كما أعادت أحداث حلب المظاهرات داخل المدن السورية، التي تسيطر عليها المعارضة، مرة أخرى، في عودة للشكل المدني الأصلي لها، الذي أزاحتها عنه أهوال الحرب التي يشنها بشار الأسد على شعبه، فعلت ذلك، أيضًا، في أوروبا.
بعد تراجع دام أكثر من عامين، استطاعت حلب تحريك المشهد الاحتجاجي السوري في أوروبا، للمطالبة بوقف المجازر التي يتعرض لها السوريون
فبعد غياب وتراجع دام قرابة عامين ونصف عن تنظيم الوقفات الاحتجاجية للكثير من السوريين الجدد والقدماء في بعض العواصم الأوروبية، والتي كانت تحدث تنديدًا بكل قصف ومجزرة حاصلة في سوريا خلال السنوات الماضية. تبدو حلب اليوم كبوصلة تتوجه إليها الأنظار، سياسيًا واجتماعيًا، وتبدأ منها التحليلات والتنبؤات، وعلى ذات القدر من الأهمية يبدو أنها استطاعت إعادة تحريك المشهد السوري في أوروبا.
اقرأ/ي أيضًا: من أجل حلب..تونسيون يحتجون أمام السفارة الروسية
فقد شهدت في الأيام الماضية بعض المدن والعواصم الأوروبية وقفات ومظاهرات رُفعت فيها أعلام الثورة السورية، تلك الرايات التي كان لها أن تختفي من المشهد اليومي للدم والقصف، وردد المتظاهرون شعارات تطالب بالحرية وتجدد مناشدات إنقاذ المدنيين والمحاصرين في المناطق السورية، ومعاقبة كل من له يد بترك حلب مهملة، يقضي أهلها بين الموت والترحيل.
كانت باريس العاصمة الفرنسية التي طالما شهدت احتجاجات كهذه، أحد أهم الدوائر الحيوية للمغتربين السوريين، لاحتوائها على الكثير منهم، شهدت مظاهرات عدة أهمها حين استطاع المتظاهرون رفع علم الثورة فوق السفارة السورية في باريس، أمر لم تكن له سابقة بتاريخ الاحتجاجات السورية في هذه العاصمة.
غير أن موقفًا آخر قد سجله الفرنسيون عندما أطفؤوا إنارة برج إيفل الرمز التاريخي للعاصمة، وهي تعتبر المرة الأولى التي يتم فيها إطفاء إنارة البرج بعد حادثة الباتكلان في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2014. بعد أن كان قد كتبت عليه عبارة avec les syriens في السابق أيّ "مع السوريين"
إلى هنا لم ينتهِ شكل التظاهر الجديد الذي امتد إلى أماكن أخرى كألمانيا وخصوصًا العاصمة برلين، المدينة التي بدأ يتشكل فيها وعي مختلف للسوريين، وتعتبر كحاضنة حيوية اجتماعيًا وثقافيًا، برلين التي لم تغب عنها في السابق احتجاجات مطالبة بالإفراج عن المعتقلين وأخرى منددة بالدور الروسي في سوريا.
اقرأ/ي أيضًا: بعد ملحمة تاريخية.."الثورة السورية" تودع حلب
كما امتدت المظاهرات إلى دول عديدة أخرى مثل الدنمارك السويد، لكن المظاهرات الأكبر كانت في العاصمة التركية اسطنبول حيث شهدت المدينة وقفة احتجاجية ضخمة، نددت بالدور الروسي في الحرب السورية والحمل الذي يحمله الروس في وقوفهم إلى جانب الأسد.
وعند تركيا تحديدًا حيث بدا الوضع هناك أكثر تنسيقًا، قرر بعض الناشطين أنه من الضروري الذهاب إلى الحدود السورية التركية لمساعدة من يستطيعوا مساعدته من الهاربين من حلب. كما علق البعض على تأخر الاستجابة الحكومية التركية للمساعدة في فك الحصار عن المدينة.
يقول محمد عون أحد المقيمين في فرنسا، لـ"التراصوت" إنه "لو استمرت تلك الاحتجاجات لما حدث الذي حدث، ولكن دخول سوريا في دوامة دموية وبسبب فقدان الأمل من توقف الأسد عن مجازره، ساهم في تراجع تنظيم مثل هذه الوقفات".
يرى المتظاهرون أن هذه الفعاليات قد تؤثر على الرأي العالمي حول القضية السورية، وتكسبها مشروعية فتصبح المطالبة بوقف إطلاق النار والهدن على المدن المحاصرة أمرًا محققًا. هي "أضعف الإيمان" بحسب وصف أحمد، شاب سوري مقيم في ألمانيا، والذي أضاف أن "تلك المظاهرات ستشكل ولو جزءًا صغيرًا من حقوق يجب المطالبة بها لأهلنا في سوريا، وكل المدنيين العالقين في الداخل".
لم تتوقف إلى الآن تلك المظاهرات فما زالت تُنظم في الكثير من المدن، في محاولة للفت الانتباه العالمي للقضية السورية مرة أخرى ومظلوميتها.
اقرأ/ي أيضًا: