الكلمات تحت لساني مثل لوعةٍ يموت صاحبها في ليالي البعد
ولا يدرك أحد ممن يعرفونه أنه مات شوقًا إلى ما لا يعلم له اسمًا أو صورةً.
كل استعارة فيها شيء من الحقيقة، كأنها رماد في قبضة اليد.
كل واحد عنده ولد يواصل الظهور كسمكة ميتة على السطح
سيان عندي أن أقول أو أصمت، كأن بيني وبين الكلام رملًا
وبيني وبين الرمل كلامًا.
أو كأنّ الكلمات تكوي الجروح بملحها، فلا أقول ولا أتحدث إلا لِمامًا،
وإن فعلتُ أجترح من المجاز ما يلزم الاستعارة من كذب مفضوح
مثل رجل تفرد في العشق أو ظن أنه كذلك
حينما أومأت حبيبته له في النهار قال في نفسه أنه لن يموت بعد هذا أبدًا
ثم أكمل طريقه وقطع الشارع غير مرئي إلا له
ومن خطواته البريئة صار الدرب يتلون بالأخضر،
إلى أن صار ممرًا من العشب يمتد إلى أفق لا يبدو منه إلا ما نتخيّل.
لكنه وبعد دقيقتين اكتشف أن العاشقة المفترضة لم تفعل شيئًا
سوى أنها دلته إلى غرفة الماضي، وهناك تركته في مواجهة مفتوحة مع نفسه
هل على المؤمن حرج إن زاوجَ في شهادته بين الحقيقة والمجاز
وأعطى الغموض ما أمكن من الألوان؟
لا أحد يعبأ بالحقيقة أو يصدقها، الماضي عاهرة في القبو
والذاكرة لا تقدر أن تُضحك أحدًا.
أخشى مما أقول مثل واحد كان في سرير حبيبته
لأول مرة وعند القبلة الأولى
اكتشف أن لشفاهه طعم الدراق العفن، فلا أقول وأنسى.
أغرب ما في النسيان أنه لا يبقي غير صوت الريح
كأن أحدًا لم يتأذَ، لم يحزن ويسكن القبو
مثل رجل سمحت له امرأة بالنظر إليها خمس دقائق فظنّ أنها تحبه
أو مثل شخص وُلد من نظرة شخص آخر،
لكنه لا يزال يظنّ أن العالم وُلد من عينيه.