24-مايو-2017

شيرين نشأت/ إيران

1
من الصعب أن نتطفل على" الأدب" حاملين أحقادًا كثيرة، فأجمل ما نكتب هو ما يكتبنا بقعًا بيضاء.
أقول هذا و أضيف:
كان الوطن وسادتي الوثيرة، وظل المصطلح يتضخم في رئتي حتى دخلت الأدب وشفيت من زوائدي العاطفية، وتطلعت إلى حقيقة الوطن: نحن فقط أوطاننا.
ما زلت أربط جسدي بتراب مدينتي.. خلق الله مدينتنا من حفرنا وفوهاتنا: من ثقوبنا ومساماتنا: أمكنة الضوء والنور والألم.
فارتبطنا بدون وجهة للحب بحُب التراب. أعرف مقاسات كثيرة لوطنيتي: فأنا أحب شجرة ربيتها بصبر خالق، وبابا يتألم من قسوة المفاتيح يؤويها فتبكيه.
من داخلي لداخل الوردة، من داخلي لداخل الماء، أربطة عفيفة.
إنِي وطنٌ
نحنُ والآخرون،
وردةٌ.
وما قبلُ،
تراب من وطنْ.

 

2

في بادئ الأمر، كان الخيال مسكنًا حقيقيًا لألمي، ثم تكدس الشعور عندي بأني أقترب من الحدود القاتلة للمفاهيم عبر الكتابة، كحل أخير للخروج من الكثافة الحسية للأشياء التي لا تتحرك، فيصيبني خوف كبير من أن أكتب عن الكائنات التي لا تملك أرجلًا أو أياديًا، من الأشياء التى تحرك حواسنا ولا تتحرك.. فأزدحم بالبيت، وبالشارع، وبالمدينة، كأن المكان الوحيد لغربة الاشياء المصابة بالشلل، هو قلبي.
أخسر 
حرًا،
حربي الوحيدة!
لا أحد يحاربني،
لكني أخسر.

 

3

كتبت الأدب لعلل كبيرة: المرض والمزاح والقلق..
يخيل لي أني واقفة، لكني أقع دائمًا هنا قد أتحدث عن المساحة كتقدير حقيقي للألم: عن الخوف يحاربني كمقاتل، وأنهزم أمامه دومًا كمبتدئ.
أتخلى عن مشاهدي الحقيقية، وألجأ للأدب أبذر دمي، وشجني في كراسات التعبير، 
وأدفن الحقيقة لأمراضها الكثيرة، فأكتب مجموعة من النصوص هي سيرتي الآن بعد اسمي أقول هنا:
*

لم يعد بوسعي أن أموت
فكرت في طرق عديدة لموتي،
قتلت اليوم بعوضة تسري في خيالي،
فاستفحلت في دمي،
فكرةْ عظيمة.. 
تتمشى الفكرة في رأسي كبيرة،
فأخرج من فوهة في بداية الفكرة، وأنفجر.
*

حطمني أيها البكاء إذن،
واشكلني بالحبر،
ثم صورني امرأة مثلًا
ولأبكِ.
أبكي هكذا لأسباب عريقة: خطأ في الجغرافيا،
فأفتح القلب على أمي تجاهر الله بخوفها،
فأستحم في بكائها الطويل. 
خطأ في التأويل أيضًا: كأن أفتح هوة في صدري لرجل،
لا يغلق الأبواب التي يفتحها..
فأحرس الباب لأني استدليت من المجاز على أقرب مفتاح،
كان قلبي.

لأخطاء معرفية كثيرة 
سأغير مكان رأسي.
فأصيح: هذا الرأس لم يعد يكفي:
للحب يتعلم المشي،
للألم يجري ولا يتوقف،
للوطن مقعد كسيح.
في أسفل الشِعر مسودات لن تعيش،
في الأسفل الآن رأسي.

 

4

القصيدة لن تكفينا لنأكل ونتحدث ونموت
سأهرب إلى "التخييل".
ماضيًا في الفكرة،
ثم واقفًا.
قد أموت هكذا، نعم هكذا:
سطرًا في حكاية،
أو توهمًا لفكرة،
آسفة أيها العالم!!
هنا الشاعر،
هذا أنا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خمس رسائل ضوئية إلى ريما

صورة تذكارية