عندما يُذكر الشعور بالخجل من شكل الجسم، يذهب تفكير معظمنا إلى زيادة الوزن وعدم القدرة على العمل كما ينبغي للشخص العادي أن يكون. هؤلاء الذين يمتلكون بنية جسمانية، وحتى بنية عظمية أكبر، يجب عليهم الحفاظ على حد معين من الوزن، كي يستطيعوا الاستمرار في روتينهم اليومي بدون مشكلات ومتاعب.
التحول لشخص مهووس بالوصول للوزن المثالي يمكن أن يقود المرء للدخول في حالة فوضى تطيح به
بينما أولئك الذين يمتلكون بنيانًا جسمانيًا وعظميًا أدق يمكنهم خسارة القليل من الوزن، وستكون الأمور على ما يرام. ومن الوارد أن تتسبب البدانة في مشكلات صحية، ولكن الشعور بالخجل من الجسم قد يأخذ أبعادًا خطيرة إذا أرهق المرء نفسه بالتفكير فيه.
تلك القضايا لم تهملها السينما، وصوّرتها بطريقة هزلية دراماتيكية أحيانًا، وفي أحيان أخرى آثرت مدّ الخط الساخر إلى نهايته. يمكن إيجاد الكثير من النماذج التي اتخذت الاتجاه الأخير في تناولها للموضوع، لأن معظم الناس يفعلون ذلك في الحقيقة. ولكن مهلًا، البدانة قد تكون مشكلة صحية خطيرة، ولكن الاهتماد بالزائد بما يقوله شخص آخر عن شكل جسمك هو أمر مثير للضحك. في أفضل الأحوال.
في ما يلي بعض الأفلام التي تعاملت مع فكرة الخجل من الجسم ووزنه.
الفيلم هو إعادة تقديم (remake) لفيلم آخر بنفس الاسم للمخرج الكوميدي الشهير جيري لويس ظهر في الستينات. في هذه النسخة، يجري التعامل بشكل مباشر مع فكرة كم يجب أن يزن المرء وما يعتبر طبيعي لكل فرد. أن تكون سعيدًا مع جسمك هو جانب مهم من الحياة لا يبدو أن الكثير من الناس قادرين على إدراكه، ولكن التعامل مع آثار التحول إلى شخص مهووس بالوصول للوزن المثالي يمكن أن يقود المرء للدخول في حالة فوضى تطيح به.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Spider-Man: Homecoming": بيتر باركر كما لم تره من قبل
في الفيلم، يلعب الممثل الأمريكي إيدي ميرفي دور أستاذ جامعي مرموق في مجال الكيمياء الحيوية، ولكنه ذو وزن زائد للغاية يجعله خجولًا وغير قادر على التعامل بأريحية مع محيطة الاجتماعي. يقرر تناول تركيبة كيميائية تجعله يحظى بالوزن المثالي، ولكن الأمور تسير على غير توقعاته، ليكون عليه التعامل مع التأثيرات الجانبية للتركيبة الكيميائية الخطيرة.
فيلم الأطفال الشهير لا يتوجه فقط لفائقي النحافة وأصحاب القوام الممشوق، من القادرين على محاكاة أبطال الكونغ فو في حركاتهم القتالية الرشيقة للدفاع عن أنفسهم، بل إنه يشتمل على تعريف أوسع لذلك الفن القتالي.
فالكونغ فو هو ممارسة الهدف منها تقوية وتنشيط العقل بقدر ما هو للجسم، ويستخدم عادة لغرس الانضباط داخل نفوس ممارسيه وكذلك كعامل مساعد في تقويم الجسم.
وعلى الرغم من كونه لا يتوفّر على مقومات الجسد الرياضي، فإن بطل الفيلم، بو الباندا المترهل والمبتدئ في فنون الدفاع عن النفس، في تصديه للتنين الشرير؛ يعطينا دليلًا على أن كل شخص بإمكانه فعل أي شيء طالما عمل على تجديد عقله وروحه وجسده.
صار بو الباندا أيقونة طفولية تجتذب الكثيرين حول العالم وتحثهم على الإصرار والتمسك بأحلامهم، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم وصار مفتتحًا لسلسة من الأفلام، حيث عُرض جزء ثانٍ منه في عام 2011 وثالث في 2016، ومن المتوقع امتداد السلسلة إلى 6 أفلام في السنوات القادمة.
وصلت إيرادات الأفلام الثلاثة من "كونغ فو باندا" إلى أكثر من 1.5 مليار دولار، وشارك في بطولتها كل من جاك بلاك وأنجلينا جولي وداستن هوفمان وجاكي شان وجاري أولدمان.
ربما هو فيلم غير معروف للكثيرين ولكنه يقدم مقاربة مؤثرة ولطيفة للمشكلة. هناك الكثير من الأطفال مرّوا بتلك التجربة التي يحكيها الفيلم: أن تكون ذلك الطفل البدين في المدرسة وتتحمل بسبب ذلك تشكيلة من الشتائم ومظاهر السخرية من زملائك. أنجوس، بطل الفيلم، لديه أفضل وسيلة دفاعية أمام تلك الهجمات على الرغم من من رغبته المتواصلة في الابتعاد عنها. لديه أم تهتم لأمره، وجدّ حكيم، على الرغم من طباعه الغريبة، يمنحه أعظم النصائح على الإطلاق.
"علّ عليهم" أو كما يقول الجدّ "Screw ’em"، تصبح الرسالة الكبرى لأي فيلم يتناول فكرة الخجل من الجسد، ونجاعة تلك الاستراتيجية يمكن إرجاعها إلى سهولة معناها وطريقة عملها البسيطة، وهو ما يمكن تتبع نتائجه في الفيلم، حين يحصل أنجوس على فرصته الكبرى لمراقصة أجمل فتيات الفصل، حبيبته السرية، في حفلة مدرسية، وعندها سيستخدم نصائح أفضل أصدقائه للتغلب على خجله المرضي من بدانته.
يتناول الفيلم قصة مجدي (أحمد حلمي)، رسام كاريكاتير يقع في الحب مثل غيره من الشباب، ولكن المشكلة التي يواجهها أنه بدين للغاية ولا يستطيع كبح نفسه أمام الطعام اللذيذ. مجدي تصاحبه البنات ولكنهن لا يحببنه، ويبحث عن قصة حب خاص به، لذلك خوفًا من التحوّل إلى حائط مبكى للصديقات اللاتي يعتبرنه "أخًا"؛ يحاول العاشق البدين التغيير من نفسه والبدء في إنقاص وزنه من أجل الظفر بقلب زميلة الطفولة الجميلة (دنيا سمير غانم) العائدة من السفر.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا يحب الناس الأبطال الخارقين وأفلامهم؟ (2-2)
رغم اقتباسه من أحد الأفلام الكورية، إلا أن الممثل المصري أحمد حلمي استطاع تحقيق النجاح بذلك الفيلم الذي يتعرّض لمشكلة تؤرق الكثير من الشباب المصريين والعرب من ذوي الأوزان الثقيلة وتفرض عليهم الدخول في مناورات مرهقة من أجل الحصول على أشيائهم الأساسية.
نجاح الفيلم في حصد أكثر من 30 مليون جنيه في دور العرض المصرية ربما يعكس نجاحًا جماهيرًا، ولكن بعض الآراء رأت أن الفيلم في مجمله يحمل إهانة لأصحاب الوزن الزائد، بربطه نجاح البطل مهنيًا وعاطفيًا بإنقاص وزنه، وهو ما يتعارض مع ما جاء على لسان بطلة الفيلم من أنه يكفي الإنسان أن يكون متسقًا مع مظهره وشكله سواء كان نحيفًا أو سمينًا.
بعض الرجال يريدون ما لا يمكنهم الحصول عليه، ثم هناك الرجال الذين لا يريدون سوى ما لا يمكنهم الحصول عليه.
هال (جاك بلاك) هو ذلك الرجل متعدد العلاقات النسائية الذي لا يمكن أن تنجح امرأة في احتجازه لديها، ولكن هال، بناء على نصيحة والده الراحل، لا يواعد سوى نساء مثيرات وجميلات على المستوى الخارجي، حتى إن كنّ باردات ويفتقدن للمشاعر.
ثم تتغيّر حياته تمامًا بعد مقابلته أحد العاملين في برامج المساعدة الشخصية، فيقوم بتنويمه مغناطيسيًا ويجعله يرى الجمال الداخلي فقط في البشر. يقابل بعدها روزماري (كيت بلانشيت)، الفتاة الطيبة التي تعاني من سمنة مفرطة، فيفتن بها ولا يستطيع إدراك أنها تبلغ من الوزن أكثر من 130 كغم. مع تقدم الأحداث، واكتشاف هال لحقيقة الأمر، يدرك حقًا ما افتقده لسنوات طويلة أثناء بحثه عن الجمال الخارجي فقط.
هذا الفيلم واحد من أمتع الأفلام التي تعاملت مع مشكلة الخجل من الجسم، وربما يكون ذلك بسبب دخول شركة ديزني كأحد منتجيه. الكوميديا واللحظات الودية والمرح الصاخب التي يحتشد بها الفيلم تقوم على حكاية بسيطة، أبطالها أطفال من ذوي الأوزان الثقيلة يجري اجتذابهم للانضمام إلى مخيم صيفي أنيق يعدهم بفقدان سريع للوزن وقضاء أوقات سعيدة، لتكون المفاجأة بانتظارهم عندما يجدون المخيم عبارة عن حرش غير مهذب يديره مدرب لياقة سابق يعاني من مشاكل نفسية.
في الحقيقة، ربما الفيلم لا يختلف عن الأفلام الأخرى، ولكنه يبتعد في سخريته كثيرًا في محاولته إظهار ما يمكن أن يفعله الخجل من الجسم حقًا وكيف يستشري تأثيره في مكونات الوسط الاجتماعي.
اقرأ/ي أيضًا:
بين فيلمي "معلمة البيانو" و"شيطان النيون".. أن يكون الجمال بداية للرعب