27-أغسطس-2024
كامالا هاريس

(AP) يعدّ الفوز على ترامب هدفًا رئيسيًا لكامالا هاريس

أنقذت كامالا هاريس الحزب الديمقراطي من هزيمةٍ مؤكدة كان سيمنى بها في الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وأكثر من ذلك, بات بإمكان هاريس أن تهزم بسهولة مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب.

لكنّ التحدي الحقيقي لهاريس، كما تقول مجلة "إيكونوميست"، هو كيف ستحكم الولايات المتحدة الأميركية؟ خاصةً أن مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي كان الجميع يراهن عليه ليكون لحظةً فارقةً في صحوة الحزب خيّب آمال التوقعات، حيث اقتصر على تبادل عبارات الود والمديح من طرف المشاركين، فالحرص على إظهار الانسجام دفع إلى القفز على نقاط الخلاف والانقسام التي ليس أقلها الموقف من إسرائيل وعدوانها المستمر على قطاع غزة.

واعتبرت الصحيفة البريطانية، أنّ طغيان مشاعر الحماس الممزوج بالارتياح الذي كان السمة الغالبة على الحاضرين، يعود إلى أنّ مرشحتهم لانتخابات الرئاسة، كامالا هاريس، أنقذت الحزب من هزيمةٍ مؤكدة بعد الظهور المخيب للمرشح السابق جو بايدن.

في سابقةٍ من نوعها ورثت كامالا هاريس برنامجها السياسي من رئيسها بايدن، وما يثير الانتباه والقلق معًا أنه "منهاج عملٍ سياسي أقل حتى من برنامج ترامب الانتخابي"، حسب إيكونوميست

والآن بعد أن استستلم الرئيس، جو بايدن، لمصيره وأعلن خروجه من السباق الانتخابي، أصبح ترامب هو المرشح "العجوز" الذي ظفر ببطاقة الحزب الجمهوري لمنافسة هاريس على الرئاسة، لينقلب سلاح ترامب الذي لطالما استخدمه في مهاجمة بايدن عليه (العمر).

ترامب المنفّر:

تجزم مجلة "إيكونوميست" أن ترامب صار منفّرًا للناخبين، بسبب إطلاقه الإهانات "السخيفة"، فضلًا عمّا ينتابه من "هواجس شريرة" تجعل المصوتين الأميركيين يفكرون ألف مرةٍ قبل التصويت له.

وكان مندوبو الحزب الديمقراطي موفقون، بحسب "إيكونوميست"، في تركيزهم خلال مؤتمرهم الوطني بشيكاغو، على الترويج لهاريس بكونها الشخص الذي ينبغي التصويت له، عبر الإسهاب في تناول مناقبها وقصة حياتها.

على أن كل ذلك، بحسب "إيكونوميست"، ينبغي أن يترجم إلى واقعٍ عندما تتولى هاريس الرئاسة، وهو أمرٌ يظل غامضًا بشكل يدعو للقلق، بالنظر إلى أساليب المرشحة الديمقراطية التي تشير إلى شيءٍ أكثر أهميةً، وهو أنها "لا تزال من الناحية السياسية شخصيةً غير معروفة، ومسؤولةً جزئيًا عن ذلك".

فقد توارت هاريس عن الأضواء خلال وجودها ضمن إدارة بايدن، كما هو الحال عادةً مع نواب الرئيس، ثم أنها أصبحت مرشحةً للرئاسة دون أن تخوض انتخاباتٍ تمهيديةٍ داخل الحزب، ولم تُجرِ مقابلاتٍ واكتفت بتلقي بعض الأسئلة من الصحفيين.

هاريس الضائعة المتقلّبة

في سابقةٍ من نوعها ورثت ،كامالا هاريس برنامجها السياسي من رئيسها بايدن، وما يثير الانتباه والقلق معًا أنه: "منهاج عملٍ سياسي أقل حتى من برنامج ترامب الانتخابي".

وبحسب "إيكونوميست"، فإنّ هاريس عندما تتّخذ مواقف مثل تعهدها بالتصدي لتلاعب الشركات بالأسعار، فإن ذلك لا: "يعبر عن معتقداتها السياسية بقدر ما هي مناورات انتخابية تهدف إلى تهدئة الناخبين القلقين بشأن تكاليف المعيشة".

فضلًا عن ذلك، فإن هاريس، حسب "إيكونوميست"، ليست من ذلك الصنف: "الذين تكشف مسيرتهم المهنية عن مجموعة قناعاتٍ عميقة أو عما تضمره في جوانحها من معتقداتٍ جوهرية، ولكنها بدلًا من ذلك تميل قليلًا نحو يسار الوسط داخل حزبها، وتتكيف مع ما يطرأ عليه من تحولاتٍ في مواقفه، شأنها في ذلك شأن بايدن نفسه".

والأسوأ من ذلك كله، حسب المجلة البريطانية، أن سياستها في ما يتعلق بالاقتصاد والقضايا الخارجية: "تبدو متقلبةً، وللنزعة البراغماتية أو الروح العملية مزاياها لدى الشخصية السياسية، فقد يصف ترامب هاريس بأنها شيوعية، لكنها ليست أيديولوجية".

مواقف غامضة

واستعرض مقال "إيكونوميست" جانبًا من مواقف هاريس في بعض القضايا الداخلية مثل تبنيها - إبان ترشحها في الانتخابات التمهيدية لحزبها عام 2019 - برنامج رعاية صحية تتم تغطية تكاليفه من خلال نظام عام واحد، ووعدها بإلغاء تجريم عبور الحدود بشكل غير قانوني. غير أن الطريقة التي تخلت فيها عن كل تلك الوعود توحي بأنها "لم تكن جادة على الإطلاق".

وسيكون من الصعب وضع اقتراحها فيما يتعلق بمكافحة التلاعب بالأسعار موضع التنفيذ، وربما لا تكون بصدد إطلاق حملة ضد الشركات الأميركية "فالبراغماتية تعني أيضًا أن هاريس منفتحة على أفكار الآخرين".

أمّا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فليس ثمّة ما يشي بأن هاريس ستغير شيئًا جوهريًا فيها، لكن اختبار هاريس الحقيقي سيكون عندما تواجه ـ ببراغماتيتها المفتقرة إلى المبادئ المدروسة ـ مشاكل مشحونة سياسيًا ولا يتوفر لها حلٌّ بسيطٌ، وهنا مكمن الخطر، فتصدّي، رئيسٍ يفتقر إلى الصلابة والمبدئية والخبرة، لمشاكل سياسية واقتصادية معقّدة يدفع إلى تأزيم تلك المشاكل لا إلى حلها.

من المنتظر أن تواجه كامالا هاريس في العاشر من أيلول/سبتمبر المقبل دونالد ترامب وجهًا لوجه في أول مناظرةٍ تجمعهما

وتعتقد مجلة إيكونوميست أن ضعف هاريس إزاء الأفكار "الرديئة" والحيل السياسية يشكل عائقًا، ثم إن "ادعاء" التلاعب بالأسعار لا تدعمه ببساطة الأدلة، ويؤدي إلى اضمحلال الثقة في الأسواق المفتوحة التي تجعل أميركا مزدهرة، حسب "إيكونوميست".

تحدّي المناظرة

من المنتظر أن تواجه كامالا هاريس، في العاشر من أيلول/سبتمبر المقبل، دونالد ترامب وجهًا لوجه في أول مناظرةٍ تجمعهما. وبما أنّ مهمة هاريس الرئيسية حاليًا هي إلحاق الهزيمة بترامب، فستكون المناظرة أول اختبارٍ حقيقي يواجهها.

والخوف كل الخوف، حسب "إيكونوميست"، ألّا تسعفها قريحتُها في المناظرة التي تتطلب قدرًا من المكر والدهاء، وتُشكك المجلة البريطانية في تمتع هاريس بالقدر الكافي منه.

فعندما يهاجمها ترامب في المناظرة بكونها أضعف من أن تتمكن من الوقوف في وجه روسيا والصين، أو أنها اشتراكية راديكالية أكثر من اللازم للتعامل مع الهجرة أو إنشاء اقتصادٍ صحي، فسوف تحتاج إلى أكثر من مجرد العبارات المبتذلة لإفحامه، ثمّ المضي بعد ذلك لتحدّي الحكم، وهو المسألة الأهم في نظر "إيكونوميست"، لأنه يتطلب أكثر من مجرد القدرة على القيام بالحملات الانتخابية بلغةٍ سياسية.