الشعر سؤال الصمت
سر أيها الظلّ بكل الأزقة
كأنك تسير للمرّة الأخيرة
اركض مع الخيل
تسلق النخيل
وقبل القمر
اشرب من النهر
وكن أخضر
افتح أزرار قميصك
وأغمض عينيك
وحلّق بعيدًا مع الطير
ثم عد بي..
هنا حيث عناقٌ النهرين الأبدي
لنرقص ونغني
لا أجيد الرقص ولا الغناء..
لكنني سأفعل ما تخبرني الموسيقى به
أطلق العنان لنفسك أيها المنفيّ
غنّي الحب.. غنّي
عانقني ظلّي.. عانقني
حتّى نغفو تحت شجرة آدم
شجرة إرث أبي
لماذا يحملون البنادق إخوتي؟؟
فكلما حملوا بنادقهم
يعود متعبًا لمنزله
حفّار القبور..
أحلامٌ الأحياء
يرسمها الدخان
المتصاعد من صدورهم
أهوى بذرة في قبر
ويسيل حبر دميّ
ماء النهر أحمر
الغربان تأكلني..
ومن يكترث لدماء ليست زرقاء؟
لا أحد يكترث لدماء الفقراء
لا أحد يكترث لدميّ
كفاك تتسكّع في حقل الموتى
أيها الظلّ تحرر..
ولا تكن كدمى الماريونيت
هل كل الخيوط كخيط العنكبوت؟؟
إن أردت!
انا طفل كبير
دلّني على الطريق
لأبني كوخًا.. فوق الشمس
وألعب حافي القدمين
النهر يبتلع الشمس
سأعوم مع الأسماك بين النجوم
الليل يسرق الظلّ..
قررت ان أجمع كل مصابيح الكون لأنقذ ظليّ
أيمكنني ان أجمع كل المصابيح؟؟
تموت الرياح
وتبكي النوافذ عند هطول المطر
تحت القرط تخفين الشمس..
عيناكِ لون ثياب الجند..
أبحر فيهما بقاربٍ من الرمل
يعم الظلام...
وأغدو غريقًا يتمسك بخيطٍ من الضوء
أطفئ القنديل وسافر!
سأجمع كلّ ضباب الغابات
من حولكِ..
قطراتٌ من الندى
تفيض نهري الجاف
يقيدني الضباب
يا سيدة النصر والهزائم
مالكِ تتمردين
شاربةً كل خضاري
أرى الشر خاضعًا لك
وأرى مسوخًا فوق الموريات
تصطاد الفراشات
وأحلامًا تسبح في الفضاء
يمشي أصحابها
أسرابًا للمجهول
ماء وجوههم يبلل وجه السماء
السر العظيم.. في نهر الجحيم
على جرفه خواتيم تلمع
وصور معشوقاتهم
يشرب النهر ألوانها
هنا تضرم الحكام نيرانها
لتلتهم ألسنتها الذهبية
خرائط أوطانهم بما فيها
ولا شيء يوقف جنون النار
تصبح رمادًا على الطاولة
يفرقها الرياح..
يا سيدة الشؤم
أما سآمتي من قص أجنحة إيروس
اجنح للصلح خرونوس
لتنمو أجنحة إيروس
يا سيدة الظلام والأحلام
اخلعي رداءك الأحمر..
ما نفعك بالنصر والهزائم
امسحي من نهديك الغبار وابتسمي..
كطفلٍ يطيل النظر من ثقب الباب
يسمع لون غناء ملح الأرض
ويرى ثبات خيال المآتة الأبدي
وهي تحترس الطرقات
ويرى عينيّ غراب تحدق
في المقصلة..
أما أنا أقف سنبلةٌ في حقل
قمر الحصاد يكتمل
أدوريّ آتٍ؟؟
يرمقنيّ الأجل
لا هروب في الحقل
جذوري قدماي
والناقوس بيد مجنون
واجمون يرحل المحاربون
وداعك الأخير..
دماءٌ على حجرٍ
يلعقه النسيان
وداع آخر.. دمٌ فوق دمك
رائحة اللحم البشري
تفتح شهية إله الدم
ومن يرفض الرحيل
لا يفكر مرتين..
سيتسلق طريق العودة
بما تبقى من جسده
من يكتشف سر الراحلين في الظلام؟؟
خفافيش الكهف... كوابيسنا
تحت أضلاع
المنزل الخشبية
ظلّ يجلس القرفصاء
حزينًا يبكي..
يطلب من العناكب
أن تصنع له
من خيوطها مشنقة
ابتسامة بيضاء
تيقظ ما تبقى من جسدي
هنا على هذا الكرسي المتحرك
تطلب إحداهن
هل تود الرقص سيدي؟
انتظري حتى تخضر قدماي
أتريد كأس من النبيذ؟
وهل تتسع السماء لأجنحتي؟
في الجنوب الساخن
يولد المحاربون
بالقرب من النهر والنخيل
هنا الريح مستاءة
تشقّ الضوء بأجنحتها
وتمزقٌ الغيوم بمخالبها
تسقط النجوم من مكانها
وتشوه أديم الأرض..
أنا أيضًا ولدت مثلهم
أتسلق النخيل
وأشرب من النهر
لي قدمان نحيفتان
أجوب بهما الطرقات حافيًا
لأجمع ما تبقى من الغيوم
ولي عينان صغيرتان
تضيع بهما الأشياء الكبيرة
ولي جناحان لامعان
أطير بهما في السماء
راقدًا فوق القمر
أعود عند الفجر
لمنزلنا جوار النهر
وأتسلل إلى قارب جدي
مستعيرًا شباك صيده
الريح يهزّ القارب الصغير
الموج يقلع البرعم الصغير
الإعصار يهزّ الأشجار الكبيرة
في الجنوب..
يقف النخيل بثباته الدائم
منتظرًا الطيور المهاجرة
هنا المحاربون يروضون الهواء
أنا أيضًا ولدت مثلهم
أقوم باصطياد النجوم
من وجه الماء
لأعيد ترتيبها في السماء
وقت المساء
في وطني
وقت المغرب
يسّبح المجنون
في النهر
باتجاه الشمس
يحاول إنقاذها
ليوم آخر..
في وطني
يقتطف عبيد السلطة
رؤوسَ الشباب
بعد نضوجها
كالثمار
ولإنّنا في بلاد الرافدين
نزهر من جديدّ
باستمرار
في وطني
المصابيح معطلة
في طريق الثوّار
على نور الشهداء
تسير الاحرار
في وطني
أحمل ضليّ
فوق كتفيّ
كالطفل أو كالحجر
خشية أن يلطخ
بدماء الأبرار
في وطني
الناس تذهب إلى المستشفيات
وتزور القبور
أكثر من الحدائق والمتنزهات
لذا من الصعب اللقاء
فالفرح لا يزور القبور.