وصل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في زيارة استثنائية، بعد سنوات من الابتعاد الأمريكي عنه، بسبب انتهاكات الحرية الدينية وتآكل الديمقراطية.
"لن يؤطر بايدن ولا مودي مشاركتهما على أنها تدور في المقام الأول حول احتواء التحدي الصيني، لكن المعنى الضمني واضح"، وفق تعبير واشنطن بوست
وفي زيارة دولة، يصل مودي إلى الكونغرس، من أجل مخاطبته، وهي خطوة مخصصة للحلفاء الأبرز لواشنطن، ومن ثم ينتقل إلى عشاء رسمي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في دلالة على تحول "مودي والهند إلى شريك استراتيجي"، نظرًا لكون بايدن منذ وصوله إلى منصبه كرئيس للولايات المتحدة، استضاف زيارتين دولة فقط، الأولى مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في كانون الأول/ ديسمبر 2022، والثانية مع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في نيسان/ أبريل، أمّا المختلف في مودي، فقد منعته الولايات المتحدة، مطلعة الألفية منذ الحصول على تأشيرة للدخول إليها، نظرًا لتورطه في جرائم تطهير عرقي.
الزيارة الشائكة، كما يُنظر لها في الولايات المتحدة، تأتي في ظل الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل حكومة مودي، لكنها تترافق مع اعتراف أمريكي في صعود الهند كقوة اقتصادية ودبلوماسية، فيما ستكون أبرز الأجندة حول اصطفافات مودي المتعلقة في الغزو الروسي لأوكرانيا، ونفوذ الصين الاقتصادي، ما حصول الاقتصاد على حصة كبيرة من الزيارة.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن "الزيارة هي جائزة دبلوماسية كبيرة لمودي، الذي حُرم ذات مرة من تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة لدوره في أعمال الشغب الدينية في ولايته، وكرئيس للوزراء عزز سلطته بشكل متزايد وجعل بلاده أقرب إلى النظام الحزب الواحد".
ورغم نظرة بايدن إلى حكمه بوصفه يعبر عن معركة بين الأنظمة الاستبدادية والديمقراطية، إلّا أنه عمل على التقارب مع الهند اقتصاديًا وعسكريًا، رغم "تصوره عن العالم". وتتضح جذور معالم هذه الزيارة، بالعودة إلى العام الماضي عندما وصلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت إل يلين الهند، كجزء من جهود بايدن لتحويل سلاسل التوريد العالمية بعيدًا عن خصومها السياسيين والاقتصاديين، وبكلمات أوضح "بعيدًا عن الصين أولًا، وروسيا ثانيًا".
التعويل الأمريكي على الهند، ظهر في تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن للأمن القومي جيك سوليفان، قبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكنين، حيث قال إن الولايات المتحدة تتوقع "لحظة تحول" في العلاقات الهندية خلال زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي المقبلة لواشنطن، مقللًا من فرص تحقيق اختراق دبلوماسي مع الصين، موضحًا: "رحلة الوزير بلينكن إلى الصين ستكون حدثًا مهمًا، لكن من المحتمل ألا تكون الحدث الأكثر أهمية في الأسبوع المقبل عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وتسعى الزيارة، إلى تعزيز العلاقات والتعاون بين واشنطن ونيودلهي، من خلال الإعلان عن سلسلة من اتفاقيات الدفاع والتجارة.
وقالت مصادر أمريكية، إن إدارة بايدن ستقوم بتوقيع اتفاقيات مرتبطة في أشباه الموصلات والمعادن الهامة والتكنولوجيا والتعاون في مجال الفضاء والتعاون الدفاعي والتجارة المتبادلة، بهدف افتتاح حقبة جديدة في العلاقات بين البلدين، مواجهة نفوذ الصين، مع سعي الولايات المتحدة إلى مواجهة النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وإلى جانب الاتفاقيات المتعلقة بالحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي والعديد من الاتفاقيات التي تم تطويرها خلال الأشهر الأخيرة، قد تشجع زيارة مودي المزيد من الشركات الأمريكية على الاستثمار في الهند.
ووفق صحيفة الغارديان البريطانية، ستسهل إدارة بايدن على الهنود العيش والعمل في الولايات المتحدة، وذلك في إطار زيارة مودي لواشنطن.
وتظهر بداية الشراكات، عقب لقاء الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث أشار إلى نيته القيام "باستثمار كبير" في الهند.
يشار إلى أنه تعززت علاقة الهند بالولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ووصلت التجارة بين البلدين إلى مستوى قياسي بلغ 191 مليار دولار في عام 2022، مما يجعل الهند أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.
مواجهة الصين.. الابتعاد عن روسيا
تتجاوز الولايات المتحدة اعتبارات عدة في سياساتها الخارجية، مقررةً التعويل على تحقيق أكبر قدر ممكن في الاستقطاب الحاد الذي تعايشه مع الصين وروسيا، خاصةً في ظل عدم تحقيق اختراقات جدية في معسكر الانحيازات على الأطراف، فبعيدًا عن أوروبا، لم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق اختراقات حاسمة في آسيا أو أفريقيا أو أمريكا الجنوبية على صعيد الموقف من الصين أو روسيا.
وفي هذا السياق، قال أستاذ السياسة الخارجية الهندية في جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي هابيمون جاكوب لـ"نيويورك تايمز": "إن لنيودلهي دور محوري تلعبه في مواجهة الصين- إذا تم دفعها سياسيًا، وساعدتها عسكريًا وشجعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها".
وقال وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا، في تصريحات سابقة عن الزيارة، "إنها علامة فارقة في علاقتنا.. إنها زيارة مهمة للغاية"، مشيرًا إلى أن الإنجاز الرئيسي المتوقع عرضه هو مجال التعاون الدفاعي، خاصة بين الصناعات العسكرية في البلدين، حيث تسعى الهند إلى إنتاج المزيد من الأسلحة والمعدات لنفسها للتصدير.
وتأتي أهمية ذلك، نظرًا لحفاظ الهند على علاقات عسكرية واقتصادية مع روسيا، حيث قامت بشراء النفط الروسي بسعر مخفض وابتعدت عن دعم قرارات الأمم المتحدة التي تدين الغزو الروسي، ويرتبط ذلك جزئيًا بأن ترسانة الهند العسكرية في معظمها روسية، وهي ما تسعى واشنطن إلى قلبه، حيث زار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان نيودلهي قبل حوالي شهر لتوثيق الشراكات الدفاعية.
وخلال زيارته الهند، تحدث أوستن عن زيارة التعاون التكنولوجي والتنسيق العسكري وتبادل المعلومات الاستخبارية، قائلًا: "كل هذا مهم لأننا نواجه عالمًا سريع التغير. نرى البلطجة والإكراه من جمهورية الصين الشعبية، والعدوان الروسي على أوكرانيا الذي يسعى إلى إعادة ترسيم الحدود بالقوة ويهدد السيادة الوطنية".
وفي هذا السياق، سيوقع بايدن ومودي على صفقة للسماح لشركة جنرال إلكتريك بإنتاج محركات نفاثة في الهند لتشغيل الطائرات العسكرية الهندية، كما ستتمكن سفن البحرية الأمريكية من التوقف في أحواض بناء السفن الهندية للإصلاح بموجب اتفاقية بحرية تم التوصل إليها بين الحكومتين.
بالإضافة إلى الإعلان عن خطة لشراء الهند طائرات مُسيّرة مسلحة أمريكية الصنع من طراز MQ-9B SeaGuardian.
وتحاول الولايات المتحدة، الحصول على حصة من صفقات أكبر مشترٍ للأسلحة الروسية في العالم، حيث تعتمد نيودلهي على موسكو بشكلٍ كبير في الحصول على الأسلحة، وكانت حتى التسعينات تحصل على 80% من أسلحتها من روسيا، وانخفضت النسبة التي بقيت كبيرةً إلى 65%، فيما تفشل روسيا في تلبية كافة احتياجات الهند، مع حربها على أوكرانيا.
وعلى هذا الأساس جاءت صفقة المُسيّرات MQ-9B SeaGuardian التي لم تقدمها الولايات المتحدة، إلّا لمجموعة محدودة من الدول الحليفة.
وبما يخص روسيا، رغم استمرار الاعتماد عليها عسكريًا وفي الحصول على نفطها، إلّا أن مصادر أمريكية تقول إنه حدث "تحول طفيف" في نهج الهند تجاه روسيا منذ أن أخبر مودي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيلول/ سبتمبر أن "اليوم ليس عصر حرب". بالإضافة للحديث عن وحدة أراضي أوكرانيا ورفض الخطاب الروسي عن الأسلحة النووية.
الصين في الخلفية
حاول مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سولفيان التقليل من مركزية الصين في الزيارة، بالقول: "هذه الزيارة لا تتعلق بالصين. لكن، مسألة دور الصين في المجال العسكري والمجال التكنولوجي والمجال الاقتصادي ستكون على جدول الأعمال".
ورغم ذلك، تشير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن الصين أصبحت التهديد الأمني الرئيسي للهند بدلًا من باكستان، خلال السنوات الأخيرة، حيث تحول أكبر دولتين في العالم من حيث عدد السكان إلى خصمين مرة أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، موضحةً: "إن عودة هذا التنافس -بعد عقود من الانفراج- هو الذي أدى إلى تقارب المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند".
وتقول الصحيفة الأمريكية: "لن يؤطر بايدن ولا مودي مشاركتهما على أنها تدور في المقام الأول حول احتواء التحدي الصيني، لكن المعنى الضمني واضح".
وترى الصحيفة الأمريكية، أن الشركة الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند، والتوجه نحو تطوير تكنولوجيا عسكرية، يأتي ضمن تنافس حكومة مودي مع الصين.
وتدرك الولايات المتحدة حدود علاقتها مع الهند، التي ستضيف قمة مجموعة العشرين هذا العام، وتطمح إلى تثبيت نفسها باعتبارها "قوةً عظمى في العالم النامي". وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى أنه، وبناءً على أحاديث الهند والولايات المتحدة، يتضح أن نيودلهي لن تكون حليفةً تشبه اليابان أو أستراليا، وتدرك أمريكا أن الهند "ليس لديها نية للتخلي عن استقلاليتها الاستراتيجية أو السعي لأن يُنظر إليها على أنها متحالفة مع حلف شمال الأطلسي والغرب".
وقالت مديرة مبادرات جنوب آسيا في معهد سياسات مجتمع آسيا فروة عامر لـ"cnbc": "هذه الزيارة ترمز إلى الالتزام الثابت بتعميق العلاقات وتدل على الإمكانات الهائلة لكلا البلدين للتعاون وسط التحديات العالمية"، موضحةً: "الولايات المتحدة ليست معتادة على وجود شركاء ليسوا حلفاء، لكنها مستعدة للنظر إلى شراكتها مع الهند بشكل مختلف، شراكة ذات عقلية مستقلة نسبيًا ولكنها ستساعد الأولويات الأمريكية أيضًا".
من جانبه، يحاول الباحث في مؤسسة كارنيجي أشلي تيليس، توضيح نقاط الالتقاء بين الهند والولايات المتحدة، بالقول: "تشترك كل من الولايات المتحدة والهند في الهدف المتمثل في عدم وجود آسيا التي تهيمن عليها الصين، أو منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي تخضع للإكراه الصيني"، وفق قوله.
بدوره، قال مدير برنامج جنوب آسيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ميلان فايشناف لـ"الغارديان": "في واشنطن، يكمن الأمل في بناء إطار عمل رادع موسع لمحاولة إبقاء الصين تحت السيطرة. على الصعيدين الجغرافي والاستراتيجي والاقتصادي، أصبحت الهند محورًا رئيسيًا في هذا الإطار".
بعيدًا عن الحرب
وحول الصين، تحدث رئيس الوزراء الهندي لـ"وول ستريت جورنال"، قائلًا: "بالنسبة للعلاقات الثنائية الطبيعية مع الصين، فإن السلام والهدوء في المناطق الحدودية ضروريان. لدينا إيمان أساسي باحترام السيادة وسلامة الأراضي، واحترام سيادة القانون والحل السلمي للخلافات والنزاعات. في الوقت نفسه، الهند مستعدة تمامًا وملتزمة بحماية سيادتها وكرامتها".
أمّا عن دور الهند في العلاقة مع واشنطن، فقد قال: "اسمحوا لي أن أوضح أننا لا نرى الهند لتحل محل أي دولة. نحن نرى هذه العملية بينما تكتسب الهند مكانتها الصحيحة في العالم. أصبح العالم اليوم أكثر ترابطًا من أي وقت مضى ولخلق المرونة، يجب أن يكون هناك المزيد من التنوع في سلاسل التوريد".
ومع ذلك، حاول مودي التحدث عن عالم متعدد الأقطاب، داعيًا إلى إجراء تغييرات في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لتكييفها مع نظام عالمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد وجعلها أكثر تمثيلاً للدول الأقل ثراءً في العالم وأولوياتها، من التغيرات المناخ وتخفيض الديون، قائلًا: "انظر إلى عضوية المؤسسات الرئيسية - هل تمثل حقًا صوت القيم الديمقراطية؟ مكان مثل أفريقيا، هل له صوت؟ الهند لديها هذا العدد الهائل من السكان وهي نقطة مضيئة في الاقتصاد العالمي، ولكن هل هي موجودة؟".
وأشار مودي في حديث لـ"وول ستريت جورنال" إلى رغبة الهند في أن تكون عضوًا في مجلس الأمن الدولي، موضحًا: "يجب أن يكون هناك تقييم للعضوية الحالية، ويجب أن يُسأل العالم عما إذا كان يريد أن تكون الهند هناك".
حديث مودي السابق، يكشف عن مواقفه من قضايا خلافية، مثل تايوان، وعن حدود تحالفه مع الولايات المتحدة، حيث قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سواس اللندنية أفيناش باليوال لـ"الغارديان": "لن تكون الهند أبدًا من نوع حلفاء الولايات المتحدة حاليًا: لن تكون أستراليا أو كندا أو المملكة المتحدة".
ويقر أشلي تيليس في نمو العلاقات العسكرية والدفاعية، بالإضافة إلى الاختراق الاقتصادي الأمريكي للهند، ومع ذلك يؤكد على أن الشراكة الدفاعية هي التحدي الأكبر في العلاقة حتى الآن، حيث "ترفض الهند فكرة مشاركة قواتها المسلحة في أي عملية عسكرية مشتركة خارج مظلة الأمم المتحدة"، على عكس رغبة الولايات المتحدة.
وأشار تيليس إلى الرهان الأمريكي على الهند كشريك استراتيجي لمواجهة الصين، منذ حوالي 20 عامًا، وهو ما تلقفه بايدن بحماس، لكنه يقول: "توقعات واشنطن الحالية عن الهند في غير محلها. إن نقاط الضعف الكبيرة في الهند مقارنة بالصين، وقربها الذي لا مفر منه منها، يضمن أن نيودلهي لن تتورط أبدًا في أي مواجهة أمريكية مع بكين لا تهدد أمنها بشكل مباشر".
ويضيف تيليس في مقال منشور على "فورين أفيرز"، قائلًا: "تقدر الهند التعاون مع واشنطن لما يجلبه من فوائد ملموسة، لكنها لا تعتقد أنه يجب عليها [الهند] أن تدعم الولايات المتحدة ماديًا في أي أزمة -حتى تلك التي تنطوي على تهديد مشترك مثل الصين".
ويحاول تيليس شرح تصور الهند ومودي الذي عبر عنه لاحقًا في مقابلة مع "وول ستريت جورنال"، بالقول:"نيودلهي ترى الأمور بشكل مختلف. فهي لا تحمل أي ولاء فطري تجاه الحفاظ على النظام الدولي الليبرالي وتحتفظ بنفور دائم تجاه المشاركة في الدفاع المتبادل. تسعى إلى الحصول على تقنيات متقدمة من الولايات المتحدة لتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية وبالتالي تسهيل صعودها كقوة عظمى قادرة على موازنة الصين بشكل مستقل، لكنها لا تفترض أن المساعدة الأمريكية تفرض أي التزامات أخرى على نفسها".
ويؤكد تيليس على أن ضرورة مساعدة الهند من قبل أمريكا، لكنه يعود للتذكير بضرورة "عدم وجود أي أوهام مقابل هذا الدعم، مهما كان سخيًا، ومساهمته في انضمام الهند إلى تحالف عسكري ضد الصين"، موضحًا: "العلاقة مع الهند تختلف في الأساس عن تلك التي تتمتع بها الولايات المتحدة مع حلفائها. يجب أن تدرك إدارة بايدن هذه الحقيقة بدلاً من محاولة تغييرها".
حقوق الإنسان لاحقًا!
يعرف مودي عالميًا، بتهميش منافسيه في الحياة السياسية، وتعزيز سلطته التنفيذية، مع تزايد التقارير عن تآكل الديمقراطية في البلد الأكبر في العالم، بالإضافة إلى القمع والاضطهاد الديني المستمر في الهند، والذي يعتمد على تعزيز "القومية الهندية على أسس هندوسية".
ورغم ذلك، منح بايدن رئيس الوزراء الهندي وضعية مريحة، عند تكرار الإشارات عن عدم نيته مناقشة موضوع حقوق الإنسان بشكلٍ علني، مع توجه الرئيس الأمريكي الديمقراطي للانشغال في الاستقطاب العالمي، في عهد ربما سيعرف عنه "التراجع عن كافة الوعود المرتبطة في حقوق الإنسان".
وفي هذا السياق، حث أكثر من 70 مشرعًا ديمقراطيًا الرئيس الأمريكي في رسالة على الحديث عن قيم التمسك بالديمقراطية وحقوق الإنسان مع رئيس الوزراء الهندي، مشيرين إلى "الإشارات المقلقة في الهند عن تقلص الحيز السياسي، وتصاعد التعصب الديني، واستهداف منظمات المجتمع المدني والصحافة، والقيود المتزايدة على حريات الصحافة والوصول إلى الإنترنت".
وبحسب وكالة رويترز، يخطط بايدن لإثارة مخاوف حقوق الإنسان مع مودي، لكنه سيقوم بذلك بطريقة "محترمة ودون أو إلقاء محاضرات أو توبيخ"، وفق توصيف مستشار الأمن القومي الأمريكي.
تتقاطع الهند والولايات المتحدة في نقاط عدة على المستوى الاستراتيجي، ويبدو أن التوتر الهندي مع الصيني ساهم في تسريع الاقتراب الهندي من واشنطن، ومع حديث الهند الرائج عن عالم متعدد الأقطاب سياسيًا، فإن الولايات المتحدة تسعى إلى إيجاد تعدد في سلاسل التوريد، من المتوقع أن تساهم فيه الهند بشكلٍ كبير، بالنظر إلى أن اقتصاد الهندي، مستمر في النمو والصعود، ويمكن المساهمة في تشكيله، بما يخدم كافة الأطراف، بحيث ستكون الزيارة تتويجًا للعلاقة الاقتصادية.
يُنظر للزيارة الحالية، باعتبارها فرصةً لبناء علاقة وثيقة بين مودي وبايدن، ضمن مصالح متبادلة، في علاقة أكثر من شراكة وأقل من تحالف
كما يمكن أن تساهم الهند ضمن السياسة الأمريكية، في مواجهة الصين بالأخص في مناطق المحيط الهادئ والهندي، دون التعويل على نيودلهي بشكلٍ كبير في قضايا كبرى، من قبيل مواجهة الصين عسكريًا. وفي الوقت نفسه يُنظر للزيارة الحالية، باعتبارها فرصةً لبناء علاقة وثيقة بين مودي وبايدن، ضمن مصالح متبادلة، في علاقة أكثر من شراكة وأقل من تحالف.