16-يوليو-2024
ناقلة نفط

يعتقد خبراء روس أن واشنطن تخطط لنقل الصراع مع موسكو إلى البحر (رويترز)

يعتقد خبراء روس أن الإدارة الأميركية في واشنطن تخطط لنقل الصراع مع روسيا إلى البحر لضمان تأثيرٍ أنجع على الاقتصاد الروسي، لا سيما تصدير النفط، بعدما أبانت الاستراتيجية السابقة عن جوانب قصور كثيرة، حيث لم تتأثر سوق النفط الروسية كثيرًا  بالعقوبات والقيود المفروضة.

وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة "فزغلياد" الروسية أن إدارة بايدن تفكر بشكلٍ جدّي في نقل الصراع ضد روسيا إلى البحر، في ظل شعور الأميركان بأنهم أقوى في هذا المجال من غيره، بحسب الصحيفة.

ويشار إلى أن وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، قال في 14 حزيران/يونيو المنصرم إن الغرب بحاجةٍ إلى: "استهداف كل شيء: المال والنفط ووقف الغاز والسفن وكل ما يسمح للآلة العسكرية الروسية بالعمل". وجاء تصريح كاميرون حينها في ظل تزايد الحديث عن حصار بحري لروسيا.

يمر نحو 40% من النفط الروسي المنقول والمصدّر بحرًا من موانئ بحر البلطيق في الدنمارك

واعتبر المحلل الاستراتيجي الروسي جليب بروستاكوف أنّ ما وصفها بديناميكيات سوق النفط والمرحلة الأخيرة من الانتخابات الأميركية ومسار الحرب في أوكرانيا: "تحدد مجتمعةً المعايير الأساسية للعبة الكبيرة ضد روسيا" وفق تعبيره.

وأضاف الخبير الروسي أنّ الأسعار الحالية لسعر برميل النفط، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ شهرين، "تساعد روسيا كثيرًا"، وذلك ما لا يروق للأميركان بحسب بروستاكوف، إذ إن: "أي استقرارٍ يعرفه الاقتصاد الروسي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة".

وأضاف أن: "العقوبات الجديدة ضدّ قطاع النفط الروسي معقدةٌ لسبب واحد مهم وهو أن القيود لا تؤثر على التصدير الفعلي للنفط الروسي، بل على سعره فقط".

ومن المؤكد، حسب تقرير الصحيفة الروسية، أنّ البيت الأبيض في واشنطن: "لا يرغب في السماح بزيادة أسعار النفط"، وهذا ما يفسر، حسب الخبراء الروس، مطالبة الولايات المتحدة أوكرانيا: "الامتناع عن شن هجمات على مصافي النفط الروسية".

أمام هذه الوضعية، تبدو خيارات التصعيد المطروحة ضدّ روسيا أمام صانع القرار الأميركي محدودةً، لكن أحد أبرز تلك الخيارات هو  سيناريو "نقل المواجهة من البر إلى البحر".

موانئ بحر البلطيق

يمر نحو 40% من النفط الروسي المنقول والمصدّر بحرًا من موانئ بحر البلطيق في الدنمارك، قبل أن يعبر  المحيط الأطلسي إلى الاتحاد الأوروبي والهند، فيما يتجه الجزء الآخر منه شمالًا عابرًا طريق بحر الشمال إلى الصين.

وبحسب صحيفة "فزغلياد" الروسية، فقد طُرحت في نهاية حزيران/يونيو المنصرم وبداية تموز/يوليو الحالي، فكرة أميركية على بايدن للحد من حركة أسطول الناقلات الروسية عبر المضيق الدنماركي، وهي فكرة سبق للإدارة الأميركية أن ناقشتها "منذ منتصف العام الماضي".

وفي حال إقرارها، فإنه من المنتظر أن يشمل حظر المرور عبر المضيق الدانماركي: "ناقلات النفط التي لا تلبي عقود توريدها سقف الأسعار الذي حدده الغرب للنفط الروسي وهو 60 دولارًا لبرميل النفط الخام".

وستتطلب هذه الخطوة، حسب تقرير الصحيفة الروسية، من الدنمارك أن: "تلعب دورًا مشابهًا لما يقوم به الحوثيون اليمنيون، وهو دورٌ دأب الغرب على إدانته ووصفه بالقرصنة والجريمة، ولا يقل ما تريد أميركا من الدانمارك القيام به درجةً عن ما يقوم به الحوثيون، سوى أنّ الهجمات الحوثية تتم في المياه الجنوبية في حين ستتم القرصنة الدانماركية في المياه الشمالية" على حد تعبير كاتب التقرير.

مع ذلك، يرى الخبراء الروس أن ثمّة صعوبات كبيرة تواجه هذا السيناريو، لعلّ أهمها صعوبتان، تتمثل الأولى، في الشرعنة الدولية لمثل هذه الخطوة، إذ يمنع قانون البحار التدخل في مرور السفن التجارية، ولا تنص "اتفاقية مونترو" ولا "اتفاقية كوبنهاغن" الأقدم - التي ألغت تحصيل الرسوم على السفن التي تمر عبر المضيق الدانماركي - على ذلك. ولكن، تضيف الصحيفة: "كما هو الحال مع الأصول الروسية المجمدة، فإن حكم القانون هنا من الممكن أن يحل محله حكم القوة".

أما الصعوبة الثانية، فتتعلق بطبيعة رد الفعل الروسي، خاصةً في ظل مرافقة ناقلات النفط بالسفن الحربية، وهو أمرٌ سيزيد من "مخاطر اللعبة"، لأنه ووفقًا لقواعد الحرب: "يمكن اعتبار الهجوم على سفينةٍ حربية إعلانًا للحرب".

وانتهت الصحيفة الروسية إلى ترجيح نقل المواجهة إلى البحر، مبررةً ذلك بـ: "التحديثات المتسارعة التي قامت بها البحرية الروسية ولا سيما تجهيز السفن المتقدمة بأنظمة صواريخ تسيركون، وهذا لوحده كفيل بأن يدفع الغرب نحو التصعيد في البحر".

وتضيف الصحيفة الروسية قائلةً: "ووفقًا لمنطق أميركا والاتحاد الأوروبي، إن لم يكن الآن، فلن يحدث ذلك مرةً أخرى أبدًا".