في أقل من أربع ساعات و4 محاولات اقتراع طُويت صفحة الفراغ الرئاسي. لكن هذا لا يجعل الاطمئنان سيد الموقف في بلد يعيش أزماته على وقع الحرب السورية. لا سيما أن استحقاقًا جديدًا ظهر منذ أمس، وسيقر بعد غد الأربعاء، وهو التاريخ المعلن لبدء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس أولى حكومات العهد الجديد.
موعد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد في لبنان هو غدًا الأربعاء
ينص الدستور على أن يشرع رئيس الجمهورية بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية رئيس الحكومة، بحسب المادة 53 من الدستور. ووفق ما يتم تداوله فإن الدعوات إلى الاستشارات النيابية لن تتأخر عن يوم غد أو بعد غد. وعلى الأثر، سيوقع رئيس الجمهورية منفردًا مرسوم تسمية سعد الحريري رئيسًا للحكومة اللبنانية، الذي يقوم بدوره باستشارات نيابية، تسبق تشكيله الحكومة.
اقرأ/ي أيضًا: برلمان "مريام كلينك" ينتخب الجنرال
وفي هذا الوقت، يدأب الحريري، منذ ترشيحه ميشال عون للرئاسة على استقطاب إجماع حوله كاسم وحيد لرئاسة الحكومة. بعد أن أسقطت بحكم الانتخاب الجديد، حكومة تمام سلام، إذ تم توقيع مرسوم اعتبرت من خلاله حكومته "مستقيلة"، وستستمر في تصريف الأعمال. وهذا ما يبدو أول "نقاط" الاتفاق بين الحريري وعون. وكل التوقعات والاتفاقات المعقودة قبل الانتخابات الرئاسية، تشير إلى تكليف الحريري بترؤس الحكومة.
إنجاز مراسم تشكيل الحكومة اتخذ، وإن كانت في مضمونها ستحمل ردود فعل عكسية. فحلفاء الحريري صاروا في التأكيد معارضة اليوم. لكن السؤال الذي يشكل هاجس المشهد السياسي، هل سيرشح "حزب الله" الحريري إلى رئاسة الحكومة؟.
إلى الآن، لم يصدر أي قرار عن قيادتي "أمل" و"الحزب". بيد أنّ ما رشح في ما خص استحقاق الرئاسة الثالثة، يشير إلى أن حزب الله يتجه إلى عدم تسمية الحريري، لأسباب تتعلق بمواقف الحريري من "محور الممانعة"، وفي تهجمه الدائم على "حزب الله"، وأيضًا في عدم إلزام "الحليف عون" قيادة الحزب بأي من اتفاقاته المعقودة مع الحريري. حيث إن دعمه للرئاسة شيء وانتخاب الحريري والاتفاق على تسميته شيء آخر، إضافة إلى "موقف" الحزب الحاسم من الثورة السورية، إذ يعتبر "دعم الحريري" جهات المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، هو ما يبدو "نقطة خلاف" جوهرية بين الطرفين.
"حزب الله" قد لا يسمي الحريري لرئاسة الحكومة لأسباب متعلقة بموقفه من الحزب وخياراته تجاه الأزمة السورية
لكن ماذا عن حركة أمل، التي يبدو رئيسها نبيه بري، وكأنه قد انصاع بشروط إلى تمرير "انتخاب عون"، من دون إبداء رأي مباشر من تسمية رئيس الحكومة. وهو ما يدل على "شروط" سيلزمها أبو مصطفى في تشكيلات الوزارة القادمة، إذ يتم الحديث عن "حصة الأسد" في الحقائب الوزارية. ولم يخرج عن بري ودائرته أي تصريح حول الحكومة. وتشير مصادره إلى أن "القرار لم يتخذ بعد".
دستوريًا، لا مهلة تقيّد رئيس الحكومة المكلف بتشكيل الحكومة. وإن سمّي الحريري، وتم الاتفاق عليه، فمعضلة تشكيل الحكومة وتعداد حقائبها وأسماء الوزراء سيكون مرهقًا، وهي المرحلة التي يعرف كل لبناني أنها تكلف وقتًا وجهدًا، وتعيد ترتيبات "التعارض" و"التوافق" وفق مبدأ "نتش" الحصص.
وكان الحريري قد أعلن في برنامج "كلام الناس"، أنه سيشكل حكومة وحدة وطنية، لكن هل سيقفل الاشتباك الداخلي مع هذه الحكومة؟. لا يبدو أن الجواب سيكون سهلًا، لكن كل المؤشرات توضح أن عدد المعارضة في البيت الداخلي لتيار المستقبل تتفاقم، وإن رضخ هؤلاء "طوعًا" لقراره في تسمية عون، إلا أن هذه الخلافات ستظهر بالتأكيد في مرحلة تشكيله الحكومة. ووفق الحريري، فإن "مسودة" بيانه الوزاري، صارت منجزة. وهو بيان لن يحتاج إلى مهلة الشهر التي ينص عليها الدستور.
وكان قد صدر أمس عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيان يُحدد فيه مواعيد الكتل النيابية لإجراء استشارات تسمية رئيس الحكومة. اللافت في البيان خانة النواب المستقلين التي ضمت أسماءً كانت حتى الأمس القريب منتمية إلى أحزاب وتيارات سياسية. الأبرز، كان اسم النائب أحمد فتفت، الذي لم يرد اسمه في كتلة المستقبل. أما النواب مروان حمادة وأنطوان سعد وفؤاد السعد، فعلى الرغم من أنهم سُجلوا ضمن خانة النواب المستقلين، فإنّ حمادة عاد وأكد أمس لبرنامج "كلام الناس" أنهم سيكونون موحدين في الجبهة نفسها مع النائب وليد جنبلاط والحريري.
اقرأ/ي أيضًا: