رغم عدم تحقيق مسلسل "الحصان الأسود" لأي نجاح جماهيري وفشله في إثارة الاهتمام النقدي في رمضان الماضي، تمكّن بطله أحمد السقا من اعتلاء قمة إيرادات شباك التذاكر بفيلمه "هروب اضطراري"، الذي نزل إلى الصالات السينمائية في أول أيام عيد الفطر.
الأرقام المتضاربة والمبالغات الترويجية التي يدمنها الفنانون لن تنفي حقيقة اكتساح "هروب اضطراري" للموسم وتحقيقه أعلى الإيرادات
الغريب أن النجاح السينمائي تحقق لمشروع فني شهد إعادة التعاون بين نفس البطل والمخرج للمسلسل الرمضاني الذي لم يحقق الصدى المرجو منه، رغم حدة المنافسة التي شهدها موسم عيد الفطر بمشاركة أسماء من ذوي الوزن الثقيل في عالم الإيرادات.
الأرقام المتضاربة والمبالغات الترويجية التي يدمنها الفنانون والمنتجون لن تنفي حقيقة اكتساح "هروب اضطراري" للموسم وتحقيقه أعلى الإيرادات.
محمد رمضان نجم العشوائيات والمخدرات وتامر حسني نجم الجيل ومحمد هنيدي نجم الكوميديا، فشلوا في مزاحمة فيلم السقا الذي كتبه محمد سيد بشير وأخرجه أحمد خالد موسى، في أولى تجاربهما السينمائية، وقام ببطولته أمير كرارة وغادة عادل وفتحي عبد الوهاب ومصطفى خاطر.
اقرأ/ي أيضًا: كل ما تحتاج أن تعرفه عن تحفة كريستوفر نولان الجديدة.. Dunkirk
قائمة ممثلي "هروب اضطراري" تمتد لتشمل أكثر من 20 اسمًا آخر ظهروا كضيوف شرف خلال أحداث الفيلم، وهو ما اعتبره بعض النقاد سببًا رئيسيًا في اكتساح الفيلم للإيرادات، خصوصًا بالمقارنة مع الأفلام الأخرى التي اعتمدت على اسم "نجمها" وحيدًا.
بعيدًا عن حسابات الربح والأرقام، يمتلك الفيلم ثقلًا في نوعه السينمائي، فقد اعتاد الجمهور المصري مشاهدة أفلام "أكشن" محلية تدعو للسخرية والرثاء في أفضل الأحوال، ولكن ما يقدمه "هروب اضطراري" هو نقلة نوعية لافتة في محتوى "ذلك "الأكشن" المصري.
قصة الفيلم تقليدية للغاية والحبكة نفسها معتادة وتحتوي بعض المبالغات والفجوات الدرامية، ولكن في أفلام مثل هذه لا يكون مهمًا التركيز مع منطقية الأحداث بقدر ما تكون الأولوية لمتابعة مشهدية بصرية تتوالى أمام عين المتفرج.
الأمر يشبه بطريقة أو بأخرى ما يحدث في سلسة أفلام "سريع وغاصب" الهوليودية، فطالما أن مستوى الأدرينالين مرتفع والأحداث تتوالي بوتيرة متسارعة، يصبح الباقي مجرد تفاصيل غير مهمة.
على ذلك، تدور حبكة الفيلم التقليدية في دوائر تلتف حول جريمة قتل يروح ضحيتها رجل أعمال يُدعى يحيى زكريا (محمد فراج) ويتهم فيها ظلمًا أربعة أشخاص، هم أدهم عزمي (أحمد السقا) ومصطفى إبراهيم (أمير كرارة) ويوسف السيد (مصطفى خاطر) وندى الرملي (غادة عادل)، لتبدأ الأحداث في التصاعد مع محاولة كل شخص إثبات براءته من التهمة المنسوبة إليه.
ومنذ المشاهد الافتتاحية للفيلم، يبدو واضحًا انحياز الفيلم لصالح تغليب الجانب التقني على الجانب الموضوعي، حيث يتمكن المتهمون الأربعة من الهروب بسهولة ساذجة من سراي النيابة، وكما لو كانوا معتادين على مطاردات الشرطة والهرب منها بكل الطرق وأصعبها، سيتابع المتفرج مشهدًا يفرد فيه المخرج وفريق العمل عضلاتهم في مشهد منفذ باتقان.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "الملك آرثر: أسطورة السيف".. غاي ريتشي التائه في عالم الفانتازيا
وفي الأثناء، سيهمل السيناريو تقديم خلفيات للشخصية تساعد في فهم تصرفاتهم أو تكسبهم تعاطف الجمهور، ليشرع في تقديم مشاهد مطاردة الشرطة لهؤلاء المتهمين: سيارات تطير في الهواء، وأخرى تسقط في النيل، ودراجة بخارية فائقة السرعة تكاد تطير وسط شوارع القاهرة، وأحصنة تصول وتجول وسط السيارات والبشر.
رهان الفيلم واضح إذًا، وهو تقديم وجبة بصرية تشويقية ممتعة تجعل المتفرج يتغاضى عن هشاشة السيناريو ويحبس أنفاسه انتظارًا لما ستسفر عنه هذه المطاردات التي لا تنتهي. الهاربون الأربعة لا تجمعهم صلة ولا رابط سوى أنهم جميعًا تصادف وجودهم في نفس البناية التي تمت فيها جريمة القتل.
وربما لو استخدم وكيل النياية عقله قليلًا لتوصل إلى عدم وجود صلة بينهم وبالتالي تبرئتهم من ارتكاب جريمة القتل، ولكن هذا الاحتمال لن يسمح للسيناريو بالحدوث، لأنه ببساطة لن يكون هناك فيلم أصلًا.
تجربة "هروب اضطراري" جيدة على مستوى الصنعة وحرفية الإخراج وفريق العمل، لكن احتاجت لنص أكثر اتقانًا
تسير القصة على هذا النحو المتهافت، تماشيًا مع الغرض العام للفيلم، وهو تقديم الأكشن والمتعة والإثارة والتشويق، يساعدها إدلاء شاهد عيان بأسماء المتهمين للشرطة، ثم ظهور ضابط متسلط "حافظ مش فاهم" يصرّ على تعقبهم والقبض عليهم.
وبعد أحداث ومطاردات كثيرة، ينجح المتهمون الأبرياء في إثبات براءتهم، لكن بعد أن يموت أحدهم في النهاية، كما لو كان السيناريو يعتبر هذه "الفينالة" نوعًا من "التجويد" والتجديد، حتى لا يمنحنا النهاية السعيدة "خالصة" بإظهار براءة جميع المتهمين.
إجمالًا، تجربة "هروب اضطراري" جيدة على مستوى الصنعة وحرفية الإخراج وفريق العمل، احتاجت لنص أكثر اتقانًا كي تُخرج فيلمًا مميزًا لا ينتهي أثره بنزول التترات الختامية.
اقرأ/ي أيضًا:
تعرف على 5 أفلام هندية خالدة في ذاكرة المغاربة
فيلم Buena Vista Social Club: Adios دراما أساطير الموسيقى الكوبية