07-مايو-2024
من أشهر الماسونيين العرب؟

(unsplash) ذكر أشهر الماسونيين العرب في كتاب عالم الماسونية

تعد الماسونية واحدة من أكثر المواضيع إثارة للجدل والغموض في التاريخ الحديث، خاصة في الدول العربية حيث تكتنف السرية والنقاشات المعقدة حولها. حيث يفتح النقاش حول أشهر الماسونيين العرب بابًا نحو فهم تأثير هذه الجمعية السرية على النخب الثقافية والسياسية في المنطقة. 

يمتد تاريخ المحافل الماسونية في الدول العربية للقرنين الـ19 والـ20، حيث انضمت إليها نخب سياسية وثقافية

أشهر الماسونيين العرب

كون أن الماسونية هي جمعية سرية، فإن أعضاءها يتسمون بالسرية أيضًا، ويعتبر من الصعب معرفة أعضائها أو الحصول على معلومات دقيقة عن نشاطاتهم. حيث تُبنى علاقات وتفاعلات هذه الجمعية على أساس الكتمان والتكتم، مما يجعل الإفصاح عن الانتماء للماسونية قضية غير مألوفة ومحفوفة بالكثير من التحفظ. ولكن تمّ ذكر أشهر الماسونيين  العرب في مقال عن الماسونية مقتبس من كتاب عالم الماسونية، كما ذكر الكاتب جرحي زيدان في كتابه تاريخ الماسونية العام أشهر الماسونيين العرب الذين انضموا إلى الماسونية. ولكن نذكر هنا أشهر الماسونيين العرب الذين أفصحوا بأنفسهم عن انتمائهم للماسونية؛ ومنهم:

 

  1. شارل دباس

وُلد شارل دباس في عام 1885 وتوفي في عام 1935، وكان شخصية سياسية بارزة في لبنان وينتمي إلى الطائفة الأرثوذكسية اليونانية. لعب دباس دورًا محوريًا في تاريخ لبنان الحديث حيث تولى رئاسة الجمهورية كأول رئيس للبلاد منذ إعلانها في 1 سبتمبر عام 1926 واستمر في منصبه حتى 2 يناير عام 1934 خلال فترة الانتداب الفرنسي، مساهمًا في تشكيل الدولة اللبنانية وترسيخ مؤسساتها. وعقب خدمته كرئيس للجمهورية، انتقل دباس ليشغل منصب رئيس مجلس النواب اللبناني من 30 يناير حتى 31 أكتوبر عام 1934، مؤكدًا بذلك على دوره القيادي وتأثيره في الساحة السياسية اللبنانية. وكانت فترة رئاسته شاهدة على مرحلة تأسيسية في تاريخ لبنان، حيث عمل على تعزيز أسس الدولة ومناقشة القوانين التي تضمن حقوق المواطنين وتساهم في بناء مؤسسات الدولة.

انضم دباس إلى صفوف الماسونية، ويعتبر من أهم الماسونيين العرب، حيث تم تنصيبه عضوًا رسميًا في العام 1907، داخل أروقة المحفل الماسوني في لبنان الذي يقع في قلب بيروت. حيث يخضع هذا المحفل لسلطة واختصاص الشرق الأكبر لفرنسا، وهو ما يشير إلى عمق العلاقات والتبادلات الثقافية والفكرية بين الماسونية في لبنان ونظيرتها في فرنسا.

 

  1. سليمان سالم:

في إحدى المقابلات مع قناة i24NEWS Arabic عام 2023م؛ تحدث سالم عن الماسونية ومحاولة الحركة لتصحيح المفاهيم الخاطئة عنها، خاصة بين الشعوب العربية. وأكد على أن الماسونية لا تخفي أسرارًا عن العامة، لكن لها خصوصيتها كأي تنظيم آخر، ورفض الربط بين الماسونية والصهيونية أو دولة إسرائيل.

يعتبر سليمان سالم أحد الشخصيات العربية المعروفة في المحفل الماسوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويُعتبر من الوجوه البارزة فيها. ولد ونشأ في مدينة حيفا وتولى منصب الرئيس الأعظم للماسونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل). حيث انضم سالم إلى الماسونية عام 1980 وقد أدلى بتصريحات في مقابلات صحفية مختلفة تُسلط الضوء على نشاطات ومبادئ الماسونية، وكذلك على الصورة التي يُحاول الماسون تقديمها للعامة لدحض الشائعات والمفاهيم المغلوطة حول المنظمة.

 

  1. إدريس راغب

إدريس راغب هو أشهر الماسونيين العرب؛ حيث ذكره جرجي زيدان في كتابه تاريخ الماسونية العام. ولد إدريس راغب عام 1862 في القاهرة، وكان قاضيًا مصريًا ومن الشخصيات البارزة في تاريخ مصر. حيث قام بتأسيس حزب مصر الفتاة في عام 1908. وهو من مؤسسي النادي الأهلي، حيث ساهم بشكل كبير في النادي وكان عضوًا في أول لجنة عليا لمجلس إدارته​.

عُرف راغب بانتمائه للماسونية، حيث ترقى في درجاتها حتى انتخب رئيسًا للمحفل الأكبر الوطني المصري. وله عدة مؤلفات في موضوعات متنوعة، بما في ذلك 5 مؤلفات عن الماسونية. وبحسب موقع مصر اليوم؛ تطرق الصحفي المصري إبراهيم عيسى خلال برنامجه " القاهرة والناس" إلى أن إدريس راغب كان عضوًا في المحفل الماسوني وأنه قام بتأسيس 23 محفلًا ماسونيًا. 

وشغل إدريس راغب منصب الأمين العام للمحفل الماسوني بمصر، وخلال فترة قيادته، واجه تحديات بسبب محاولات لتغيير القوانين لفائدة الأمير محمد علي. وعلى الرغم من المقاومة، استمرت الصراعات حتى عام 1922. ولم تقتصر أنشطة راغب على الجانب الإداري فحسب، بل امتد نشاطه ليشمل مبادرات إنسانية، كتأسيس دار أيتام ومدارس لتعليم وتدريب الأطفال، مؤكدًا على أهمية العمل الخيري والتعليمي ضمن مهام المحفل في مصر.

تعود جذور الماسونية في العراق إلى العصر العثماني، لكنها برزت بشكل أكثر وضوحًا خلال الفترة البريطانية والملكية في القرن الـ20

المحافل الماسونية في الدول العربية

يمتد تاريخ المحافل الماسونية في الدول العربية للقرنين الـ19 والـ20، حيث انضمت إليها نخب سياسية وثقافية في دول مثل مصر، لبنان، والعراق. بمرور الزمن، ومع التحولات السياسية في هذه البلدان، واجهت الماسونية تحديات أدت إلى تراجع نشاطها وإغلاق المحافل في بعض الأماكن. اليوم، يُعتقد أن النشاط الماسوني في العالم العربي قد انخفض بشكل كبير أو توقف، بسبب القيود القانونية والاجتماعية، ولكن قد تظل هناك بعض الأنشطة الفردية غير الرسمية.

  1. المحافل الماسونية في لبنان

يعتبر محفل سنين 969 من أهم المحافل الماسونية في لبنان، حيث تأسس في 2 يوليو 1904 في شوير بلبنان، ويُعد من المحافل المهمة التي مُنحت ميثاقًا من المحفل الكبير للماسونيين في اسكتلندا. واختير اسم المحفل تيمنًا بجبال سنين، معبرًا عن تجذره في تراث وطبيعة لبنان. وشملت عضويته شخصيات تجارية وحكومية وأرستقراطية بارزة، مما جعله مركزًا للنفوذ الاجتماعي والسياسي.

وعلى الرغم من بدايته القوية، واجه المحفل تحديات داخلية وخلافات مع المحفل الكبير في اسكتلندا، مما أدى إلى تقديم شكاوى تأديبية ضده. وتصاعدت هذه الخلافات حتى تم تعيين إسبر شقير للتحقيق فيها. وفي العشرينات، أظهر المحفل تفضيلًا لعقد اجتماعاته في بيروت، ولكن بسبب المخاوف بشأن أنشطته وإدارته، قرر المحفل الكبير في نهاية المطاف رفع ميثاقه وتعليق أنشطته في عام 1927، مما أنهى وجود محفل سنين 969.

توجد في لبنان محافل ماسونية نشطة تابعة للمحافل الكبيرة في أوروبا والولايات المتحدة. ومن بينها المحفل الكبير للبنان تحت اختصاص الشرق الأكبر الفرنسي. 

  1. المحافل الماسونية في مصر

تعود جذور الماسونية في مصر إلى العصر العثماني وحقبة الاحتلال البريطاني، حيث تأسست أولى المحافل الماسونية في القاهرة والإسكندرية خلال القرن التاسع عشر. وتميزت هذه الفترة بنشاط ماسوني مكثف، واجتذبت المحافل أعضاء من النخب الثقافية والسياسية المصرية والأوروبية. وخلال الفترة الملكية، ازدهرت الماسونية وكان لها دور بارز في الحياة العامة، مساهمة في الحركات الثقافية والفكرية والخيرية في البلاد.

وبعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة، شهدت الماسونية في مصر تغيرات جذرية. ففي 18 أبريل 1964، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية بقيادة حكمت أبو زيد قرارًا بحل جميع المحافل الماسونية في مصر، وتم نشر هذا القرار في جريدة الأهرام، مما أدى إلى اختفاء النشاط الماسوني الرسمي تمامًا من البلاد.

وبلغت ذروة نشاط الماسونية في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، حيث كانت تضم شخصيات بارزة في الدولة والمجتمع. ولكن، مع صدور القرارات الجمهورية وتغيير النظام السياسي، توقفت جميع الأنشطة الماسونية الرسمية، وأصبح الانتماء إليها أو الترويج لأفكارها محظورًا.

  1. المحافل الماسونية في العراق

تعود جذور الماسونية في العراق إلى العصر العثماني، لكنها برزت بشكل أكثر وضوحًا خلال الفترة البريطانية والملكية في القرن الـ20. حيث تأسس أول محفل ماسوني في البصرة عام 1917، وتبعه تأسيس محفل آخر في بغداد عام 1925، وهذه المحافل كانت تستقطب نخبة من الشخصيات العراقية والبريطانية والأجنبية العاملة في العراق. وخلال فترة الحكم الملكي، كانت الماسونية نشطة ومؤثرة في الأوساط الثقافية والسياسية العراقية.

وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 التي أطاحت بالملكية وأتت بعبد الكريم قاسم إلى السلطة، شهدت الماسونية في العراق تحولًا كبيرًا. حيث أُصدرت قوانين تجرم الانتساب للماسونية، مما أدى إلى اختفاء المحافل الماسونية تمامًا من البلاد. وكانت الماسونية قد وصلت إلى ذروة نشاطها في منتصف الأربعينيات، حيث ذكرت جريدة العرب العراقية أن عدد المحافل في العراق بلغ 18 محفلًا في عام 1946، وكان ينتمي إليها أكثر من 700 عضو.

لم تعد الماسونية موجودة كمنظمة في العراق حتى عام 2003، إلا أن هناك تقارير تشير إلى عودة نشاطات فردية مرتبطة بالماسونية بعد هذا التاريخ، مما يشير إلى استمرار الاهتمام بأفكارها ومبادئها بين بعض الأفراد، رغم غياب المحافل الرسمية. وتشكل هذه النشاطات تحديًا لفهم ديناميكيات الجماعات السرية وتأثيرها في المجتمعات العربية والعراقية على وجه الخصوص.

 

في النهاية، يبقى موضوع أشهر الماسونيين العرب مليئًا بالغموض ويثير فضول الكثيرين. على الرغم من التحديات في الكشف عن تفاصيل دقيقة بسبب سرية الماسونية، وتبرز الشخصيات المذكورة كمثال على تأثير هذه الجمعية في الحياة السياسية والثقافية العربية. ويؤكد هذا على أهمية استمرار البحث والنقاش حول دور أشهر الماسونيين العرب في تاريخ مجتمعاتهم.