الوجوهُ التي تُقابلني في الوحدةِ، تَنتشلُ الدقائقَ تُحيلها ساعاتٍ
الصمتُ هنا مُنتشر، الضجةُ في رأسي تَعلو.
سفينةٌ تُعكرُ صفو المحيط، شابٌ يرمي أعقابَ السجائرِ في الماءِ
الأسماكُ تتسابقُ لتلتقطِها،
إلهُ المحيطِ يشعرُ باضطراب، إنه غاضبٌ.
الحورياتُ يختبئن خلفَ الصخورِ،
الأسماكُ لا تبالي.
إنها تموتُ باستمرار، ما يهمها الآن هي الأعقاب. اللوحةُ بحاجةٍ إلى ألْفِ عقبٍ آخر.
غضبُ إله المحيط يزداد
قطرات الماء تهرب،
تصعد إلى السماءِ بتتابع مُتعَبٍ ولا تهطل الأمطار.
الشابُ حزينٌ، يشعر بي؛
أنا التي تصافحُ الموتَ في هدوئها،
تأخذُ قائمةَ الأسماءِ روحي،
تعزي الأمهات،
الحَبيبات،
والآباء،
تتجاهلُ الإخوةَ فهم لا يبكونَ موتَ إخوانهم
إنهم سيموتون أيضا، كالأسماك لا يبالون، بغيرِ السجائرِ.
نبيذٌ في الكأسِ يرقصُ الرقصةَ الأخيرةَ،
على أنغامِ الأمواج،
ينفجرُ،
يندلقُ
يتناثرُ،
على حافةِ الغطاءِ الأبيضِ يرسمُ لوحةً سوريالية، تحكي قصةَ الشابِ الحزينِ،
نبيذٌ أحمرٌ على حافةِ الطاولةِ البيضاءِ.
ماتَ أحدهم في مكانٍ ما،
تناثرَ دَمُه على الجدارِ،
كانوا ثلاثةً اختلط دمهم فأصبحوا واحدًا.
لا أحدَ يعرفُ،
الموتُ في البحرِ مجهولٌ،
غضبُ الإلهِ على اليابسةِ مجهولٌ،
رقصةُ النبيذِ مجهولةٌ أيضًا،
ولا احدَ يعرفُ.
نحنُ نتجاهلُ الحقائقَ نَمُرُ فوقها بأحذيتنا الفاخرةِ،
ففي المدينةِ يجهلونَ الجوعَ، يجهلونَ العرِيّ، ولا يجيدونَ القراءةِ.
اكتملتْ اللوحةُ.
اصطفتْ الأسماكُ أمامها،
إلهُ المحيطِ يراقبُ من بعيدٍ،
شهقتهُ جعلت المحيطَ؛ يثور
ارتجفت السماءُ
تساقطت الامطار،
غُسلت الدماءُ وعاد الجدارُ نظيفًا.
انجرفت أشلاء الموتى إلى المجرى القريبِ وضاعت في البحر،
عُدّ الشهداء مفقودين ولم تولول أمهاتهم.
الإخوة وحدهم يعرفونَ الحقيقةَ؛ إنهم
سيموتون فجرَ غدٍ
والشابُ الحزينُ سيصعدُ على ظهرِ السفينةِ،
لن يمنحَ المدينةَ التفاتةً أخيرةً وقبلَ أن يتركَ كأسه على حافةِ الطاولةِ، تضيع النظرة.
يغفو إله المحيط،
تنزلقُ دمعةٌ من عينيه المغمضتين،
الأسماكُ لا تزالُ على قيدِ الحياة.
اقرأ/ي أيضًا: