك بكثير".
في المقابل كانت موسكو قد نفت على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن يكون لها يد في حادثة تسمم نافالني. في الوقت الذي جددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ادعاءات موسكو أن برلين امتنعت عن الاستجابة الفورية لطلب مكتب المدعي العام الروسي من أجل التعاون في ملف نافالني، الذي تم تسليمه إلى السلطات الألمانية نهاية الشهر الماضي، متهمة السلطات الألمانية بتعطيل التحقيقات الروسية في الملف. فيما رفض هايكو ماس الادعاءات الروسية مشيرًا إلى أن برلين أبلغت ردها على المطالب الروسية لسفير موسكو في ألمانيا.
يذكر أن مشروع السيل الشمالي-2 هو مشروع يهدف لمد أنبوبين بطول 1224 كلم عبر بحر البلطيق لضخ الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا متجاوزًا أوكرانيا، ومنها إلى دول أوروبا الغربية، بطاقة تقدر بـ55 مليار متر مكعب سنويًا. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت مجموعة عقوبات على المشروع الروسي – الأوروبي المشترك في كانون الأول/ديسمبر 2019، مطالبة الشركات المشاركة في تنفيذ المشروع بالتوقف الفوري عن العمل. أما الآن، بعد حادثة تسمم المعارض الروسي أليكسي نافالني والتبعات التي برزت في هذا الملف على إثر نقله لتلقي الرعاية الطبية في ألمانيا، يعود ملف "نورد ستريم" إلى واجهة التجاذبات السياسية المتصلة بروسيا والشأن الأوروبي.
اقرأ/ي أيضًا:
السعودية تصعد الانتهاكات الحقوقية الممنهجة في معتقلاتها
الملفات السيادية الوطنية والعسكرية على طاولة المشاورات الليبية برعاية مغربية