يظن البعض أن مهنة التمثيل مهنة سهلة، وأن الممثل يؤدي أدوراه بسهولة تامة دون أي مجهود، وقد يصح الأمر فيما يخص بعض الممثلين الثانويين الذي يتعاملون مع الأمر ككمية في الأدوار لا كنوعية في الأداء. في هذا التقرير سوف نسلط الضوء صعوبات هذه المهنة على الممثلين وعلى بعض الحالات والأدوار التي كان لها آثار صحية مرضية على ممثليها.
1. المخاطر الجسدية
تحدق المخاطر الجسمانية بالممثلين بسبب وجود مشاهد تتطلب رشاقة جسدية عالية، أو القفز من أماكن مرتفعة، والتعلق بناطحات السحاب، أو التعرض لحريق، أو الشنق، أو الغرق، أو قيادة مركبات آلية والاصطدام، والوقوف على مقربة من الانفجارات، وأداء أدوار الجنود في الحروب، والدخول في عراكات وتلطيخ أجسامهم بمواد مختلفة كالدماء على سبيل المثال لا الحصر. إضافة إلى الالتزام بالتصوير لساعات طويلة وأسابيع عديدة، معرضين للإضاءة والضوضاء والماكياج والأزياء الضيقة غير المريحة والتعرق، وحفظ النصوص والحوارات الطويلة وإعادة المشاهد بشكل متكرر والتدريبات المتواصلة المستمرة، والتقاط المشاهد في ظروف وأوضاع صعبة.
في فيلم "المهمة المستحيلة" (Mission: Impossible) نجد أن توم كروز قد تولى قيادة طائرة الهيليكوبتر بنفسه، وفي مشهد آخر كان عليه أن يقفز من مبنى إلى مبنى أخر وقد سقط وكانت النتيجة أن كسر قدمه. ونجد أن هاريسون فورد تعرض لأذية بعد أن أغلق عليه باب هيدروليكي في فيلم "قوة الاستيقاظ" (The Force awekens). وأما الممثلة تشارليز ثيرون كادت أن تتعرض للشلل بسبب وثبة خاطئة في الهواء أثناء تأديتها مشهد من فيلم "Eon". والممثل شاي لوبوف اضطر لنزع أحد أسنانه الأمامية عند الطبيب ليتناسب دوره مع الشخصية المعطاة له كجندي في الحرب العالمية الثانية. بينما كسر الممثل دانيال داي لويس ضلعين أثناء أداءه دور شخص يعاني من الشلل الدماغي وذلك بسبب انحناءه المستمر لفترات طويلة في فيلم "قدمي اليسرى" (My Left Foot)، وأصابه التهاب رئوي في فيلم "عصابات نيويورك" (Gangs of Newyork) بسبب تعرضه للبرد ورفضه ارتداء الجاكيت.
2. البدانة أم التنحيف؟
تتطلب بعض الأدوار أحيانًا من الممثلين زيادة في الوزن ليتناسب شكلهم الخارجي مع الدور الموكل إليهم، وتتطلب بعض الأدوار أن يكون جسد الممثل نحيفًا مما يضطرهم لخسارة الوزن، وهذا النوع من وضع الأجساد تحت تأثير الصدمات والتغيرات له نتائج خطيرة على الصحة. لكن هل البدانة والنحافة عمليات سهلة أم أنها تتطلب أسابيع وأشهر للقيام بها؟ كما تتطلب مثابرة والتقيد بأنظمة غذائية صارمة كي تتناسب أجسامهم مع أدوارهم، فليس من السهل الحصول على كل هذه الدهون ومن ثم التخلص منها؟
نجد أن روبرت دي نيرو كسب حوالي 28 كيلوغرام لتأدية دور الملاكم جايك لاموتا. وكسب الممثل جاريد ليتو حوالي 32 كيلوغرامًا لتأدية قاتل جون لينون في فيلم "الفصل 27" (Chapter 27) حيث ثابر على أكل الآيس كريم وزيت الزيتون. وأما الممثل كولن فاريل فقد اكتسب وزنه 18 كيلوغرامًا في مدة شهرين قبل تصوير فيلم الكركند، حيث ثابر على تناول البيتزا والبرغر والآيس كريم والشوكولا، وهذا يؤثر على الصحة بشكل كبير ويؤكد على وجود أدوار سينمائية دمّرت أجساد ممثليها بالفعل.
3. الموت أثناء التصوير
يبدو أن مهنة التمثيل قد تكون مميتة بعكس الصورة المثالية المتخيلة نحو هذه المهنة. فالممثل جون إريك هيكزام توفي أثناء إطلاق خرطوشة فارغة من المسدس إلى رأسه عن طريق الخطأ، أثناء الاستراحة خلال تصوير مسلسل "الإخفاء" (Cover up) عام 1984. ولقي الممثل براندون لي حتفه حين كان يبلغ 28 عامًا أثناء تصوير فيلم "الغراب" (The crow) حيث أطلق عليه النار من مسدس محشو برصاص حقيقي من قبل زميله في الدور مايكل ماسي، دون اكتشاف كيفية وصول الطلقات الحقيقية إلى المسدس عام 1994.
أما الممثل فيك مورو فقد توفي ومعه طفلان عام 1982، حدث ذلك عند محاكاة أحد مشاهد الفيلم للأحداث التي حدثت في فيتنام، وكان المشهد يضم مروحية هليكوبتر وبعض الألعاب النارية، وكان دورهم في مشهد الفيلم يتطلب الهروب من طائرة أمريكية تحلق فوقهم. وأثناء التصوير التقط ذيل الهليكوبتر شرارة من الألعاب النارية، فاشتعلت الطائرة وسقطت وتوفي مورو والطفلان معه. وغيرهم العديد من الممثلين الذين لقوا حتفهم أثناء التصوير.
4. المخاطر النفسية
يعيش الممثلون داخل أدوارهم، وأحيانًا دون إرادة منهم، فالتقمص الشديد لدور ما له آثار مهلكة، حيث إن الممثل عليه أن يتخيل نفسه موجودًا في عقل الشخصية التي يقوم بتأديتها. الممثلة آنا هاثاواي اندمجت مع دورها في فيلم البؤساء حيث تطلب الدور حلق شعرها الطويل بالكامل، تخفيض وزنها وشكل لها الدور نوع من الإحباط الروحي مما تطلب منها أسابيع كي تسترجع شخصيتها الأصلية وتشعر بالإتزان النفسي من جديد.
أما الممثل هيث ليدجر فحبس نفسه في غرفة لمدة شهر من أجل الاندماج في دور الجوكر في فيلم باتمان لتكوين الصوت والضحكة والجنون الخاص بهذه الشخصية. يقول ليدجر: "اتفقت مع نفسي في النهاية على أنني سأجسد شخصية مريض نفسي. شخص يتمتع بأقل درجة من الضمير تجاه أفعاله، فهو مجرد مهرج معتل نفسيًا، ويقتل بدم بارد". وبتاريخ 22 كانون الثاني/يناير عام 2008 توفي هيث ليدجر عن 29 سنة بعد إساءته استخدام جرعة من المهدئات الطبية وبسبب الضغط النفسي والعصبي الذي كان يتعرض له من تأثره الشديد بشخصية الجوكر السيكوباتية. ومن ثم نفت شقيقته كيت هذه الأقاويل معتبرة أن تجسيده للجوكر كان متعة وتسلية بالنسبة له.
5. ماذا عن التقبيل وتأدية المشاهد الحميمية؟
لا تخلو مهنة التمثيل من نواحي سلبية فهناك نفور من بعض الممثلين والممثلات من أداء مشاهد غير ملائمة بالنسبة لهم، أو بسبب الخوف من التقاط الجراثيم أو بسبب القرف أو بسبب العقائد الدينية والمحرمات بالنسبة لآخرين. الممثلة جوانا لاملي قبّلت ليوناردو دي كابريو في فيلم "ذئب وال ستريت" عام 2013 وصرحت بعد ذلك بالقول: "لا يوجد أي متعة في تقبيل النجوم. لم أشعر أني جيدة وكان هناك لقطات عديدة اضطررنا خلالها لمضغ العلكة وتغييرها مرارًا. إن ذلك بمثابة تقبيل شخص في غرفة انتظار عند طبيب الأسنان".
الممثل دايف فرانكو في فيلم "جيران" (Neighbors) قال بأنه شعر بالإحراج من مشاهدة عشرين شخص له من طاقم العمل وهو يمارس الجنس، وأضاف "استيقظت في اليوم التالي ووجدت بثرة في مؤخرتي واضطررت للذهاب إلى مصممة الماكياج والطلب منها تغطية هذه البثرة بمسحوق ما لأنهي تصوير المشهد". وقال الممثل نيل ماكدونو أنه ليس من الطبيعي كسر الخطوط بين الواقع والخيال، وأضاف "يجب أن نكون أشخاص جيدين في الحياة ويجب أن نبجل الله وشكر في كل ما نفعله. إن قتل إنسان ما أثناء التمثيل هو خيال، لكن ممارسة الجنس أثناء التمثيل فهذا حقيقي". وقد تم استبداله بممثل آخر بعد أن رفض تصوير مشاهد حميمية في مسلسل "الأوغاد" (Scoundrels).
قالت الممثلة كانديس كاميرون بور إنها لا تشعر بالراحة لكونها في وضع حميمي إلا مع شريكها، ولكونها متدينة وتجد صعوبة في فعل ذلك على الكاميرا خاصة مع تقدمها في العمر، وأضافت "إن زوجي لا يأتي إلى التصوير كي لا يشاهد هكذا لقطات وأنا أتفهمه وأقدر مشاعره". وأما الممثل كيفن هارت فقد طلب منه القيام بدور مثلي الجنس وقال في هذا الصدد: "لا أشعر بأني سأندمج مع الدور والغوص فيه مئة في المئة". وأعلنت الممثلة كايت وينسليت تحفظها أثناء تقبيل الممثل ليوناردو ديكابريو في فيلم "الطريق الثوري" (Revolutionary road) عام 2008 وعللت ذلك بالقول أن زوجها سام منديز كان مخرج الفيلم بالرغم من أنها قبلت ديكابريو في فيلم التايتانيك عام 1997.
اقرأ/ي أيضًا: