على ما يبدو أن الخلافات الأمريكية – الروسية، المتعلقة باتفاقية وقف إطلاق في سوريا، دخلت مرحلتها الأخيرة بعد التصعيد الإعلامي الذي لجأ إليه الطرفان، منذ الأربعاء الماضي، ووصل ذروته الخميس، وإيعاز الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لمسؤولي إدارته بدارسة خيارات أخرى يمكن أن تتخذها بلاده في سوريا.
كان لافتًا تحذير وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، لموسكو في مناسبتين متواليتين، وقوله إن دعمها لنظام الأسد سيقودها إلى عزلة دولية
على العموم عجلة التصريحات الدولية لم تقتصر على الانفجار بين قطبي الحرب الباردة، إذ شنت منظمة الأمم المتحدة ممثلةً بأمينها العام، بان كي مون، هجومًا عنيفًا على روسيا بسبب حملتها الجوية التي وصفها الأخير بأنها "أسوء من المذبح"، في تطور واضح للهجة الأمم المتحدة تجاه روسيا، إضافة لتصريحات مسؤولي دول أوروبية مختلفة، وتنديد المنظمات الحقوقية لما يحصل في حلب من انتهاكات حقوق الإنسان.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟
واللافت في التصريحات الصادرة عن المسؤولين الغربيين، فيما يتعلق بالتصعيد الروسي – السوري في حلب، كان تحذير وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، لموسكو في مناسبتين متواليتين، وقوله إن دعمها لنظام الأسد سيقودها إلى عزلة دولية، إضافة لدراسة وزير الخارجية، الفرنسي جان مارك، إيرولت لمشروع قرار وقف إطلاق نار أممي، وأن أي دولة لن تصوت عليه سيتم اعتبارها متواطئة بارتكاب جرائم حرب.
وعلى الرغم من جميع التصريحات الدولية التي تندد بما يحصل في حلب، أكدت روسيا أمس عبر الناطق الرسمي باسم "الكريملين"، ديميتري بيسكوف، أنها ستواصل عملياتها العسكرية دعمًا لنشاط "مكافحة الإرهاب" الذي ينفذه النظام السوري، ومعيدًة - مثلما تفعل في كل تصريح – لواشنطن طلب فصل "المعارضة المعتدلة" عن "جبهة النصرة"، التي بدلت اسمها لجبهة "فتح الشام".
وكان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الخميس، أعاد مرةً ثانية محذرًا بقوله "نحن على وشك تعليق النقاش" مع موسكو بشأن سوريا، وهو ما يعكس حجم الخلاف الناشب بين الطرفين، ومطالبة موسكو نظيرتها واشنطن بنشر بنود الاتفاق كاملة، التي سربت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية في الـ22 من الشهر الحالي بعضًا من تفاصيله.
اقرأ/ي أيضًا: بعد السيسي..مفتي مصر لن يدخل جنوب إفريقيا؟
لكن حديث كيري الأخير، استبقه الناطق باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، عندما حذر موسكو من استلام جنودها جثثًا و"هجمات إرهابية" تستهدف نقاط تواجدهم، والذي اعتبرته الأخيرة تهديدًا مباشرًا، وشنت هجومًا عنيفًا ضد كيربي، واصفةً تصريحاته بأنها توجيه أوامر مباشرة لـ"المعارضة المعتدلة" بشن هجمات ضدها.
كما أن الولايات المتحدة بدأت تدرس جديًا السماح لدول الخليج بتزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة، من بينها مضادات جوية محمولة على الكتف، وهو ما سيكون قالبًا للمعادلة العسكرية في شمال سوريا عمومًا، وسيحوله إلى ساحة حرب حقيقية، سيقابلها أفعال أكثر عنفًا من سابقتها، وربما نشهد صادمًا مباشرًا بين الطرفين.
وفي الوقت الذي ما تزال تصر واشنطن على إمكانية إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار، تناقلت وسائل إعلام روسية، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طلب من مسؤولين روس التوجه إلى جنيف لمناقشة قرار التهدئة في سوريا، ما يعني أن موسكو مدركة لحجم الرد الذي ستقابله واشنطن في حال علّقت التعاون معها.
ورغم أن المقتطفات التي سربتها الوكالة الأمريكية من نص اتفاق التهدئة لم يتضمن ذلك، تؤكد موسكو أن بنود الاتفاق تضمنت استهداف مقرات "فتح الشام"، وتطالبها بنشر جميع بنود الاتفاق، وهددت أمس بنشر تفاصيله كاملةً، بعدما تناقلت وسائل إعلام غربية الوثيقة المسربة، أي أن هناك اتفاق ما زال غير مفهوم لدى معظم الدول الفاعلة في الشأن السوري، وهو ما يمكن أن يغير المعادلة في حال نشر كاملًا.
وعلى ضوء جميع ما نقل سابقًا، وفي حالة أنه لم تهدأ حدة التصريحات المتبادلة بين طرفي الاتفاق الأساسيين، فأننا سنشهد صدامًا بينهما، وتطورًا دراميًا لموقف الولايات المتحدة من الحرب السورية. ومن المعروف أن روسيا تريد أن تستعيد مكانة الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط من البوابة السورية، وفعليًا إن حصل وحدث هذا الصدام، فإنه حتميًا سيغير الكثير من المعادلة السورية، ومن ضمنها تغييرات في أماكن السيطرة، وإعادة توزيع الخريطة العسكرية من جديد.
اقرأ/ي أيضًا:
أشرف مروان..كيف تجاهلت إسرائيل جاسوسها الأثمن؟
ترامب يلحق بكلينتون في استطلاعات الرأي