04-أغسطس-2024
جنود أميركيون في كوريا الجنوبية

(AFP) جنود أميركيون في دونغدوشيون بكوريا الجنوبية

تنظر الصين بقلقٍ بالغٍ إلى التحركات الأمنية والعسكرية الأخيرة لواشنطن وحلفائها في نطاقاتها الحيوية، لا سيما في بحر الصين الجنوبي ومنطقتيْ المحيطين الهادئ والهندي.

وشملت الترتيبات الأميركية الأخيرة توقيع عددٍ من الاتفاقيات المشتركة مع حلفاء واشنطن في مجال الأمن والدفاع المشترك، بالإضافة لمناورات عسكرية مشتركة بين الفلبين والولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي أُجريت الأربعاء الماضي .

تعزيز المنظومة الأمنية

أقرّ اجتماع كواد الأخير الذي ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، تعزيز التعاون في مجال الأمن البحري والأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب. والتزم الرباعي الأمني بتحقيق ما أسموه "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"، كما التزموا في بيانهم الختامي بـ"الحفاظ على القانون الدولي للنظام البحري القائم على القواعد، بما في ذلك في بحري الصين الشرقي والجنوبي، والمعارضة القوية لأي إجراءاتٍ أحادية الجانب تسعى إلى تغيير الوضع الراهن بالقوة أو الإكراه"، وذلك في إشارة إلى التصدي لتحركات الصين في المنطقة.

شملت الترتيبات الأميركية الأخيرة توقيع عدة اتفاقيات مشتركة مع حلفاء واشنطن في مجال الأمن والدفاع المشترك

قيادة عسكرية جديدة في اليابان

قررت الولايات المتحدة الأميركية، في خطوةٍ جديدة، إرساء قيادةٍ عسكرية جديدة في اليابان. وقد جاء الإعلان عن هذا القرار على هامش المحادثات التي دارت بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن مع نظيريهما اليابانيين يوكو كاميكاوا ومينورو كيهارا في طوكيو ضمن صيغة ما يعرف بين البلدين بـ"2 + 2".

وفي العاصمة اليابانية طوكيو أيضًا، عُقد اجتماعٌ ثلاثي على مستوى وزراء دفاع كل من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. وقد التزم الثلاثي في اختتامه بـ: "تعزيز التعاون لردع التهديدات النووية والصاروخية من كوريا الشمالية"، كما وقع الثلاثي معاهدةً أمنيةً أقرّت: "إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون الأمني بين سلطات الدفاع الخاصة بالبلدان الثلاثة، بما في ذلك المشاورات السياسية على مستوى كبار المسؤولين وتبادل المعلومات والتدريبات الثلاثية والتعاون في مجال الدفاع".

وعلى مستوى التصريحات، قال قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية، الجنرال بول لاكاميرا، إن التهديدات التي تواجهها كوريا الجنوبية تمتد إلى ما هو أبعد من بيونغ يانغ، في إشارة إلى التهديد الصيني، وذلك في رده على سؤالٍ حول الدعوات المتزايدة في واشنطن للقوات الأميركية المنتشرة في كوريا الجنوبية لتحويل تركيزها على التهديدات الصينية المحتملة، مؤكّدًا في معرض إجابته أنّ "معاهدة الدفاع المشترك لعام 1953 بين الحلفاء لم تحدد خصمًا واحدًا"، ومشددًا على أن القوات الأميركية" "مستعدة للدفاع عن كوريا الجنوبية ضد جميع التهديدات".

وتأتي هذه التصريحات، حسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنيغ بوست"، وسط: "تزايد السرديات في واشنطن حول دور سول في معالجة ليس فقط التهديدات من كوريا الشمالية ولكن أيضًا التحديات العالمية الأخرى".

مناورات مانيلا وواشنطن

نظمت الولايات المتحدة الأميركية والفلبين، الأربعاء الماضي، مناورات عسكرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي أُجريت، بحسب صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الصينية، داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين. وشملت، بحسب المصادر الصينية، سفينتين، وصُممت لتعزيز الاتصالات والتنسيق العملياتي بين البحريتين. وأضافت المصادر الصينية أن هدف واشنطن من المناورات هو" "تشديد قبضتها على مانيلا وتجنّب الموقف الذي تنحرف فيه السياسات الفلبينية بشأن بحر الصين الجنوبي عن استراتيجيات ومصالح الولايات المتحدة".

الصين تتّهم وتُحذّر

اعتبرت الصين أنّ اجتماع الرباعية الأمنية ضمن صيغة كواد: "يخلق التوترات من خلال تضخيم التهديد الصيني في بحر الصين الجنوبي"، ووصفت ذلك بأنه: "طريقة أميركية نموذجية لإثارة القلق الأمني، لجعل بعض الدول الإقليمية تعتمد بشكل أكبر على الكتلة التي تقودها الولايات المتحدة".

يعتقد الصينيون أن واشنطن تستغل النزاعات الحدودية بين الصين وجيرانها لجرّ دول الجوار إلى حلفها بما ينسجم مع توسيع مظلتها الأمنية في المنطقة

وتعليقًا على المخاوف الصينية، قال المختص في الشأن الآسيوي في "معهد فودان للدراسات والأبحاث"، جينغ وي، إن الصين: "تتابع بقلق التطورات التي تستهدفها بصورة مباشرة"، مؤكدًا أن بكين: "كانت العنوان الأبرز في جميع الاجتماعات التي عقدها وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان مع حلفائهما في المنطقة خلال الأيام الماضية، والتي تمخضت عن ترتيبات أمنية مرتبطة بمفهوم الدفاع المشترك".

ويعتقد المحللون الصينييون - بما في ذلك الموقف الصيني الرسمي - أنّ الولايات المتحدة: "تستغل النزاعات الحدودية بين الصين وجيرانها لضرب إسفين في العلاقات وجرّ دول الجوار إلى حلفها بما ينسجم مع توسيع مظلتها الأمنية في المنطقة".

وفي سبيل تحقيق ذلك، تعمل واشنطن، حسب جينغ وي، على تضخيم التهديدات الصينية مثلما تفعل مع إيران في الشرق الأوسط، للإبقاء على هيمنتها ونفوذها في المنطقة.

وتابع الباحث الصيني قائلًا: "ليس من المستغرب أن تأتي المناورات العسكرية المشتركة بين مانيلا وواشنطن في بحر الصين الجنوبي بعد وقتٍ قصير من توصل الصين إلى اتفاق مؤقت مع الفلبين بشأن إدارة الوضع في شعاب ريناي جياو في بحر الصين الجنوبي في 22 تموز/يوليو المنصرم".

وكانت الفلبين قد أكملت مهمة إعادة الإمداد في ريناي جياو تحت إشراف خفر السواحل الصيني في 27 تموز/يوليو الماضي بعد الاتفاق بينهما.