الترا صوت – فريق التحرير
كشفت صحيفة نيويورك تايمز، في تحقيق جديد نشرته، عن شبكة تجسس أدارتها الإمارات، مكونة من عملاء سابقين في وكالة الأمن الوطنية الأمريكية، استهدفت شخصيات من العائلة الحاكمة في قطر، ومسؤولين دوليين وأمريكيين، من بينهم أعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وناشطين انتقدوا السياسات الإماراتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واعتبر التحقيق الذي أعدته نيكول بيرلروث، أن هذه المعلومات تمثل جرس إنذار للتحول في دور وكالات التجسس الأمريكية، التي أصبحت تُستخدم ضد مصالح واشنطن نفسها.
شبكة تجسس أدارتها الإمارات، مكونة من عملاء سابقين في وكالة الأمن الوطنية الأمريكية، استهدفت شخصيات من العائلة الحاكمة في قطر، ومسؤولين دوليين وأمريكيين
ما القصة؟
لعدة أشهر، تساءل ديفيد إيفيندن، المحلل السابق بوكالة الأمن القومي، عما كان يفعله في أبوظبي. حيث تم استدراجه، مثله مثل عشرين موظفًا آخر من نفس الوكالة، إلى الإمارات العربية المتحدة مع عروض مغرية، وصلت إلى مضاعفة رواتبهم أربع مرات، ووعود بـ"حياة خالية من الضرائب في ملعب الخليج الفاخر". هكذا تفتتح صحيفة نيويورك تايمز تحقيقًا نشرته عن شبكة تجسس إلكترونية أدارتها الإمارات، وضمت موظفين سابقين في وكالة الأمن القومي الأمريكي.
اقرأ/ي أيضًا: حصار قطر يكشف الخطورة الحقيقية للهجمات الإلكترونية.. حرب بديلة أقل تكلفة
بدأ إيفيندن تعقب الخلايا الإرهابية في العراق. كان ذلك في عام 2014. حيث كان تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قد فرض للتو حصارًا على الموصل وتكريت. لكن الأمور ستتغير بسرعة، إذ سرعان ما تم تكليفه بمشروع جديد: إثبات أن قطر كانت تمول جماعة الإخوان المسلمين. الطريقة الوحيدة للقيام بذلك، كما أخبر إيفيندين رؤساءه، هي القيام بالتجسس إلكترونيًا على الدوحة.
كما تشير الصحيفة الأمريكية، لم يمض وقت طويل على بدء فريقه CyberPoint بالعمل، حتى أصبح التجسس على أعداء أبوظبي، الحقيقيين والمتخيلين، جزءًا من مهامه في جميع أنحاء العالم: مسؤولو كرة القدم في FIFA، ومنتقدو النظام الإماراتي على Twitter، بالإضافة إلى أفراد العائلة الحاكمة في قطر. لقد أرادوا أن يعرفوا إلى أين كانوا يسافرون، ومع من يجتمعون، وماذا كانوا يقولون.
التجسس على رسائل ميشيل أوباما
لم تكن هذه المفاجأة التي استوقفت لإيفيندن، المتخصص في اللاهوت، والذي كان يرى أن الحرب على الإرهاب والتجسس على من يقتلون "المسيحيين الصالحين" جزء من واجبه الديني. ما استوقفه، كان عندما ظهرت على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به، رسائل من البريد الإلكتروني للسيدة الأولى للولايات المتحدة آنذاك، ميشيل أوباما.
في أواخر عام 2015، كان فريق ميشيل أوباما يضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل جولة كانت ستبدأها في المنطقة العربية، بما في ذلك كلمة ستلقيها في قمة تربوية في الدوحة، بالتنسيق مع الشيخة موزا بنت ناصر. حاول الفريق التجسس على اتصالات الشيخة موزا، لكنهم لم يجدوا سوى معلومات تتعلق بمشاريعها التربوية. بالنسبة لإيفيدندن، "كانت تلك هي اللحظة التي قلت فيها لا ينبغي أن نفعل هذا. لا ينبغي أن نستهدف هؤلاء الناس". وسرعان ما عاد هو وعائلته إلى الولايات المتحدة، وكذا فعل عدد قليل من زملائه الذين قرروا جميعًا إبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي.
لم تنته القصة عند هذا الحد، إذ لم يمض وقت طويل على عودته إلى الولايات المتحدة، حتى بدأ إيفيندن يتلقى مكالمات ورسائل من زملائه القدامى في وكالة الأمن القومي، الذين لا يزالون يعملون لصالح الوكالة الأمريكية، والذين كانوا تلقوا للتو "عروض عمل رائعة حقًا" من أبو ظبي وأرادوا استشارته. استمر ذلك حتى السنة الماضية، حيث طلب إيفيدندن من زملائه راجيًا ألا يذهبوا، لأن "هذا ليس العمل الذي تعتقدون أنكم ستقوموه به".
مفارقة كبيرة، تشير إليها "نيويورك تايمز"، تتعلق بالطريقة التي تحولت فيها وكالة الأمن القومي، التي تتمثل مهمتها في الدفاع عن الأسرار الأمريكية بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخبارية حول العالم، إلى نقطة ضعف، وبيئة تساهم في التجسس على مسؤولين أمريكيين، بمن فيهم السيدة الأولى، بالإضافة إلى ممارسة الجريمة بالوكالة.
مفارقة كبيرة، تشير إليها "نيويورك تايمز"، تتعلق بالطريقة التي تحولت فيها وكالة الأمن القومي، التي تتمثل مهمتها في الدفاع عن الأسرار الأمريكية إلى بيئة تساهم في التجسس على مسؤولين أمريكيين
"إذا كان هناك علامة على خسارة الولايات المتحدة للسيطرة على حرب المعلومات لعملائها أنفسهم"، تقول الصحيفة، فإن هذه العلامة ستكون لحظة ظهور رسائل البريد الإلكتروني للسيدة الأولى على شاشة حاسوب عميل شاب في وكالة الأمن القومي يعمل في أبوظبي، في إشارة إلى إيفيندن.