يسعى الكثيرون إلى امتلاك مهارات التفكير الناقد، سواء لتحسين أدائهم الوظيفي، أو لاستخدام هذه المهارات في حياتهم الشخصية.
تستعرض هذه المقالة مفهوم وأهمية التفكير الناقد، بالإضافة إلى مستويات التفكير الناطق، وأخيرًا العلاقة بين التفكير الناقد وحل المشكلات.
التفكير الناقد
تتعدد تعريفات التفكير الناقد، فمنذ عصور الفلسفة اليونانية القديمة وحتى وقتنا الحالي، لم يتفق العلماء والمفكرون على تعريف واحد، ولا تزال تعريفاته محل نقاش إلى هذا اليوم. لكن يمكن القول أنّ مصطلح التفكير الناقد يُشير إلى مجموعة العمليات التي يقوم بها الشخص من تحليل البيانات أو الأحداث أو الوقائع والتأكد من مصادرها، لإصدار حُكم أو قرار موضوعي ومنطقي وسليم للتصرّف تجاهها.
كذلك يمكن تعريف التفكير الناقد بأنّه التشكيك في جميع الأحداث وفحصها، حيث أنّ التشكيك في الحوادث أو وجهات النظر يعتبر أساس التفكير الناقد.
مقالات قد تهمّك:
5 مهارات أساسية لسوق العمل يحتاج إليها كل خرّيج في سيرته الذاتية
ويتفّق الخبراء على مجموعة من العناصر الضرورية للتفكير الناقد، منها القدرة على التفكير بشكل عقلاني وموضوعي مستقل، وتطبيق العقل للوصول إلى روابط منطقية بين الأحداث، لتكوين وجهة نظر عقلانية، أو للوصول إلى حل مشكلة ما في حال وجودها.
اقرأ هنا: عقود الذكاء الاصطناعي الضائعة
أهمية التفكير الناقد
تتعدّا أهمية التفكير الناقد في الحياة المهنية إلى الحياة الشخصية، فالتفكير الناقد هو التفكير بالأشياء من حولنا بطرق معينة للوصول إلى استنتاجات منطقية، سواء لحل مشكلة معينة في مكان العمل، أو للتفكير في أي موضوع حياتي قد يشغل بال الشخص.
ويمكن تلخيص أهمية التفكير الناقد بالنقاط التالية:
- الحصول على وظيفة جيدة، فقد وجدت بعض الدراسات أن مهارات التفكير الناقد من بين أكثر المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل في المتقدمّين للوظائف لديهم، إذ يساعد التفكير الناقد الموظّف على اتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة، وحل المشكلات التي قد تواجه العمل بكفاءة عالية.
- التقليل من الأحداث السيئة، إذ تُشير بعض الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يمتلكون مهارات التفكير الناقد يواجهون أحداثًا سيئة في حياتهم أقل من غيرهم.
- تحديد أهمية الأحداث.
- التعرّف على الوقائع وتحليلها بشكل سليم.
- تحديد الأخطاء.
- معالجة المشاكل وإيجاد حلول منطقية لحل المشاكل بشكلٍ سليم.
- التفكير في الافتراضات أو الاداعاءات بمختلف أشكالها، سواء كانت سياسية أو دينية أو غيرها.
- عدم الانجرار وراء الإشاعات والأخبار المُضلَلة.
التفكير الناقد وحل المشكلات
هناك ارتباط وثيق بين التفكير الناقد وحل المشكلات، إذ دائمًا ما يكون الهدف وراء التفكير الناقد تجنّب الوقوع في المشكلات، إلّا أنّه يلعب دورًا محوريًا في حلّها إذا وقعت. ويمكن القول أنّ الجميع من مختلف الفئات العمرية يستخدم التفكير الناقد لحل المشكلات بشكلٍ يومي، بدءًا من تساؤلات الأطفال أو تركيب قطع الليجو على سبيل المثال، مرورًا بعملية اختيار الملابس المناسبة للطقس عند الخروج من المنزل، وليس انتهاءً بحل باستخدام مهارات التفكير الناقد لحل المشكلات في بيئة العمل.
مهارات التفكير الناقد
تتنوّع مهارات التفكير الناقد وتشمل على عناصر متعددة، بدءًا من الملاحظة والتشكيك، مرورًا بالتفكير والتحليل والتفسير، وليس انتهاءًا بالاستنتاج واتخاذ القرار وحل المشكلات. وعلى الرغم من تنوّعها، يمكن حصر مهارات التفكير الناقد بالمهارات الأساسية أدناه:
- القدرة على الشك والفضول
الشك هو عدم تصديق أي معطيات أو معلومات دون أدلة كافية، أما الفضول فهو الرغبة في البحث عن معلومات ومعطيات جديدة تساعد على التحليل المنطقي وفهم مجريات الأحداث بشكل سليم.
- القدرة على الاستدلال
من أهم مهارات التفكير الناقد القدرة على الاستدلال واستخلاص الأدلة من الأحداث، وذلك لاستخدام هذه الأدلة في ترتيب وفهم الحدث بشكل منطقي.
- القدرة على الملاحظة
تساعد القدرة على الملاحظة في الانتباه إلى البيانات والمعلومات بشكل دقيق، بالإضافة إلى ملاحظة المشكلات مهما كانت صغيرة.
- القدرة على التساؤل
تساعد القدرة على التساؤل في وضع أسئلة واستفسارات للوصول إلى إجابات منطقية حول حدث ما.
- القدرة على الخيال
يلعب الخيال دورًا مهمًا في مهارات التفكير النقدي، إذ يحتاج حل المشكلات إلى خيالٍ قادرٍ على تصوّر الحلول الممكنة واختيار أفضلها.
- القدرة على طلب الاستشارات
يفتقر البعض للقدرة على طلب الاستشارات من مِن هم أكثر منهم خبرة لأسباب عدة، لكن طلب الاستشارات في الأمور التي يجهلها الشخص من مهارات التفكير الناقد المهمة.
- القدرة على اتخاذ القرارات
يجب أن يكون الشخص قادرًا على اتخاذ قرارت منطقية وصحيحة بعد تطبيقه مهارات التفكير الناقد السابقة، وتحتاج هذه المهارة إلى الثقة بالنفس المبنية على التحليل السليم.
مقالات قد تهمّك:
4 حيل نفسية تساعدك على أن تبدو أكثر ثقة بنفسك أمام الآخرين
أمثلة على مهارات التفكير الناقد
لو أردنا تعداد أمثلة على مهارات التفكير الناقد لن ننتهي من العد، فمن أبسط الأنشطة اليومية إلى حل المشكلات الكبيرة، ورغم اختلاف الظروف التي تتطلب مهارات التفكير الناقد، إلّا أنّها تلعب دورًا مركزيًا في حياة الجميع تقريبًا، حيث تُطبّق مهارات التفكير الناقد في كل المجالات.
تاليًا نستعرض بعض الأمثلة على مهارات التفكير الناقد:
المدرسة والجامعة: يستخدم الطلاب مهارات التفكير الناقد عندما يُطلب منهم العمل على مهمة أكاديمية، من خلال البحث والتحليل واستخلاص النتائج.
المستشفيات: يقوم الأطباء بدراسة الحالات التي يشرفون عليها وتحليلها، للوصول إلى العلاج الأنسب لكل حالة.
الأعمال المنزلية: يقوم السبّاك أو الكهربائي بالبحث عن مصدر المشكلة وتحديد الأدوات اللازمة لحلها.
مستويات التفكير الناقد
تُقسم مستويات التفكير الناقد إلى عدة مستويات، أهمها:
- التفكير: المستوى الأول من مستويات التفكير الناقد هو التفكير، سواء كان التفكير في معلوماتٍ معينة لاتخاذ قرار معيّن، أو التفكير في معطيات مشكلة ما للوصول إلى حل منطقي لها.
- التحليل: بعد التفكير في المعلومات والمعطيات تأتي مرحلة التحليل، إذ يعمل التحليل والتفسير السليم لهذه المعطيات على الوصول إلى حلٍ منطقي للمشكلة المراد حلّها.
- التقييم: يجب تقييم كل الأدلة والمعلومات والمعطيات وحتى وجهات النظر، وتحديد نقاط القوة والضعف لكلٍ منها.
- الاستنتاج: بعد مرحلة التقييم تأتي مرحلة الاستنتاج، والتي تعتمد بشكل كبير على التقييم، فإذا كان التقييم سليمًا تخرج استنتاجات سليمة.
- اتخاذ القرار: المستوى الأخير من مستويات التفكير الناقد هو اتخاذ القرار، والذي يعتمد في صوابه من عدمه على المستويات السابقة.